رقبة المرشد.. والحلول الوسط - محمد عصمت - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رقبة المرشد.. والحلول الوسط

نشر فى : الثلاثاء 24 يونيو 2014 - 5:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 يونيو 2014 - 5:35 ص

حتى لو وافق مفتى الجمهورية على تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق 182 إخوانيا من بينهم المرشد محمد بديع، فى قضية اقتحام مركز شرطة العدوة بمحافظة المنيا، فإن تنفيذ الحكم فعلا ولف حبل المشنقة حول رقبة المرشد ورفاقه، سيكون مفاجأة من العيار الثقيل، لأن التكلفة السياسية لهذا الإعدام ستكون باهظة، ستضع النظام الجديد فى مصر فى مواجهة عاصفة من الانتقادات الغربية التى ربما تصاحبها عقوبات اقتصادية وسياسية قاسية، وقد كانت زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أمس الأول للقاهرة لتعبر - بحسب مسئول أمريكى كبير – عن قلق واشنطن مما أسماه «قمع المعارضين ففى مصر والتوسع فى أحكام الإعدام بحق الإخوان المسلمين» !

كما سيشعل تنفيذ الحكم بالإعدام معارك دبلوماسية وسياسية عارمة، سيخوضها النظام فى مصر مع منظمات سياسية وحقوقية، سوف تستغلها العناصر المرتبطة بالإخوان فى تسميم علاقات القاهرة مع الكثير من دول العالم، على رأسها الدول الغربية، فى وقت نجح فيه هذا النظام فى تثبيت أركان شرعيته خارجيا، خاصة بعد استعادة مصر موقعها فى الاتحاد الأفريقى، بعد تعليق عضويتها فيه عقب أحداث رابعة وإزاحة الرئيس الاخوانى محمد مرسى.

وعلى المستوى الداخلى، فسوف تزداد بالتأكيد معدلات العنف والعمليات الإرهابية، التى ستنعكس سلبا على الاستقرار السياسى، وهو ما يضع كل خطط الحكومة لحل الأزمات الاقتصادية فى مهب الريح، او على الأقل سيقلل من وتيرة هذا الحل إلى حد كبير..

وإذا كان الدستور الجديد فى مادته رقم 155 يعطى الحق لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء فى العفو عن العقوبة أو تخفيفها، على ألا يكون العفو الشامل إلا بقانون يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، فإن لجوء السيسى لهذا الحق الدستورى ربما يخفف من الضغوط الدولية عليه، ويقلل من مستويات العنف المتوقعة من التيارات المتطرفة، إلا أنه سوف يثير الكثير من الاسئلة الصعبة حول مدى احترام السلطة التنفيذية لأحكام القضاء، وجديتها فى تنفيذ أحكامه، وسوف يفتح الباب واسعا أمام الأقاويل حول تسييس القضاء، وهيمنة السلطة التنفيذية على العدالة، خاصة ان هذا النص الدستورى لم يضع شروطا ومحددات من أى نوع لاستخدام الرئيس حقه الدستورى فى العفو عن المتهمين بعقوبات جنائية، سوى أخذ رأى مجلس الوزراء، وموافقة أغلبية البرلمان، دون ان يحدد النص طبيعة الجرائم التى ارتكبها المتمتعون بعفو الرئيس.

وعلى المستوى السياسى، سوف تثار تساؤلات صعبة حول مدى «صلابة» النظام الجديد فى مواجهاته مع مافيا الإخوان، وحول شرعيته الأخلاقية بخضوعه لابتزاز حلفاء الاخوان فى الغرب، وحول جديته فى استعادة هيبة الدولة التى مرمغت مافيا الإخوان سمعتها فى الوحل خاصة خلال سنة حكمهم السوداء لمصر !

أغلب ظنى أن الرئيس السيسى سيلجأ للحلول الوسط، بإقدامه على تخفيف الحكم بالإعدام إلى السجن المؤبد، مع إغلاق ملف المصالحة مع حمائم الإخوان إلى الأبد، والاستمرار فى الملاحقات القانونية والأمنية مع صقورهم وغربانهم واحدا وراء الآخر من الذين تلوثت أيديهم بالدماء، بحسب التعبير الرسمى !

أما الخطوة الأهم التى ينبغى ان يتخذها السيسى فى المواجهة مع الإخوان، فترتبط بتوسيع دائرة الحريات السياسية لأقصى الحدود، وإعلاء قيم دولة القانون التى تحفظ كرامة كل المصريين، وتوفر لفقرائهم ومحدودى الدخل منهم الحياة الانسانية الكريمة.. وهى امور إن لم تدمى قلوب مافيا الإخوان غيظا، فسوف تكشف بالتأكيد زيفهم وأكاذيبهم وتجارتهم بالدين، وضحالة ما قدموه من فكر وومارسة فى العقل السياسى المصرى.

محمد عصمت كاتب صحفي