احترام المهنية أساس التقدم - جورج إسحق - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احترام المهنية أساس التقدم

نشر فى : الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 9:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 9:35 ص

مصر المحروسة دولة قديمة فى المنطقة وذات وزن وثقل فى محيطها دفعنا فى سبيل قيامها الجهد العظيم. هذه الدولة صنعت وقدمت لمحيطها قوى مهنية عالية المستوى وذلك بإرسال المعلمين والأطباء وواضعى الدساتير. وهذا أكبر دليل على أن مصر مليئة بالكفاءات المتعددة فى المجالات المختلفة. وللأسف لا يستفاد بهذه الكفاءات ونترك المسألة للاجتهاد الشخصى فى زمن العلم الذى أصبح سيد الموقف فى جميع المجالات. وفى زمن أصبح ضروريا فيه تطبيق مفهوم دراسة الجدوى فى المشاريع المختلفة بدراسات عميقة وعلمية من مهنيين محترفين.
فى هذا المناخ المهنية تعد تنفيذ المهام التابعة للمسمى الوظيفى بكفاءة عالية، وأداء التزامات المهنة تجاه جميع الأطراف المعنية بشكل احترافى تقنى عالى الجودة. فالشخص الذى يقوم بذلك يطلق عليه لفظ مهنى أو محترف وهو أن يتجاوز المهنية ليصل إلى مرتبة الاحتراف فى عمله.
والمهنية هنا معيار أى إنها لابد أن تكون معيارا فى الاختيار الوظيفى أى إننا لابد أن نختار حسب مهنية الفرد فى الوظيفة واحترافه فى العمل ونوات خبرته ولا يكون الاختيار تبع الهوا والمصالح الشخصية وأهل الثقة كما هو شائع أخيرا للأسف فى كثير من المجالات لذلك دائما ما نصطدم بدوائر وحالات من الفشل ممكن تجنبها.
فإلى جانب العادات المهنية المهمة والمهارات وغيرها من عناصر النجاح فى الحياة المهنية فى الشرق الأوسط، يعتقد 95,6٪ من المشاركين أن عائلاتهم كانت أحد أهم أسباب نجاحهم المهنى.
***
وفى مصر لابد أن نقف عند أكثر المشكلات التى تجعلنا لا نصل للمهنية إلا نادرا وهو نظام التعليم فى مصر الذى ينتج عنه خريجو جامعات لا يعلمون شيئا عن مجال تخصصهم من الأساس. والعمل فى مجالات مختلفة عن تخصصهم والأمثلة على ذلك كثيرة.
والمهنية ترتبط بعلاقة وطيدة بالانضباط الذاتى، فالشخص المهنى هو منضبط ذاتيا فى الشارع أو فى المنزل أو فى مكان العمل.
يعرف الانضباط الذاتى على أنه ضبط النفس والسيطرة عليها، والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة بغض النظر عن العواطف والمشاعر، والانضباط الذاتى هو إحدى أهم أدوات التنمية الشخصية المهنية المتوفرة لدى الشخص والتى تساعد على القيام بأشياء كثيرة جيدة والتخلى فى نفس الوقت عن أشياء وعادات أخرى سيئة.
ويتم عمل ذلك من خلال وضع موانع وروادع لأنفسنا تكون طواعية وعن قناعة ذاتية للحفاظ على السلوك الجيد، وهو ما يعرف بالضوابط الذاتية التى من دونها لا يمكن للفرد أن يكون قائدا أو مديرا.
ويوجد فرق كبير بين الانضباط الذاتى والانضباط العام، لان الانضباط العام تحكمه القوانين ولكن للاسف ايضا يتم تجاهلها من قبل من يعانون من انعدام الانضباط مثل الالتزام بإشارات المرور وأماكن التدخين والحريات الشخصية وعدم التعدى على الآخرين والحفاظ على نظافة الشارع والمكان بصفة عامة، أما الانضباط الذاتى فلا تحكمه قوانين ولكن تحكمه رغبة الانسان فى أن يكون شخصا ناجحا فى الحياة. ونحن هنا نعانى من انعدام الانضباط سواء كان عاما أم ذاتيا وهذا ما ينعكس على انعدام العمل بمهنية أو احترافية.
***
للأسف تحكمنا العلاقات الشخصية والأهواء وأهل الثقة فى التعيينات الحكومية واختيار المسئولين أو حتى مسابقات العمل فلا نجد أبدا مقولة «الرجل المناسب فى المكان المناسب» بل على العكس إطلاقا ويسبب هذا فشل وانهيار منظومات، مواطنين يموتون بسبب الإهمال الطبى كما حدث فى ديرب نجم الأيام الماضية فى وحدة الغسيل الكلوى وآخرون يموتون بسبب فساد الأبنية فنجد بين شهر وآخر انهيار عمارات كاملة على قاطنيها، حوادث طرق وسكة حديد حدث ولا حرج. حوادث تسمم فى المدارس والمطاعم..
الإهمال هو مضاد للمهنية، وانعدام المهنية فى مؤسسات الدولة والمنظومة الإدارية والحكومية فى مصر جعل انتشار الإهمال شيئا عاديا وطبيعيا ودفع الأرواح نتيجة الاهمال مسلسل يومى نشهده جميعا لا ينقطع ولا يكون له وقفة للحد منه.
وعلى صعيد آخر نجد أن النماذج المهنية الاحترافية الناجحة لم تكن مصر مصنعا لها ولا مستثمرا لخبرتهم ومهارتهم إلا ما ندر ولهم فى عديد من النماذج فى مختلف المجلات خير شاهد ودليل.
نسمع كثيرا عن الحوكمة وهى كلمة نريد لها مدلولا على أرض الواقع، نريد كفاءات مدربة تدريبا عالى الجودة وليس كما يحدث الآن فى التدريب بصفة عامة.
***
أنا أفضل أن يكون هناك نسبة لا تزيد عن 10 % من المهنيين فائقى المستوى عن الكم الهائل الذى يتحدثون عنه مثل إعداد 1000 محترف كرة قدم، فهذا الكلام لا يليق فى وقت الجد.
نحن نتطلع إلى دولة ديمقراطية حديثة بكل معنى الكلمة.
فهل حان الوقت إلى التدقيق فى اختيار رجال الإدارة فى مصر وليس أهل الثقة لأن هذا المفهوم عفا عليه الزمن ويجب استبداله بوضع معايير دقيقة لاختيار الأكفأ؟ هل نستطيع أن نرى كفاءات مثل مجدى يعقوب ومحمد غنيم؟ هل ممكن أن تتكرر هذه النماذج.
نعم ممكن ولكن بمزيد من الإيمان بالعلم والمعايير المهنية المحترمة والتروى فى اختيار من يقوم بالعمل الإدارى بشكل علمى وخاصة أننا لدينا من المؤسسات التى تستطيع تقديم هذه المشورة ولديها كل البيانات عن كل القوى المهنية العظيمة فى مصر، والدراسات متوفرة من خلال مجالس متخصصة كثيرة. وأخيرا نتمنى أن نرشد المهنية وأن نعتبرها هى المعيار الأول فى الاختيار حتى نستطيع بناء الدولة الحديثة التى نتمناها.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات