دوامة الدم - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دوامة الدم

نشر فى : الأحد 26 أبريل 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : الأحد 26 أبريل 2015 - 9:40 ص

فى ليلة من ليالى أغسطس عام 1990، أوقف مجهولون بشارع ترسا بحى الهرم المحامى علاء محيى الدين، المتحدث الإعلامى للجماعة الإسلامية حينها، وأطلق أحدهم النار عليه ليسقط قتيلا غارقا فى دمائه.

حادث القتل الغامض أدخل مصر فى دوامة من الدم، فالجماعة التى اتهمت أجهزة الأمن بقتل متحدثها الإعلامى، ردت على العملية، ونفذت فى نهار الجمعة 12 نوفمبر عملية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب ـ حينها ـ، أمام فندق شبرد بجاردن سيتى، لتتصاعد عمليات العنف، وينتج عن الدم دم جديد، وأصبح دافع الانتقام بين الدولة والجماعة هو المسيطر على مشهد التسعينيات.

الدولة أسندت ملف العنف الأصولى إلى الجهاز الأمنى، الذى أصبح جزءا من المشكلة، وطرفا فى معادلة الانتقام، وتحت وطأة الضربات الأمنية رفعت الجماعة الاسلامية الراية البيضاء، وأعلنت مبادرتها لوقف العنف عام 1997، ثم شرعت فى إجراء مراجعات فقهية لمسيرة السلاح، خرجت المراجعات من السجون برعاية أمنية، وخرج معها الآلاف من أبناء الجماعة، ثم لحق بهم أعضاء تنظيم الجهاد بعد توقيعهم على وثيقة «ترشيد العمل الجهادى»، التى صاغها منظر التنظيم الدكتور سيد إمام.

لم تصمد مراجعات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد طويلا، وسقطت فى أول اختبار، فعدد كبير من أعضاء التنظيمين داسوا على أوراق المراجعات بأقدامهم فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة عقب سقوط الرئيس الإخوانى محمد مرسى، واستعادوا ذاكرة المواجهة مع الدولة، لتبدأ مصر موجة جديدة من موجات العنف، لكنها ستصل إلى مدى أبعد مما وصلت إليه فى تسعينيات القرن الماضى، حيث تصدر مشهد حمل السلاح حينها تنظيمات محدودة العدد «الجهاد والجماعة الإسلامية»، وبعض المجموعات المنشقة عنهما. الآن انضمت جماعة الإخوان ـ أكبر التنظيمات الأصولية عددا، وأكبرها تمويلا ـ إلى دوامة الدم الجديدة، فمنذ أزاحتهم من السلطة فى 30 يونيو 2013، أصبح هدف واضعى الخطط الاستراتيجية لعمل الجماعة هو ضرب استقرار الدولة، ونشر الفوضى، وهز ثقة المواطن فى النظام الذى وعده بتحقيق الأمن.

تعامل دولة يونيو مع ملف الإرهاب، لم يختلف كثيرا عن الإجراءات التى اتخذتها دولة مبارك على مدى عقود لحصاره، فالأمن يطغى على السياسة، والمواجهات البوليسية قوضت كل محاولات تفكيك الأزمة واقتلاعها من جذورها.

إعلان ما يسمى بحركة «كتيبة الإعدام ــ مجموعة الشهيد كريم حمدى»، تبنيها مقتل رئيس مباحث قسم المطرية السابق العقيد وائل طاحون، الذى سقط بعد إطلاق النار عليه منتصف الأسبوع الماضى، ثأرا لمقتل المحامى الإخوانى كريم حمدى داخل قسم المطرية نهاية فبراير الماضى، ينذر بدخولنا إلى دوامة جديدة من الدماء.

الحركة الجديدة التى قالت قيادات الأمن إنها تنتمى إلى جماعة الإخوان، توعدت ببدء سلسلة اغتيالات وصفوها بـ«عمليات ثأرية موسعة»، ضد ضباط وأمناء الشرطة، ادعوا أنهم متورطون فى عمليات قتل وتعذيب.

ملابسات مقتل المحامى علاء محيى الدين، المتحدث الإسلامى للجماعة الإسلامية، مطلع التسعينيات من القرن الماضى، تختلف قليلا عن مقتل المحامى الإخوانى كريم حمدى، الذى مات جراء تعذيب أثناء جلسات التحقيق معه فى قسم المطرية فى فبراير الماضى، لكن النتائج لن تختلف، فعجلة العنف لن تتوقف، والانتقام أعمى سيحصد فى طريقه عشرات الأرواح.

فهل ستبحث الدولة عن آليات جديدة؟.. أم أنها ستكتفى بأجندة مبارك وأجهزته؟

 

Saadlib75@gmail.com

التعليقات