الاحتكاك قد يقود لمجازر قريبًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 2:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاحتكاك قد يقود لمجازر قريبًا

نشر فى : الأحد 26 أغسطس 2012 - 7:35 ص | آخر تحديث : الأحد 26 أغسطس 2012 - 7:35 ص

فى التاسعة مساء الخميس الماضى وقبل قليل من نهاية وقفة المبدعين احتجاجا على التضييق على الحريات بميدان طلعت حرب دخل بعض الحاضرين فى نقاش هادئ تحول إلى ساخن، المحتجون هتفوا «يسقط يسقط حكم المرشد»، وفجأة بدأت مجموعة تبتعد قليلا وتهتف «مرسى مرسى».

 

وبدأ كل فريق يرفع صوته لأعلى درجة ممكنة معتقدا أنه كلما علا صوته كلما انتصر فى هذه المعركة المصيرية، ولأن الصوت وحده لا يكفى فقد بدأ الفريقان يقتربان من بعضهما البعض ليحسما المعركة بالأيدى بعد أن عجزت الحناجر.

 

الواقعة شهدتها بنفسى ولولا تدخل بعض العقلاء لحدث ما لا يحمد عقباه.

 

وإلى أن تتمكن أجهزة الأمن من تنظيم المظاهرات نسأل سؤالا بريئا لكل القوى السياسية وهو: ما الذى يدفع مجموعة من أنصار الإخوان إلى الذهاب لمسيرة تندد بحكم الإخوان، وبالمثل ما الذى يدفع مجموعة من الليبراليين إلى الذهاب إلى مسيرة إخوانية تندد بآراء وأفكار الليبراليين؟.

 

لسنا فى أوروبا حتى يتقابل المختلفون فى الرأى فى ميدان واحد.

 

يحدث ذلك داخل البرلمانات والمؤتمرات وبرامج التوك شو لأن عدد المشاركين قليل ووعيهم السياسى مرتفع واحيانا يحدث الصدام بينهما.

 

فى المظاهرات ليس من الحكمة أن أذهب إلى ساحة التظاهر لأقنع المشاركين بخطأ أفكارهم.

 

الأمر يشبه تماما أن يذهب مشجع زملكاوى مثالى وأعزل إلى مدرجات جمهور الأهلى أثناء لقاء الفريقين ليقنعهم بأن فريقهم يفوز أحيانا بالحظ أو ببركة بعض الحكام، وتكون النتيجة أن ينال هذا المشجع علقة قد لا تبقيه على قيد الحياة، والعكس صحيح تماما.

 

غالبية المشاركين فى أى مظاهرة يذهبون إليها لانهم حسموا انتماءاتهم، وليسوا مستعدين لسماع رأى مخالف.

 

الافضل ان يطلب حزب الحرية والعدالة وسائر الاحزاب من أنصارهم عدم الذهاب لمظاهرات الطرف الاخر. قد يمكن تقبل النقاش بين المختلفين فى الرأى داخل ميدان التحرير فى الأوقات العادية أى تلك التى ليس فيها مظاهرات، أما أثناء المسيرة أو الاعتصام فلا ينصح بذلك مطلقا.

 

ليذهب أنصار أى حزب أو تيار أو حركة ليتظاهر سلما فى أى مكان يختاره، يهتف ويرفع مطالبه ثم ينصرف مثلما يحدث لمشجعى كرة القدم، أنصار الفريق الآخر يمكنهم تنظيم مسيرة مضادة فى مكان آخر مختلف تماما.

 

أما أن يلتقى الفريقان فى مكان واحد، فتلك هى الوصفة السحرية لحدوث مجزرة.

 

فى أثناء المسيرات والتجمعات الحاشدة لا يمكن السيطرة على كل المشاركين فيها، والمؤكد أن بينهم مخبر وحرامى ومندس، والكثير من حسنى النية.

 

قد يختلف اثنان على سعر ثمن زجاجة مياه غازية، يتشاجران، يعلو صوتهما، يشتبكان بالأيدى، وبعدها يسيح الدم، وقد لا نعدم وجود متآمر أو طرف ثالث يريد أن يشعل فتيل معركة ويكفيه أن يطعن متظاهرا بسكين أو يطلق رصاصة طائشة فتقتل شخصا وبعدها تبدأ المذبحة.

 

عندما كنت طالبا فى الجامعة منتصف الثمانينيات كنت أحضر ندوة الأربعاء التى ينظمها حزب التجمع، وكانت الملاحظة أن بعض أعضاء أو أنصار الإخوان يحضرونها بصفة منتظمة لمحاولة إقناع أعضاء التجمع بخطأ أفكارهم وتوجهاتهم، ودعوتهم إلى تبنى نموذج الاقتصاد الإسلامى.

 

وإذا كان هؤلاء قد فشلوا فى إقناع التجمع أو غيره بتغيير أفكارهم من خلال مؤتمر فى قاعة مغلقة فهل يعتقدون أنهم سيغيرون من أفكار مجموعة من المثقفين تعارض أفكار الإخوان أثناء مظاهرة؟!.

 

ليتظاهر كل طرف فى مكان محدد وبعيدا عن الآخر، ويكون الفيصل هو القدرة على الحشد والتنظيم، ثم وهذا هو الأهم صندوق الانتخابات.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي