سؤال فى العدالة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سؤال فى العدالة

نشر فى : الخميس 29 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 29 أغسطس 2013 - 8:00 ص

كتبت كثيرًا عن العدالة فى الأيام الماضية، وقد علق السادة القراء المحترمون بالكثير من الآراء التى تكشف انشغال قطاعات كبيرة من المواطنين بفكرة العدالة بشكل عام، وبالعدالة داخل المؤسسة القضائية بشكل خاص، كما تطرق البعض منهم لمعايير اختيار السادة القضاة، قبل أن يعتلوا منصاتهم، وجميعها آراء سديدة جديرة بالمناقشة والحوار، إلا أننى توقفت عند رسالة خاصة من القارئ الكريم هشام الشحات والتى أعتقد أنها تتجاوز فكرة العدالة فى المنظومة القضائية، إلى فكرة العدالة الاجتماعية بمفهومها الواسع، والتى أحسب أنها كانت فى مقدمة تطلعات الشباب الذى أطلق ثورة ٢٥ يناير، يقول القارئ الكريم فى رسالته : « هل إذا علمت أن فلاحا شريفا لايستحل عود الذرة من حقل جاره ويتمحص الحلال فى صغائر الأمور على الرغم من أنه يعيش على الكفاف.. وهذا الكفاف يجعله أغنى الناس.. هل إذا بلغك أن ابن هذا الفلاح حصل على تقدير امتياز فى ليسانس الحقوق وزميله ابن القاضى حصل على تقدير مقبول أو حتى جيد جدًا.. ثم لم يعين ابن الفلاح وعين ابن القاضى بحجة أنه من بيئة قضائية.. هل ستجعل هذه القضية بالنسبة لك هى قضية حياتك التى ستوقف عليها زاويتك الصحفية؟إن فعلتها فستكون أنت بمفردك مليونية ثورية هى الأنجح فى التاريخ المصرى الحديث.. لأن تعديل كفتى الميزان المعوج فى ربوع مصر هو الضامن الحقيقى للسلم الاجتماعى والأمن القومى. افعلها وستجنى ثمارها على المستويين العائلى والإنسانى».

هذا هو نص الرسالة، لم أحذف منها شيئا، وتركتها كما هى كى أنقل لعموم القراء مشاعر أبناء هذا الوطن تجاه الإحساس بالظلم، لأسباب اجتماعية، أعتقد أن ماكتبه السيد/ هشام الشحات إشارة واضحة للظلم الذى يشعر به الشباب فى مواجهة الحصول على فرص العمل، خاصة فى مثل هذه الجهات، وهو الظلم الذى دفع الكثير منهم لليأس فى العثور على مكان أو مكانة يستحقها فى بلاده، والمؤلم أن ما يطرحه القارئ الكريم، كان أحد أهم أسباب قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، التى جاءت لترفع الظلم عن الطبقات الفقيرة، ولتعمل على المساواة بين جميع المواطنين، ومن الواضح أن مسار ثورة يوليو انحرف عن مساره مبكرًا، وعدنا من جديد لنسأل: هل يتساوى الجميع فى شغل الوظائف، مما يعنى أن الأزمة تجددت وتفاقمت، ولعلنا نذكر طالب المحلة الذى تم رفض تعيينه بوزارة الخارجية لوضعه الاجتماعى مما دفعه للانتحار، وقد ذهب بعض المحللين إلى أن هذه الواقعة ـ وحدها ـ ساهمت كثيرًا فى تأجيج مشاعر الشباب الذى انتهى غضبهم بثورة على النظام الذى سمح بذلك.

أشارك القارئ الكريم، كما طالب فى رسالته، أن هذه بالفعل قضية عمر لأى باحث عن الحق، وأزيد عليه، بأن تلك القضية على وجه التحديد كافية لإسقاط أى نظام يصل إلى السلطة، خاصة إذا كان فعلا ابن فلاح بسيط، وضاع حقه من أجل ابن قاض يفترض فيه العدالة.. فالثورة لا تعنى سوى تحقيق العدالة والمساواة.. وأعتقد أن يأخذ المتفوق حقه من بديهيات العدالة التى فعلا ستضمن السلم الاجتماعى والأمن القومى كما يقول القارئ الكريم.

إن ذلك سؤال فى العدالة على الدولة أن تجيب عليه عمليا فيما تشرعه من قوانين وفيما تطبقه من لوائح، وعليها أيضا أن تجيب على السؤال بشفافية وعلانية كاملتين حتى تطمئن قلوب الشباب الحائرين اليائسين الغاضبين، وحتى يعلم كل منهم أنه لم يشغل الوظيفة الفلانية أو استبعد من العمل فى الجهة العلانية كان حقا وصدقا، لأن من الظلم أيضا أن نستبعد ابن القاضى من وظيفة يرغبها ويستحقها بسبب وظيفة والده.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات