العالم الافتراضى للحكومة - محمد مكى - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 2:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العالم الافتراضى للحكومة

نشر فى : السبت 29 أكتوبر 2016 - 11:20 م | آخر تحديث : السبت 29 أكتوبر 2016 - 11:20 م
نسمع من سنين عن العالم الافتراضى مع ثورة الاتصالات الكبرى، والتواصل عبر الشبكات المختلفة، ما تفعله حكومة شريف إسماعيل فى الأسعار جعلنا نشعر أنها فى عالم مماثل، متجاهلة ما على أرض الواقع، 7 جنيهات سعر السكر الرسمى وفى السوق الموازى 12 جنيها إن وجد، و8.88 جنيه سعر الدولار الرسمى وفى السوق الموازى ما يقارب 17جنيها لو موجود، وفى الأرز وباقى السلع على اختلاف أهميتها ينطبق عليها نفس الحال، وحكومة إسماعيل تخرج يوميا تتحدث عن أسعار فى خيالها هى فقط، ومواطن يكتوى يوميا بأسعار فاقت قدراته ولا يعلم المقبل فى ظل خطاب متكرر يطالب بربط الحزام والبطون وشعار الأشد لم يأتِ بعد، ونتحمل علشان نعيش بكرامة، ولا أدرى معنى الكرامة التى تؤدى إلى الفقر والشقاق الاجتماعى، وتنسى أن «الفاروق عمر» أوقف عقوبة السرقة فى عام المجاعة، والتى نتمنى ألا نصل اليها.

إجراءات الحكومة التى تتحدث كل ساعة عن التقشف لا التحفيز، وتتهم الإعلام بأنه سبب كل الخطايا، لن تبنى وطنا، خاصة أن أفراده كان يأملون أن توفر لهم دولة ما بعد 30 يونيو ماهو أكثر من ــ عبوة أو كرتونة ــ سلع تسدد رمق البطون، فهو دور جمعيات خيرية ومؤسسات اجتماعية وحتى أفراد، وليس دور دولة وعدت بالتغير والتصحيح ودينها الخارجى زاد نحو 8 مليارات دولار فى عام واحد ودين محلى فى مستوى غير مسبوق.

من يسمع الخطاب المتكرر يتأكد أن «المخرج» غير موجود أو فى عالمه الافتراضى، فالحكومة تفعل وتتراجع فى نفس الوقت، اقتحمت شركات تعتمد بشكل أساسى على السكر وصادرته، ثم أعادته بعد يومين بعد شكاوى المستثمرين، تتحدث عن تسعيرة جبرية واقتصادها فى الدستور«حر منضبط» تطالب بتقشف وعندها طابور من المستشارين معظمهم غير مفيد، لا تخاف من زيادة الدين الخارجى رغم زيادته نحو 2% من اجمالى الناتج الإجمالى كان 15، ووصل إلى 17% فى يونيو الماضى، ومتوقع فى حالة الحصول على قرض صندوق النقد الدولى أن يصل إلى 25% وشريف إسماعيل يراه فى مرحلة الأمان.

الحكومة تبرر ما يحدث من ارتفاع فى الأسعار بسبب استيراد 90% من الاحتياجات، وأننا مجتمع لا ينتج، وأنها سوف توقف الاستيراد لدعم الصناعة الوطنية والحفاظ على العملة الصعبة، لكن على أرض الواقع تجد ما تم توفيره من قيمة الاستيراد أقل من 10 مليارات دولار، رغم كل الإجراءات، التى كان جوهرها «المنع»، وما كان مستهدفا من تقليل الفاتورة التى تصل إلى نحو 80 مليار دولار لم يتحقق. وأزمة السكر قد تتكرر فى سلع أخرى والضوء فى نهاية النفق بتعبير إسماعيل.

المنع والتقشف والمصادرة ليست حلولا اقتصادية فى العالم الجديد، بل التحفيز والانفتاح وقبلهم سياسة رشيدة وتصفير المشكلات الداخلية والخارجية، والأخيرة هى ما تحقق الوفرة من العملة الصعبة سواء من خلال استثمار أجنبى أو سياحة أو تحويلات من الخارج، والثلاثة فى مصر داخل مرحلة الإنعاش إن لم يكونوا وصلوا إلى الموت.

لو سألت أى مستثمر محلى عن المستقبل يقول إننا فى حالة تجميد وتوقف، والسبب الخوف من المقبل المجهول، والمؤسسات التى تمنح متوقفة وتعمل بشكل روتينى، فى الوقت الذى يحتاج فيه البلد إلى مقاتلين، وليست أيادى مرتعشة. أما الأجنبى فإنه لا يأتى طالما يجد الخطاب وعكسه.
التعليقات