فى مسألة الأيام والسنين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مسألة الأيام والسنين

نشر فى : الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 - 11:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 - 11:20 م

النهارده الأربعاء أول يوم فى السنة الميلادية الجديدة ٢٠٢٠. لا أؤمن كثيرا بمسألة اختلاف السنوات بعضها عن بعض، أو أن هذه السنة أفضل من غيرها، أو العكس، ولا أؤمن بنظرة البعض، بتفضيل يوم عن آخر!
الأيام والأسابيع والشهور والسنوات هى نتاج أعمالنا خيرا أو شرا، وبالتالى فإن تعليق فشلنا أو تقصيرنا أو إهمالنا على الأيام، هو عملية هروب مكشوفة، ثم إن محاولة تصوير سنة على أنها جيدة أو سيئة، مسألة غير علمية بالمرة، لأن الأيام متداخلة بعضها البعض، وما يمكن اعتباره حدثا مهما فى سنة معينة، قد يكون بدأ بالأساس فى السنة التى سبقتها أو اكتمل فى السنة التى تليها.
الزمن محايد تماما، ونحن نصبغه ونلونه بأعمالنا وأفعالنا ومواقفنا ومشاعرنا. وبالتالى فإن ما يفعله بعضنا على صفحات السوشيال ميديا، ينتمى فقط إلى عالم الخرافات !!
أصدقاء كثيرون يكتبون على صفحاتهم أن يوم «الثلاثاء» يوم نحس وصعب وسيئ!!! لا أعرف من الذى بدأ هذه التقليعة الغريبة، لكنها انتشرت كالنار فى الهشيم، صدقها البعض، وبدأ يكررها، حتى اعتقد البعض أنها أمر مسلم به وبديهى. قد يكون من بدأ ذلك شخص، تعرض لموقف صعب فى أحد أيام الثلاثاء، لكن المؤكد أن هناك الملايين غيره، فى كل أنحاء العالم، قد صادف أحداثا طيبة فى اليوم نفسه!!
آخرون يكتبون أن سنة ٢٠١٩ مثلا كانت الأسوأ. هو أمر يتكرر لدى البعض فى كل السنوات تقريبا. المشكلة ليست فى ٢٠١٩ أو غيرها من السنوات. المشكلة فينا نحن وليس الزمن، الذى يفترض ألا نسبّه، كما ورد فى الحديث الشريف.
علينا أن نلوم أنفسنا فقط، ونحاسبها بجدية، بدلا من تعليق الفشل على الأيام والسنين.
البعض الآخر يكتب أنه متفائل بالسنة الجديدة. نعم شىء طيب جدا أن نتفاءل، لكن على أى أساس بنينا هذا التفاؤل؟!
تخيلوا أن طالبا فى شهادة مدرسية، اعتمد هذا المنهج، ولم يذاكر أو يجتهد، فالمؤكد أنه سوف يرسب، وبعدها تجده يتهم السنة بأنها كانت
«تعيسة وبائسة وكبيسة، وكان باين عليها من الأول !!!». هذا المنهج فى التفكير ليس قاصرا على بعض طلبة المدارس والجامعات، ولكنه يمتد إلى تفكير بعض المسئولين، الذين يكون اعتمادهم الأساسى على الحظ أو الدعاء أو الغرق فى الأساطير والتفاؤل والتشاؤم.
هم لم يستعدوا ويتأهلوا ويتدربوا، ويبذلوا الجهد الكافى للنجاح. وحينما يفشلون، يتهمون الأيام والسنين! المأساة أن من يؤمن بهذه الخرافات ليس فقط بعض الأميين، ولكن العديد من المتعلمين، بل من يحملون شهادات عليا جدا، ودرسوا فى أرقى الجامعات والمعاهد المصرية والعالمية.
حينما أقرأ بعض هذه العبارات الخرافية على صفحات بعض هؤلاء المتعلمين والجامعيين، أتعجب من أنهم يفكرون بمثل هذه الطريقة. وبالتالى يكون السؤال المنطقى هو: كيف وصل بعضنا إلى هذه الحالة التى تجعله يرمى كل إخفاقاته على شماعة الزمن؟!
لست خبيرا فى علم النفس أو الاجتماع أو السلوكيات البشرية، لكن أظن أن الحالة التى وصل إليها التعليم فى العقود الماضية كانت السبب الأساسى فى هذه الحالة.
لم يعد هناك معلمون كثيرون يتفرغون لتربية الأولاد بالصورة الصحيحة، لأن حالهم «يصعب على الكافر» ثم إنهم هم أنفسهم لم يتلقوا تعليما نقديا وتقدميا. والعامل الآخر المهم هو «التدين الشكلى» الذى يقتصر على الطقوس والأزياء، بعيدا عن جوهر كل الأديان التى تدعو إلى التفكير والتدبر وأعمال العقل.
بعض هذه النماذج تذهب ليل نهار إلى المساجد والكنائس، لكن عقولها تنتمى إلى عالم ما قبل ظهور الأديان، يمارسون كل السلوكيات المتناقضة مع التوحيد وعدم الشرك بالله.
يضاف إلى ذلك منظومة القيم الحاكمة لأى مجتمع، وهل هى تمجد التفكير العلمى المنظم، أم «إلغاء العقل والفهلوة وشغل الثلاث ورقات» وكل ما ينتمى إلى عالم الخرافات والأساطير؟!!
عموما، كل عام، وكل الشرفاء فى مصر والوطن العربى والعالم بألف خير. وعام سعيد على الجميع بالعمل والاجتهاد والمثابرة وأعمال العقل وترك الخرافات.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي