روبرت موليجان - محمود قاسم - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روبرت موليجان

نشر فى : الجمعة 19 يونيو 2020 - 8:10 م | آخر تحديث : الجمعة 19 يونيو 2020 - 8:10 م

ما أسوأ أن نظل لفترة طويلة على المنوال نفسه، خاصة بالنسبة للكاتب والكتابة، وقد خصصت الكتابة هنا دوما للحديث عن أفلام لا تتوافر عادة الا على اليوتيوب، وهى مجهولة بالتقريب للناس، ونحن نحاول اعادة اكتشافها، اليوم سنغير من اسلوب الكتابة دون الابتعاد عن الخط العام لهوية المساحة المتاحة لنا.

منذ عامين لاحظت أن الزميل الناقد رئيس أحد المهرجانات المصرية، لا يمكنه الخروج فى اطار التكريم عن الشخصيات التى اعتاد معرفتها، وأغلبهم من الراحلين ومنهم فردريكو فيلليني، وانجمار برجمان، واقترحت عليه يومها ان ينطر إلى روبرت موليجان بعين الاعتبار، وكل ما فعله أن خفف مساحة الاحتفال بالاسماء التى يعرفها فقط، لكنه لم ينظر قط إلى موليجان ولم أفهم السبب، فالمخرج الراحل افلامه معروفة فى كل الدنيا منذ الخمسينيات، المشكلة لا تتمثل فى تكريم واحد من كبار السينما المألوفة لدى الناس، وهى ايضا سينما تجارية بالغة الجودة والمشكلة فى مصطلح السينما التجارية، وهى السينما الموجودة فى صالاتنا وأغلبها متوافر على اليوتيوب.

موليجان قد يكون اسما لا نعرفه جيدا، خاصة الجيل الجديد، لكنه بالفعل متآصل فى حياتنا وفى تاريخنا السينمائى المصرى دون أن نعرف مهما كانت الأمور شاهد جيلنا أغلب افلامه، ومن لم يشاهد هذه الأفلام فى طبعتها الأمريكية، يشاهدها يوميا فى القنوات السينمائية العربية والمصرية الكثيرة لتى تعرض الأفلام المصرية المختلفة، فقد استولى الكتاب المصريون على أفلام موليجان بشكل ملحوظ، دون ان يذكروها فى العناوين، وكالعادة فإنهم نسبوها إلى انفسهم، ويعتبر موليجان واحدا من المخرجين الأمريكان الذين بحث المقتبسون عن أفلامه لتمصيرها على طريقتهم، وفى القائمة أيضا تأتى فى الصدارة أفلام بيلى وايلدر وفرانك كابرا وجورج كيوكر، فكلهم كانوا يهتمون بالأفلام الاجتماعية التى تدور فى الحياة العادية، ومع كل فيلم كان له موضوع مغاير، وجميع أفلام موليجان مأخوذة عن روايات أو كتب منشورة، ما أعطاها مذاقا خاصا، لعل أشهرها رواية «مقتل طائر غرد» التى نالت كاتبتها هاربر لى جائزة بوليتزر، وحصل الفيلم الذى قام ببطولته جريجورى بيك على العديد من جوائز الأوسكار، وقد تم اقتباس الفيلم فى مصر باسم «المحاكمة» إخراج نادر جلال 1982 مع تغيرات ملحوظة، ومن افلام موليجان الأولى التى شاهدناها مقتبسة أكثر من مرة فى مصر، وتم تصوير الفيلمين فى لبنان، هناك فيلم «أهلا سبتمبر» عام 1961، بطولة روك هدسون وجينا لولو برجيدا، وهو الفيلم الذى تحول إلى الفيلم اللبناني «فندق السعادة» لفطين عبدالوهاب عام 1968، بطولة شوشو وأحمد رمزى، وفى عام 1972 حول عاطف سالم الفيلم الأمريكى نفسه إلى «زمان باحب» بطولة فريد الأطرش وزبيدة ثروت. أما فيلمه «الحب مع الغريب المناسب» الذى قام ببطولته ستيف ماكوين وناتالى وود عام 1963، فقد رأيناه باسم «غدا يعود الحب»، وهو واحد من الأفلام الأولى لنادر جلال، عام 1972، بطولة نور الشريف ونيللى، كما أن موليجان هو مخرج فيلم «الطريق الحلزونى» الذى قام ببطولته روك هدسون عام 1962، والذى رأيناه فى مصر فى أول فيلم يتحدث عن وباء الكوليرا باسم «صراع الأبطال» لتوفيق صالح، تمثيل شكرى سرحان وسميرة أحمد.

لاحظ أن كل هذه الأفلام المصرية لم يذكر الكاتب المصرى فيها أى اشارة إلى المصدر الأجنبى، وكان كتابنا على اختلاف أهميتهم يتعمدون أن يتجاهلوا ذكر مصادرهم، والغريب أن السنوات الأولى فى السبعينيات كانت الأكثر انتباها إلى أفلام موليجان، مثلما حدث فى فيلم «مدرستى الحسناء» عام 1971 اخراج ابراهيم عمارة، وهو من بطولة هند رستم وحسين فهمى، والفيلم مستوحى من «الصعود من سلم الصعود» عام 1967، بطولة ساندى دينيس، وهناك تشابه ملحوظ بين هذا الفيلم و«إلى استاذى مع حبى» المعروف لدينا باسم «مدرسة المشاغبين»، الذى تم إنتاجه أيضا فى بريطانيا فى عام واحد، وكان فيلم ابراهيم عمارة أسبق من الفيلم والمسرحية المعروفين بالاسم نفسه، مع اختلاف أن فى «مدرستى الحسناء»، مثل فيلم موليجان، فإن هناك معلمة فى إحدى المدارس البريطانية تقوم بتعديل سلوك تلاميذها فى فصل مشحون بعدد كبير من التلاميذ، بما يعنى أن الموضوعات اختلطت ببعضها، والأصل كله عند موليجان فقط، أما على سالم مؤلف مسرحية وفيلم «مدرسة المشاغبين» فقد رجع إلى فيلم موليجان أكثر من فيلم جيمس كلافيل، باعتبار أننا أمام مدرسة وتلاميذ يتحرشون بها، ويتندرون عليها، وفى الفيلم قام بعض الطلبة من أبناء الميسورين، عكس الفقر المدقع الذى يمثله التلاميذ فى الفيلم الآخر.

أما الأمر الذى لا يعرفه إلا القليلون فهو فيلم «صيف 42» من إنتاج 1972، الذى قامت ببطولته جينفر أونيل، وهو الفيلم الذى استوحى منه الايطالى جوزييه تورناتوريه فيلمه «مالينا» فى أوائل التسعينيات، والذى تنبهت اليه السينما المصرية وقدمته لنا باسم «حلاوة روح، اخراج سامح عبدالعزيز 2014، المدهش فى الأمر ان نقاد اليوم لا يكادون يعرفون فيلم موليحان، ولا بطلته البالغة الجمال والجاذبية، وجها وليس جسدا، وكانت فى الفيلم الأمريكى تعيش منعزلة بعد ذهاب زوجها إلى الحرب، وذلك عكس مالينا التى كانت تستمتع بنظرات الصبية الذين يعانون من الشبق والحرمان، وهم يتلصصون عليها، وفى هذه الحالة فإن موليجان له الأسبقية على الطلاينة والمصريين معا، ولا ننكر جمال الفيلم المصرى ولكن ليس من العدل تجاهل سحر الفيلم الأمريكى، الذى دفع بمخرج أمريكى آخر إلى الاستعانة ببطل «صيف 42» ويقوم جريمز لعمل فيلم مشابه باسم «فصل دراسي44»، فترى هل كان واحد منا لديه المعرفة أن موليجان يتواجد فى ثقافتنا، دون أن نتذكره أو نعرفه؟

كان من المفروض أن نذكر أسماء من كتبوا هذه السيناريوهات واقتبسوها، لكننا لم نشأ أن تكون الكتابة بمثابة ذكر لأكبر عدد من الأسماء.

التعليقات