الفقيه الأديب رجائي عطية: قامة موسوعية وصاحب مشوار ممتد في ساحات المحاكم والقضاء - بوابة الشروق
الإثنين 17 يونيو 2024 12:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفقيه الأديب رجائي عطية: قامة موسوعية وصاحب مشوار ممتد في ساحات المحاكم والقضاء

أسماء سعد:
نشر في: الجمعة 1 أبريل 2022 - 8:18 م | آخر تحديث: الجمعة 1 أبريل 2022 - 8:21 م

ــ «جولات الأدب وفكر العقاد وتجديد الخطاب الدينى وتوفيق الحكيم».. أبرز محطات التعاون مع دار الشروق

«فقيها قانونيا لا يشق له غبار، مهنيا من الطراز الرفيع، أديبا مرموقا تبحّر فى عوالم الأدب والفقه والقانون»، رجائى عطية، النقيب الأديب الذى قضى آخر لحظات عمره مدافعا عن زملائه المحامين فى محراب العدالة، حيث 84 عاما من الصولات والجولات والمواقف المشهودة.
عمت حالة من الحزن الشديد على الأوساط القانونية والنقابية والثقافية طوال الأيام الماضية، وتسابق الجميع فى رثاء نقيب المحامين المصرى، رئيس اتحاد المحامين العرب رجائى عطية، الذى ترك بصمته الثقافية والقانونية والنقابية فى العديد من المواقف التى تحفل بها الذاكرة الوطنية للبلاد.
♦ بداية المشوار
ينتمى رجائى عطية إلى أسرة عريقة، فكان والده المحامى البارز ونقيب محاميى المنوفية الراحل، عطية عبده، والذى تشرب على يديه قواعد المهنة، واقتدى به فى الاندفاع بجسارة لساحات المحاكم، تربى رجائى عطية على مرافعات كبار محاميى مصر أمثال مصطفى مرعى، وعبدالفتاح حسن، وحمادة الناحـل، وعبدالمجيد نافـع وعبدالفتاح الطويل، وهو من مواليد 6 أغسطس عام 1938، وقد حصل على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة عام 1959.
قرر الخروج من عباءة الأب سريعا، فاتجه إلى القضاء العسكرى، وذلك عقب تخرجه فى كلية الحقوق، وقد حصل على دبلوم العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1961، حيث تدرج بالقضاء العسكرى فى وظائفة المختلفة وبالمحاكم العسكرية خلال الفترة من 1961 وحتى 1976، وذلك قبل أن يترك العمل فى القضاء العسكرى ليتجه للمحاماة.
وقد حافظ رجائى عطية على وتيرة متصاعدة من النجاحات المشهودة، فمنذ نعومة أظافره بشبين الكوم، وقد حصد المناصب التى استحقها عن جدارة، ومنها: عضو مجلس الشورى بالتعيين، عضو مجمع البحوث الإسلامية، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عضو اتحاد الكتاب، خبير بالمجالس القومية المتخصصة، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، وأخيرا نقيبا للمحامين ورئيسا لاتحاد المحامين العرب.
♦ رجل موسوعى
حقق رجائى عطية نجاحاته المشهودة فى العديد من القضايا الكبرى التى تصدى لها، وانطلق فى تأليف الكتب القيمة، وتقديم سيناريوهات مميزة للأعمال الدرامية على الشاطة، وذلك انطلاقا من تنوع اهتماماته الأدبية والقانونية والفقهية، والتى تأسست على قاعدة ثقافية رفيعة، ليحقق النجاحات تلو الأخرى فى المحاماة؛ حيث كان محاميا بارزا فى كبريات القضايا.
وجاء ضمن ما تصدى له عطية من قضايا هزت الرأى العام فى مصر والعالم العربى، قضية التكفير والهجرة 1977، قضية اغتيال السادات 1981، قضية عصمت السادات 1983، قضية البنوك الكبرى 1985، قضية الصناعة الكبرى 1986، قضية العملات 1986، قضية العصفورة 1987، قضية مستشفى السلام 1990، قضية الهدى مصر 1991، قضية محافظ المنوفية 1992، قضية الذرة الصفراء 1992، قضية هيئة المواصلات 1992، قضية القومية للأسمنت 1992، قضية جريدة الشرق الأوسط 1997.
وذلك بخلاف قضية نواب القروض 1997، وقضية وزير الأوقاف وجريدة النيأ 1998، وقضايا مصطفى مشهور والوحدة الوطنية، قضية الكشح الأولى 2000، قضية الرشوة الكبرى (الخبراء) 2001، قضية المالية والجمارك الكبرى 2002، قضية التعرض لفضيلة شيخ الأزهر 2002، قضية وزارة الرى والميكانيكا 2003، قضية المبيدات الحشرية 2003، قضية احتكار الأسمنت 2008، قضية شهداء مباراة الناديين الأهلى والمصرى ببورسعيد 2012.
وقد زادت المعارف القانونية وتشعبت مصادر الخبرة وتنامى رصيد العمل المهنى لرجائى عطية، الذى ظل حريصا على تطبيق القواعد الحرفية المهنية للمحاماة، وحماية حق المتهم، وصون القانون، ورغم ذلك لم يذع صيته فى مهنته كمحامٍ بارز، فقط، رغم فوزه بمنصب نقيب المحامين فى 15 مارس 2020م خلفًا لسامح عاشور، وإنما كانت له اهتماماته الأخرى كرجل موسوعى.
تمكن رجائى عطية من إبداع العديد من المؤلفات والدراسات الأخرى، والمئات من المقالات الصحفية والتى نشرتها العديد من المجلات والصحف المصرية سواء اليومية منها أو ذات الدوريات المختلفة، بالإضافة إلى كتابته سيناريوهات للأعمال الدرامية على شاشة التليفزيون مثل قصة رجل المال، لتوفيق الحكيم، وقصة امرأة مسكينة، ليحيى حقى.
♦ عن تعزيز الوعى
حقق المفكر الكبير ونقيب المحامين الأسبق رجائى عطية، مجموعة من التعاونات الثرية مع دار الشروق، حيث مجموعة من ألمع المؤلفات التى أثرت الفكر والتنوير والوسطية وتعزيز الوعى ضمن مشوار حافل بالمؤلفات الأدبية الإبداعية، وجاء ضمن تلك الأعمال برعاية دار الشروق: تجديد الفكر والخطاب الدينى توفيق الحكيم وعودة الوعى، جولات الأدب والفكر، دماء على جدار السلطة، ماذا أقول لكم؟، حقائق القرآن وأباطيل الأدعياء، رسالة المحاماة، فى مدينة العقاد ــ العبقريات والتراجم الإسلامية، فى مدينة العقاد ــ الفكر والفلسفة والحياة، نور الله فى الآدميين.
وفى كتابه القيم «تجديد الفكر والخطاب الدينى»، عالج المفكر رجائى عطية برؤية واسعة واقتدار، قضية التجديد فى الفكر والخطاب الدينى، مُقدمًا بيانًا لمفهوم التجديد وإطاره وفروعه، وما يستلزمه التصدى لهذه الرسالة الهامة، من إلمام عريض باللغة وبعلم أصول الفقه ووسائل استنباط الأحكام من أدلّتها، ليتلاقى مع حقيقة أن الإسلام بنية حيّة تكفل التجديد وتتنادى به، مُنبهًا إلى أن الغاية هى التجديد وليس التبديل أو التشويه، ليعطف على مكانة المرأة فى الإسلام، مُبينًا ما انطوى عليه من تكريم للمرأة، ثم ليُنبه إلى أن القرآن كرّم الرسلَ والأنبياء كافة.
ويجول المؤلف فى بحثٍ رصين، حول خطاب الدين فى الموسيقى والغناء، وتفرقته بين الفن والوثنية، واحترامه لتُراث الإنسانية، وكيف أن خطاب التجديد يسعى لتصحيح المفاهيم، ولبيان الفارق بين المبادئ العظيمة للإسلام.
وفى كتاب «توفيق الحكيم وعودة الوعى»، لمسنا أسلوبا بليغا ومميزا، جاءت تلك الصفحات كشهادة للتاريخ، إلى جانب كونها شهادة محبة وتقدير، ففيما يخص التاريخ فقد عاشه رجائى عطيه منذ إرهاصات يوليو 1952، وحتى الآن. وتصادف أن كان فى قلب الأحداث بالقوات المسلحة منذ سبتمبر 1959 حتى غادر فى آخر عام 1976، ليعود إلى المحاماة ويطلّ منها، ومن مؤلفاته العديدة التى أربت على المائة، على ما سطره القادة والساسة من كتب ومذكرات، وعلى كثير من دقائق السنوات التى تناولها توفيق الحكيم فى كتابيْه: «عودة الوعى»، و«وثائق فى الطريق إلى عودة الوعى» فكانت له رؤيته التى أحبَّ أن يدلى بها إنصافًا للتاريخ قبل أن تكون إنصافًا لتوفيق الحكيم الذى تعرض لحملة غير موضوعية منذ صدر كتابه «عودة الوعى» سنة 1974.
وفيما يتعلق بالمحبة والتقدير، فثمرة تاريخ قديم وآخر حديث؛ فقد تخرج أبوه عطية عبده المحامى وتوفيق الحكيم ويحيى حقى فى دفعة واحدة سنة 1925 فى كلية حقوق القاهرة، إبان أن كان مسماها «مدرسة الحقوق الملكية»، فحمل له وليحيى حقى ما يحمله الابن من إعزازات أبيه، ثم قرأ لهما ما زاد صلته بهما وتوقًا، ولم يكن مصادفة أنه كتب سيناريو وحوار قصة «رجل المال» لتوفيق الحكيم بعد استئذانه، وكتب سيناريو وحوار قصة «امرأة مسكينة» ليحيى حقى بالاتفاق معه، وحمل لهما من المكانة ما جعله يكتب عن كل منهما أكثر من مرة.
وفى كتابه مع الشروق «جولات الأدب والفكر»، يطوف مع العقاد الشاعر والأديب والناقد، متناولا الكاتب الكبير فى الشعر، وفى الأدب، وفى النقد، وعرضا لشاعرية العقاد، ودواوينه، ولمؤلفاته التى دارت حول الشعر والشعراء: «اللغة الشاعرة»، و«أشتات مجتمعات بين اللغة والأدب»، وشاعره الأثير: «ابن الرومى وحياته من شعره»، و«أبو نواس الحسن بن هانئ»، وشاعر الغزل «عمر بن أبى ربيعة»، و«جميل بثينة»، وتقديره الخاص لشاعر النيل حافظ إبراهيم وذكرياته معه، وما كتبه عن الغموض والوضوح فى الأساليب الشعرية.
كما قدم عطية فى كتابه مع الشروق «دماء على جدار السلطة»، قراءة رصينة وموثقة لأحداث امتدت على مدار أربعة عشر قرنًا، وقائع خلفاء يتَّشحون بالإسلام ويسفكون دماءً على جدار السلطة، فقَتل فيها الابن أباه، والأخ أخاه، والأب ابنه؛ عشقًا للسلطة. «دماء على جدار السُّلطة» بحث عميق وشجاع فى أحداث تاريخية، ومحاولة لمعرفة تأثيرها على ما نعانيه اليوم من أمراض فكرية وصراعات وتطرف دموى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك