موجز تاريخ أوروبا.. من النشأة الكلاسيكية إلى صراع الهوية الأخير - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 8:05 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جديد مكتبة «الشروق» هذا العام..

موجز تاريخ أوروبا.. من النشأة الكلاسيكية إلى صراع الهوية الأخير

موجز تاريخ أوروبا
موجز تاريخ أوروبا

نشر في: الخميس 2 فبراير 2017 - 5:07 م | آخر تحديث: الثلاثاء 7 فبراير 2017 - 4:01 م
- صراعات كبيرة بين الاندماج الكامل أو الانفصال التام ومستقبل العلاقة مع تركيا وأزمة اليونان والمهاجرين

- جون هيرست يسلط الضوء على تجارب الجنرال نابليون ومغامرات هتلر واستعلاء الكنيسة والنبلاء وثورات العمال
ترجمة وتقديم: دكتور محمود محيي الدين

أوروبا – تاريخ موجز – جون هيرست

"تأسست الدكتاتورية النازية بمظهر قانوني. كانت الخطة هي أن يقوم البرلمان بتمرير قانون يسمح للحكومة نفسها بالتشريع وإصدار القوانين – بما تنتفي معه أهمية الرايخستاج. كان مطلوبا لهذا التعديل الدرستوي ثلثا أعضاء البرلمان. بعدما تولي هتلر منصب المستشار طلب من الرئيس عقد انتخابات مبكرة، بما يزيد أعضاء النازيين في البرلمان. وقبل الاقتراع بيوم واحد أشعل شيوعي هولندي النيران في مبني البرلمان. أعلن هتلر أن هذه هي بداية محاولة الشيوعيين الاستيلاء على الحكم، وأقنع الرئيس باستخدام سلطاته الاستثنائية لتعطيل الحريات المدنية والسياسية. تم حظر الحزب الشيوعي وسيق الشيوعيين إلى معسكرات الاعتقال. لم يحصل النازيون على الأغلبية ولكنهم كسبوا 43.9% من الأصوات. احتاج النازيون مساندة الأحزاب القومية وحزب الوسط الكاثوليكي الذي احتفظ بمقاعده التصويتية رغم تقدم النازي، وقد وافق الحزب علي مضض علي المساعدة بعدما حصل على تأكيدات شفوية تم النكوص عنها تتعلق باستقلال الكنيسة. أما الاشتراكيون الديمقراطيون فقد صوتوا وحدهم بشجاعة ضد ذلك، كان النواب الشيوعيين بين محبوس وهارب. وقف اعضاء كتيبة العاصفة يحيطون بقاعة البرلمان اثناء عملية التصويت لارهاب الاعضاء. استخدمت الحكومة الجديدة سلطتها لحظر الحزب الاستراكي الديمقراطي٫ وبعدها كل الاحزاب الباقية ،ووحده ظل الحزب النازي قانونيا".


استرجاع مشهد تمكن النازية من المانيا صولا للحرب العالمية الثانية التي اوصلت القوات الامريكية القادمة من الغرب والقوات الروسية القادمة من الشرق الي برلين في ابريل ١٩٤٥ دون ان "يتاثر هتلر بالدمار الذي الحقته الحرب بالمانيا حيث كان مقتنعا بان الخطا كان من قبل الالمان الدين تخلوا عنه ولم يكونوا جديريين بالبقاء فما كان منه الا ان انتحر حتي لا يقبض عليه" .

ياتي في الفصل الاخير لكتاب المؤرخ الاسترالي جون هيرست المعنون "اوروبا تاريخ وجيز" والذي اصدره في عام ٢٠١٢ قبل ان توافيه المنية باربعة اعوام والذي تصدره دار الشروق هذا العام ضمن جديدها لمعرض الكتاب بترجمة وتقديم من دكتور محمود محي الدين السياسي والاقتصادي المصري الكبير الذي ارتبط اسمه بخيارات الاصلاح الاقتصادي التي تبناها حكم حسني مبارك في السنوات الاخيرة قبل اسقاط نظامه بثورة الخامس والعشرين من يناير . محي الدين غادر قبل الاحداث بشهور قليلة مصر الي وظيفة مرموقة في البنك الدولي٫ رغم انه كان قد اعلن ترشحه عن دائرة اسرة محي الدين التقليدية العريقة في كفر شكر بالقليوبية ٫ وارتدي الجلباب الريفي.

واثناء عمله في البنك الدولي وخلال رحلات عمل المجئ والذهاب المتكررة٫ من واشنطن حيث البنك الدولي الي نيويورك حيث الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وقع محي الدين علي هذا الكتاب الذي كان ٫ كما يشير في تقديمه قد ظهر في قائمة افضل الكتب وتمت ترجمته الي تسع لغات والذي وجد فيه بعد قراءته اسبابا تجعل القارىء "يفكر ويقارن بين احوال الامم"٫ وبعد قليل من الوقت عاد محي الدين للكتابن واختار ان تكون هذه العودة ايضا علي مسار الرحلات بين واشنطن ونيويورك لتاتي في صورة ترجمة الكتاب الذي يذكر بالقيم الاساسية التي بنيت عليها النهضة الاوروبية الحديثة حيث يقارب المكونات الرئيسية للحضارة الاوربية ليقرا تفاعلات هذه المكونات وتاثرها ببعضها البعض وايضا تفاعلها وتاثرها بالتاريخ وتاثيرها فيه في مراحل متتالية.

ويلاحظ محي الدين في تقديمه للكتاب ان قراءة ما كتبه هيرست تاتي مهمة ليس فقط من منظور التعلم والمقارنة ولكن ايضا من منظور القراءة الاعمق لما يدور في اوروبا اليوم من معضلة هوية تشمل النقاش العميق والخلافي بين الاندماج الكامل فيما يمكن ان يعرف بالولايات المتحدة الاوروبية او الانفصال وقصر التعاون علي بعض اوجه الاقتصاد٫ ويشمل ايضا حوارات معمقة حول مدي قابلية اوروبا لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي بل وموقف الاتحاد الاوروبي من ازمة اليونان المالية، الي جانب تعامل دول الاتحاد مع الازمة الانسانية للاجئين التي تعالي مدها خصوصا في العامين ٢٠١٥ و٢٠١٦.

وبينما يختتم هيرست صفحات كتابه ٫ التي تظهر في ترجمة محي الدين الصادرة عن الشروق هذا الاسبوع في اقل من ٢٠٠ صفحة من القطع الكبير٫ بمشاهد الحرب العالمية الثانية وحال الاتحاد الاوروبي فان الكتاب – الذي يصفه هيرست نفسه في المقدمة الصغيرة بانه كتاب مناسب للقارئ الذي يفضل الرواية المتسارعة للاحداث – يبدا بما يمكن وصفه باستعراض للتاريخ الاوروبي منذ نشأته الكلاسيكية اليونانية الرومانية متتبعا لما يقول الكاتب انها ٣ عناصر انصهرت في بوتقة واحدة وهي ثقافة اليونان القديمة وروما والديانة المسيحية وثقافة المحاربين الجرمانيين الذين غزوا الامبراطورية الرومانية.

وعلي سبيل المثال فان القارىء قد يستوقفه المقارنة الواقعة دون اشارة مباشرة في كتاب هيرست بين الصعوبة التي وجدتها المسيحية في التموضع في قلب الامبراطورة الرومانية والتي لم تكن مسيحية بالاصل رغم نشاة المسيحية في فلسطين التي كانت واقعة في منطقة نائية من شرق الامبراطورية ثم كيف تحولت الكنيسة٫ التي لم تكن في نشانها علي النظام الهرمي الحادث فيما بعد بتولي رئاسة الكنيسة البابا ويتبع له عددا من القساوسة ٫ الي عنصر مواز للحكم في معظم الامبراطورية الرومانية٫ بعد حروب استمرت ايضا لمائة عام بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستيناية التي سعت لتخليص الناس من سطوة الكهنة٫ خاصة في القرون الوسطي حيث كان التناطح بل الحروب فعليا بين الملوك والقساوسة علي من له الوضعية الاعلي وصولا الي السنوات الاولي من الالفية الثالثة عندما لم يتمكن بابا الفاتيكان من اقناع من قاموا علي كتابة ديباجة الدستور الاوروبي بوضع اشارة واضحة الي وضعية الديانة المسيحية في اوروبا وفي النهاية قبل بان تقتصر الاشارة الي الموروث الديني لاوروبا في سياق يؤكد علي ضرورة تجاوز الانقسامات.

كتاب هيرست يرصد توحد اوروبا تحت ظلال الامبراطورية الرومانية بعد ان كانت البداية في اليونان حيث كان اصل العلوم الفنون والاداب والفسفة قبل ان يذهب الاغريق الي ايطاليا ليتعلم منهم الرومان قبل ان يقيموا هم امبراطوريتهم والتي جاء سقوطها – او بالاحري كما يشرح الكاتب ضمورها التدريجي الذي استغرق فعليا اكثر من قرن من الزمن – لتعود اوروبا للتقسيم٫ هذه المرة الي دول وليس مجرد ممالك ومدن متناثرة٫ ولتنقسم معها اللغة اللاتينية ولكن ليبقي الرابط الحضاري القوي بين هذه الدول. هذة الدول خاضت في القرن العشرين حربين عالمتين كانت نهاية ثانيتهما هي المؤشر لواحد من اوضح مشاهد التقسيم بين اوروبا الشرقية واوروبا الغربية وكان لسقوط الجدار المقسم في برلين التاشير لسعي مازال متعثرا ٫ بل هو حسبما يرصد محي الدين في مقدمته يبدو احيانا متراجعا٫ لتوحيد اوروبا فعليا

كتاب هيرست هو رواية كاملة ربما لقصة اوروبا ٫ بما فيها من مشاهد مختلفة تشمل بدايات عصر النهضة والتنوير وسنوات الثورات ٫ بما في ذلك الثورتين الاكثر تاثيرا وهما الثورة الفرنسية والثورة البلشفية٫ وايضا سنوات الغزو ثم التراجع الاسلامي في اوروبا . الكتاب ايضا يشرح لقصة بناء الدولة المدنية الديمقراطية والتي لم تكن ابدا سهلة ولم يكن الطريق لها واضحا او معبدا بل شهدت الكثير من المحاولات٫ التي لم تستثن حالات من الصفقات والتعاون بين الحكومات والجيوش وحالات من الصفقات احيانا والحروب احيانا اخري بين الاباطرة والقساوسة ٫ كما شهدت الكثير من حالات ادعاء الديمقراطية كما في حالة سياسي القرن التاسع عشر في المانيا بسمارك " الذي كان معاديا للديمقراطية لكنه سمح بان يكون لعموم الناس حق التصويت للبرلمان ٫ فلما انزعج الامبراطور في البداية مما عرضه عليه بسمارك قائلا له ان هذه "ثورة" ٫ فاجابه بسمارك : وما الذي يضير جلالتك اذا جعلك حق الاقتراع هذا فوق صخرة عالية فلا يمسك الماء”

وبين سعي سقراط لتشجيع تابعيه للوصول الي الحقيقة دون ان يضطر لاخبارهم بها وبين سعي نابليون بونابرت لاقامة امبراطورية يسيطر عليها الجنرال ولا تعادي الكنيسة وما بين استعلاء القساوسة حينا واستعلاء النبلاء احيانا اخري وسعي العمال لتموضع القوي الاجتماعية٫ يروي هيرست الفصول الابرز في تاريخ اوروبا الذي ترجمه محي الدين بلغة سلسة تشابه كثيرا لغة السياسي الذي يعرف جيدا كيف يخاطب جمهوره " .


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك