مر أكثر من شهر على بدء الاحتجاجات الشعبية في العراق، والتي بدأت مطلع أكتوبر الماضي بتظاهرات حاشدة عمت أغلب المدن العراقية، وشهدت هتافات غاضبة دوت من كركوك في الشمال إلى المثني في أقصي جنوب العراق، فضلًا عن الحشود بساحة التحرير في العاصمة بغداد.
المطلب الأبرز الذي جمع المحتجين هو إسقاط حكومة عادل عبد المهدي الذي يراها العراقيون موالية وتابعة لإيران، وأن هذه التبعية أثرت سلبًا على الشعب العراقي ليس على المستوي السياسي فحسب، بل أدى السماح للمنتجات الإيرانية باقتحام السوق العراقي في ظل العقوبات والحظر المفروض على طهران إلى تدهور المستوى المعيشي مع تزايد البطالة وضعف مستوى التشغيل الاقتصادي.
ولم تهدأ حدة الاحتجاج رغم تعهد الرئيس العراقي برهم صالح في كلمته، الخميس الماضي، بإجراء عدد من الإصلاحات، وتأكيده أن حكومة عبد المهدي مستعدة لتقديم استقالتها.
وتزايدت حدة الاحتجاجات مع استخدام العنف ضد المتظاهرين واستخدام الرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع من الشرطة العراقية.
وكتب محتج عراقي على أحد الجدران: "كلما نشتم رائحة الموت بدخانكم نشتاق أكثر لعبور جسر جمهوريتكم".
التظاهرات التي توحدت خلف مطالب واحدة متجاوزة الانتماء والأيدلوجية والدينية، ولم يمنع ذلك النخبة والمراجع الشيعية من إصدار تعليقاتهم وموقفهم من الاحتجاجات، فالمرجع الشيعي بالنجف الذي يضم: علي السيستاني واسحاق فياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الحكيم، عبّر ضلعين من أهم أضلاعه (السيستاني والنجفي) عن موقفهم المؤيد تجاه التظاهرات الشعبية، بينما غاب الحكيم وفياض عن إصدار موقف لهم من الاحتجاج الشعبي.
ونستعرض في التقرير التالي موقف منابر السيستاني والنجفي تجاه التظاهرات العراقية:
1- علي السيستاني.. رفض رفع صوره في التظاهرات وأعلن تأييده لمطالب المحتجين !
آية الله علي السيستاني، أحد أكبر المرجعيات الشيعية بالعراق، أعلن عن طريق مكتبه دعمه الكامل للمطالب الإصلاحية للمحتجين، مؤكدًا أن المرجعية الدينية تؤكد أن المشاركة في التظاهرات السلمية حق لجميع العراقيين، وعدم تفريقه بين جميع المطالبين بالإصلاح على اختلاف توجهاتهم.
ولكن شدد في رسالته علي مطالبته للمحتجين بعدم رفع صوره أو اسم المرجعية التي يتزعمها أثناء التظاهرات !
وفي خطبة الجمعة الماضية، قرأ أحمد الصافي نص رسالة السيستاني للمصلين، وجاء أبرزها التأكيد على إدانة التعرض للمتظاهرين بالعنف، والتأكيد على حق الشعب في الإصلاح الإداري والسياسي، مع التشديد على الحذر من الزج بالأطراف الدولية والإقليمية للتدخل بالشأن الداخلي للعراق !
2- بشير النجفي.. لابد من حلول فعالة لمشكلات الشعب العراقي
بشير النجفي من الرموز والمراجع الشيعية الكبيرة بالعراق، أبدى وجهة نظر مؤيدة لاحتجاج المتظاهرين العراقيين ودعم مطالبهم، وجاء ذلك في خطبة الجمعة قبل الماضية بالصحن الحسيني، ونقل الشيخ علي النجفي رسالة بشير النجفي التي جاء بها: "موقفنا تجاه المظاهرات هو الدعم والتأييد لمطالب المحتجين، لأن ذات المطالب التي عرضتها المرجعية في مناسبات سابقة، والشعب العراقي لابد أن يعيش بحياة كريمة، مع إيجاد حلول سريعة وواضحة للمشكلات التي تؤرق الشعب العراقي".