الحريق ينعش الذاكرة.. قصة سوق الخواجات في المنصورة الذي بناه اليهود واليونانيون واللبنانيون - بوابة الشروق
الجمعة 5 ديسمبر 2025 12:24 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

الحريق ينعش الذاكرة.. قصة سوق الخواجات في المنصورة الذي بناه اليهود واليونانيون واللبنانيون

نعمان سمير
نشر في: الخميس 4 ديسمبر 2025 - 11:22 ص | آخر تحديث: الخميس 4 ديسمبر 2025 - 11:22 ص

شهد اسم سوق الخواجات بمدينة المنصورة تصدّراً لافتاً على محركات البحث خلال الأيام الماضية، وذلك عقب الحريق الذي اندلع في سوق التجار (الخواجات) مساء الأربعاء الماضي، والذي أسفر عن وفاة خمسة أشخاص وإصابة 13 آخرين، إلى جانب خسائر مادية كبيرة. ومع انتشار صور الحريق، بدأ كثيرون يتساءلون: لماذا يُسمَّى هذا السوق العريق بـ«سوق الخواجات»؟ وهل يرتبط اسمه بالتجار اليهود والأجانب الذين عاشوا في المنصورة قديماً؟

يقع سوق الخواجات في قلب مدينة المنصورة، خلف مديرية أمن الدقهلية وبجوار دار ابن لقمان، حيث أُسر الملك لويس التاسع قائد الحملة الصليبية على مصر. كما يجاور السوق مسجد الموافي الأثري الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 583 هجرية في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، إلى جانب مسجد «الصغير» الذي تغيّر اسمه لاحقاً ليصبح «الموافي» نسبةً إلى الشيخ عبدالله الموافي.

قبل ثورة يوليو 1952، كان السوق وجهة رئيسية لأهالي القرى والمدن المحيطة، إذ اشتهر بتنوع السلع وجودتها، وبكثرة التجار الأجانب الذين شكّلوا عمود التجارة في المنصورة خلال النصف الأول من القرن العشرين.

ويذكر الدكتور محمد غنيم، عميد كلية الآداب الأسبق وعضو المجلس الأعلى للثقافة، في كتابه «سوق الخواجات بمدينة المنصورة: دراسة في الأنثروبولوجيا الثقافية»، أن التجارة في المنصورة ازدهرت منذ نشأتها حتى وصل عدد التجار الأجانب إلى 120 تاجراً بين يهود ويونانيين ولبنانيين، كانوا يمارسون تجارتهم داخل السوق ويشكّلون عصب النشاط التجاري في المدينة.

أما الكاتب إيهاب الشربيني، في كتابه «حكايات شوارع المنصورة»، فيشير إلى أن جميع تجار سوق الخواجات اليوم هم من المصريين، لكن العودة إلى منتصف القرن العشرين تكشف أن ذروة شهرة السوق كانت على يد التجار الأجانب. ورغم أن اسمه الرسمي هو «سوق التجار»، ورغم أن عدد التجار المصريين كان أكبر، فإن الناس تمسكوا باسم «سوق الخواجات» لكونه الأكثر انتشاراً وشهرة.

ويكشف الشربيني عن أبرز المحلات القديمة التي ازدهرت في السوق، ومنها:

التجار اللبنانيون: خوري لتجارة القطن، إلياس كنج للأحذية، نجيب فركوح، وعاقوري للموبيليا.

التجار اليهود: يوسف حبير للمانيفاتورة، هراري للخردوات، ليفي، نحّار، ريزاك، داوود روفا، نسيم أشكنازي وابنه الياهو، ذكي دهونا، وديكوري. كان معظمهم يعملون في الأقمشة والمنسوجات.

التجار اليونانيون: محل تريخاس للبقالة، ومحل الياديس لصناعة وبيع الخل وماء الورد.

ويشير كذلك إلى أن السوق كان يضم حتى وقت قريب «سوق النحاسين»، حيث كان يجتمع مبيضو النحاس وبائعو الأواني النحاسية قبل انتشار أواني الألومنيوم.

وبالعودة إلى مطلع القرن العشرين، كانت أعداد التجار الأجانب في سوق الخواجات تفوق أعداد التجار المصريين. ومن أشهرهم: هيمان اليهودي تاجر القطن، وسعد هيمان، وسالمون لاجنادو تاجر المانيفاتورة. وفي المقابل، برز عدد من التجار المصريين، من بينهم: محمود لبيب (مانيفاتورة)، محمود يسري (الخزف والصيني)، محمد راغب (العطارة)، وفرج زين الدين (المنسوجات).

ورغم تغيّر الزمان والوجوه، ما زال سوق الخواجات محافظاً على اسمه الذي أصبح جزءاً من تاريخ المنصورة، حتى بعد رحيل الخواجات عقب ثورة يوليو. ومع كل حدث كبير يمر بالسوق — كما حدث في الحريق الأخير — تتجدد الأسئلة وتعود الحكايات حول دوره وتاريخه وبصمة التجار الأجانب فيه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك