يختتم اليوم مهرجان الإسكندرية لأفلام البحر المتوسط دورته الـ41، حيث تشهد مراسم حفل الختام توزيع جوائز الفائزين بالمسابقات المختلفة للدورة الجديدة التى انصرف الاهتمام فيها على المكرمين من نجوم وصناع السينما، والذين بلغ عددهم هذا العام 13 مكرمًا، فى حين افتقدت دور العرض السينمائى المتفرجين كالعادة، وظهرت قاعات السينما خاوية على عروشها إلا قليلًا. وكان ملاحظا أن قاعات الندوات المخصصة للمكرمين المصريين تحديدا كانت تكتظ بالحضور من محبى التقاط الصور مع النجوم، الأمر الذى تسبب فى بعض المشاكل، وفى هذا التقرير نرصد أهم ما شهدته الدورة 41.
البداية كانت مع حفل افتتاح المهرجان الذى اقتصرت أيامه على خمسة فقط، نظرًا للأزمة المالية الواضحة التى يعانى منها مهرجان الإسكندرية، فبرغم أن حفل الافتتاح شهد سوء تنظيم واضحا، ودخل العديد من الجمهور مسرح مكتبة الإسكندرية بلا دعوات، مما وضع بعض ضيوف المهرجان فى حرج بالغ لأنهم لم يجدوا مقاعد شاغرة. لكن على خشبة المسرح اختلف الأمر، حيث كان الحفل مليئا بالمشاعر الإنسانية الجميلة، خاصة حينما اتبع المهرجان نهجا مختلفا هذا العام، وقرر أن يقوم بعض الفنانين بتسليم الجوائز لزملائهم المكرمين، ونجح المكرمون أنفسهم فى إضفاء بهجة على الحفل بكلماتهم وأحاسيسهم التى عبروا عنها ببساطة وامتزج كثير منها بالدموع، خاصة حينما بكت ليلى علوى وغنت فردوس عبد الحميد، وحكت شيرين عن إصابتها الصعبة، وفجر رياض الخولى مفاجأة بأنها المرة الأولى التى يحضر فيها مهرجانا سينمائيا.
بالطبع، لم تخلُ أجواء المهرجان من «لعنة التريند» التى طاردت كثيرا من ضيوفه، بين من لجأ إلى افتعال المواقف أو فرض الكاميرات بالقوة، فى محاولة لانتزاع مساحة من الاهتمام لعرضها على العالم الافتراضى، وفى المقابل تصاعدت حالة من الغضب بين الفنانين الذين رفضوا التعدى على مساحتهم الشخصية، وانتشرت فيديوهات عبر السوشيال ميديا بعناوين ساخنة بقصد إثارة الجدل وحصد مشاهدات ولايكات.
من أكثر الأشياء اللافتة فى الدورة 41 هو انصراف اهتمام الجمهور السكندرى إلى ندوات المكرمين، خاصة المصريين منهم، حيث شهدت ندوة الفنانة ليلى علوى زحامًا كبيرًا، ومع صِغر قاعة الندوة كان عدد الواقفين يزيد عن عدد الجالسين، وكان الاهتمام الأكبر من جانب «السكندريين» بمعرفة مواعيد ندوات المكرمين، وكم كانت خيبة أملهم كبيرة حينما علموا بخبر إلغاء ندوة الفنان أحمد رزق الذى اضطر للسفر إلى القاهرة لحضور حفل زفاف ابن صديقه الفنان هانى رمزى، وتعذر تأجيل ندوته لوقت مبكر عما كان محددًا له. وحينما تواصلت الشروق مع عدد من جمهور الإسكندرية عن سبب اهتمامهم بحضور الندوات وانصرافهم عن الأفلام، قالوا إنهم حريصون على التقاط صور تذكارية لضيوف المهرجان، وأنهم يفعلون هذا منذ سنوات طويلة، وأن انحسار الفعاليات فى فندق إقامة الضيوف، وبعد المسافة بين مقر الضيوف ودور العرض السينمائى يجعلهم يعطون الأولوية للصورة «السيلفى» على حساب الفيلم.
ويستمر ضعف الإقبال الجماهيرى وتعد هى المشكلة الكبرى التى يواجهها المهرجان، حيث خلت قاعات العرض من الجمهور إلا قليلًا، وفى بعض الأحيان اضطر مسئولو ندوات الأفلام إلى الاستعانة بشباب المتطوعين من طلبة الجامعات بالإسكندرية الذين يتعاونون مع المهرجان للجلوس فى مقاعد المتفرجين أو الاتصال بأصدقائهم لإنقاذ ماء الوجه أمام صناع الأفلام الأجانب والعرب. يأتى هذا فى الوقت الذى تنوعت فيه قائمة الأفلام المشاركة فى مسابقات الدورة 41، ووجود أكثر من فيلم مصرى بالمسابقات الرسمية، بخلاف عمل مسابقة خاصة لسينما الطفل لجذب الأسر، ومسابقة للأفلام المصرية، وأخرى للعربية، بجانب مسابقة شباب مصر من الطلبة والمحترفين، لكن هذا التنوع والانفراد بعرض أعمال تعرض عالميا لأول مرة، لم يكن كافيا لجذب الجمهور.
يمكن القول إن دورة هذا العام كشفت عن معادلة صعبة باتت تواجه كثيرا من المهرجانات السينمائية المصرية: حيث ينصب الاهتمام على نجوم الدورة وتهافت لالتقاط صور لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعى، فى مقابل غياب واضح للجمهور الذى يفترض أن يكون روح المهرجان. وبينما تنجح الندوات فى تحقيق الزحام والتفاعل، تظل شاشات العرض تبحث عن جمهورها الحقيقى.