الوزير القاضي الملاكم ممدوح مرعي.. 10 أعوام في أوج السلطة ثم 7 سنوات من الصمت - بوابة الشروق
الإثنين 27 مايو 2024 8:39 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوزير القاضي الملاكم ممدوح مرعي.. 10 أعوام في أوج السلطة ثم 7 سنوات من الصمت

كتب- محمد بصل:
نشر في: الأحد 7 أكتوبر 2018 - 2:39 م | آخر تحديث: الأحد 7 أكتوبر 2018 - 9:22 م

*مبارك طلب بقاءه في آخر حكوماته.. عارض تغول رجال الأعمال في الغرف المغلقة.. سيطر على القضاء بعد أزمة 2005.. ولم تُوجه له اتهامات فساد


في مايو 2006، خرجت مظاهرات في محيط دار القضاء العالي تضامناً مع المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي اللذين أحالهما وزير العدل المستشار محمود أبوالليل إلى مجلس الصلاحية، على خلفية اتهامهما بإعداد قائمة أسمياها "القائمة السوداء" تضم أسماء بعض القضاة المتورطين في وقائع تلاعب وتزوير في انتخابات مجلس الشعب 2005.


كانت الأوضاع تنذر بانفلات غير مسبوق في السلطة القضائية، وبدا للقيادة السياسية أن أبوالليل غير متمكن من السيطرة على القضاة الغاضبين، والذين بدأوا يتفاعلون مع الحراك السياسي والحقوقي الصاعد في المجتمع المصري، فوقع اختيار الرئيس حسني مبارك على المستشار ممدوح مرعي، رئيس المحكمة الدستورية العليا، لتولي منصب وزير العدل في أغسطس 2006.


مرعي، الذي وافته المنية صباح اليوم عن عمر يناهز 80 عاماً، هو واحد من القضاة الذين عرفوا طوال مشوارهم بالموهبة الإدارية، اتسم عدم الالتفات للاعتبارات الشخصية والسياسية في العديد من المواقف، وساعدت ملامحه الصارمة وماضيه الرياضي في لعبة الملاكمة على رسم صورة قاسية وحاسمة له في دوائر عمله ووسائل الإعلام.


لم يكن مرعي يحمل أجندة معارضة لنظام مبارك، بل كان من أكثر الوزراء الموثوقين بالنسبة له حتى النهاية، لكنه -وبحسب مصادر قضائية عديدة- كان داخل الغرف رافضاً للظواهر التي طرأت في السنوات الثلاث الأخيرة من عهد مبارك من امتزاج المال بالسلطة، والصعود اللافت لجمال مبارك وأحمد عز وتدخلهم في شئون الوزارات المختلفة، وتفويض مبارك لنجله الأصغر في ممارسة جانب كبير من مسئولياته في المتابعة والاتصال الحكومي والبرلماني.


وبعد قضائه أكثر من 4 أعوام في الوزارة، استطاع خلالها التغلب على أزمات عديدة، إدارية وقانونية ومالية، ومُني تيار الاستقلال القضائي بهزيمة في انتخابات نادي القضاة، اندلعت ثورة 25 يناير، ووجد مبارك نفسه مجبراً على تغيير حكومة أحمد نظيف التي كانت معروفة بـ"حكومة رجال الأعمال" وكلف الفريق أحمد شفيق بتشكيل الحكومة، لكنه رفض التخلي عن عنصرين اثنين فقط من حكومة نظيف، هما: وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، ووزير العدل ممدوح مرعي، وفقاً لما كشفه شفيق في حوار تليفزيوني عام 2012.

 

*المشوار القضائي
تخرج مرعي في كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1957 وعين معاوناً للنيابة في العام ذاته، وتدرج في السلك القضائي وكيلاً للنيابة، ثم قاضياً بمحكمة ابتدائية، ثم رئيساً لمحكمة، ثم مستشاراً بالاستئناف، ثم نائباً لرئيس محكمة الاستئناف، ثم رئيساً لمحكمة استئناف القاهرة عام 2001.


وكان صيف 2003 مفصلياً في حياة مرعي، فعلى نحو مفاجئ توفي المستشار فتحي نجيب رئيس المحكمة الدستورية العليا في 8 أغسطس، وظل المنصب شاغراً أسبوعين تقريباً، درس خلالها مبارك تقارير عن السيرة الذاتية للعديد من القضاة من داخل وخارج المحكمة الدستورية، حيث كان القانون آنذاك يسمح له باختيار رئيس للمحكمة من خارجها، ثم وقع اختيار مبارك على مرعي في 26 أغسطس 2003، والذي كان مفاجئاً ومغضباً لكثيرين نظراً لابتعاد مرعي عن منصة القضاء فترات طويلة.


وبعد نحو عامين؛ صدر قانون الانتخابات الرئاسية 174 لسنة 2005 ناصاً على تشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية المنصوص عليها في المادة 76 من الدستور برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا، ليصبح مرعي رئيساً لأول لجنة تجري انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر.


ورغم صورية المنافسة وضعف الإمكانيات لعدم وجود سوابق في إدارة عملية انتخابية بهذا الحجم، استطاعت لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة مرعي خلق قواعد لإدارة الانتخابات كانت اللبنة الأولى لعمل اللجان والهيئات التي أشرف على الانتخابات التشريعية والرئاسية فيما بعد، وبصفة خاصة بعد ثورة يناير، خاصة فيما يتعلق بتوزيع القضاة والموظفين والتواصل مع الوزارات المعنية والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.


وكان مرعي في هذا الإطار يستعين بعدد من القضاة الشباب الذين يجمعون المعرفة القانونية بالمهارة الإدارية، اضطلع بعضهم لاحقاً بإدارة استحقاقات انتخابية مهمة.


وبلغ مرعي سن التقاعد في 30 يونيو 2006 وخلفه في رئاسة المحكمة الدستورية النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد، ثم اختير وزيراً للعدل في أغسطس من العام ذاته.

*في الوزارة
وضع مرعي على رأس أولوياته السيطرة على القضاة وأعضاء جميع الهيئات من خلال تركيز الخدمات والصلاحيات في يد وزارة العدل والمجالس العليا للهيئات القضائية، ومن ثم إضعاف أندية القضاة وعدم إشراكها في إدارة الشأن القضائي، وقصر دورها على الأنشطة الاجتماعية، وكان من أوجه ذلك دخوله في مشكلة طويلة مع المستشار يحيى دكروري رئيس نادي مجلس الدولة، على خلفية رفض تنفيذ حكم علاج قاض شاب بالمجلس على نفقة الدولة.


ورغم توجيه انتقادات عديدة للوزارة في عهده، كالسيطرة على محاكم ودوائر بعينها، واللجوء المتزايد لمحكمة الأمور المستعجلة لوقف الأحكام القضائية الصادرة ضد الحكومة، وإهدار مئات الأحكام خاصة الصادرة من مجلس الدولة في المجال السياسي والإنساني، إلاّ أن القضاة مازالوا يتذكرون لمرعي الحرب الضروس التي شنها على الفساد المالي والسلوكي، ووقوفه في وجه محاولات التدخل الأمني في شئون القضاة من تعيين وندب ونقل.


وبعد أيام من اندلاع ثورة يناير، وتحديداً في 3 فبراير 2011، أجرى مرعي مداخلة هاتفية مع قناة الحياة، في "إطلالة نادرة" كما وصفها الإعلامي عمرو أديب، أعلن فيها إجراء تحقيقات جادة في أحداث 25 يناير وجمعة الغضب 28 يناير وموقعة الجمل، وكانت هذه تصريحاته الإعلامية الأخيرة.


وبعد تنحي مبارك؛ استشاره المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي -والذي كان مرعي مقرباً منه- في تشكيل لجنة التعديلات الدستورية، والتي شكلت برئاسة المستشار طارق البشري، وكان من أعضائها اثنان من مساعدي مرعي السابقين وأعضاء المحكمة الدستورية العليا هما: المستشار حسن البدراوي -نائب رئيس محكمة النقض حالياً- والمستشار حاتم بجاتو مقرر اللجنة ونائب رئيس المحكمة الدستورية حالياً.


وفتح مرعي أبواب وزارة العدل لعمل هذه اللجنة دون أن يتدخل في شئونها الفنية، لتنتج مشروعاً لتعديل بعض مواد دستور 1971 ليتحول فيما بعد إلى الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، ومشروعي تعديل قانوني الانتخابات الرئاسية ومباشرة الحقوق السياسية.


ومع سقوط حكومة شفيق في 3 مارس، انتهى دور مرعي الذي استغرق نحو 10 سنوات في الحياة السياسية وأعلى مناصب القضاء، ولم تحرك ضده أي دعاوى جنائية أو تحقيقات فساد، وآثر الصمت لسبع سنوات، على خلاف معظم وزراء مبارك وقيادات الحزب الوطني المنحل، حتى وافته المنية صباح اليوم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك