منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد استغل المستوطنون الإسرائيليون منصات التواصل الاجتماعي للسخرية من الأوضاع المأساوية التي يمر بها سكان القطاع، مثل النقص الحاد في المياه وقطع الكهرباء، وغيرها من المشاكل الناتجة من الحصار الإسرائيلي، وكان آخر الطرق التي اتبعوها، التقليل من معاناة المصابين والنازحين من خلال الرسم بأقلام سوداء على وجوههم وكأنها أماكن جروح أو أتربة.
هذه الطريقة التي يسخر بها المستوطنيين من عدوان جيش الاحتلال على مواطني غزة، جزء معروف من الأساليب الاستعمارية، للتقليل من الآخر واحتقاره وجعله مادة للسخرية والضحك، وزيادة التمييز ضده والترويج له، ومن أبرز هذه الأشكال ما يسمى بblackface التي مارسها الممثلون ذو البشرة البيضاء ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا النمط من السخرية يرتبط ارتباطا وثيقا، بالعنصرية والتمييز، وقد ظهر في منتصف القرن الـ19، وبرز من خلال عروض مسرحية شهرية تدعى The minstrel show أو عرض المُنشد، حيث يتم أداء العروض المسرحية من قبل ممثلين في الغالب من البيض يضعون مكياج أسود (الفلين –ملمع الأحذية)، بغرض التصوير الكوميدي للصور النمطية العنصرية للأمريكيين من أصل أفريقي، وفقًا لمتحف سميثسونيان الوطني للتاريخ والثقافة الأمريكية الأفريقية.
وعلى الرغم من أن عروض المنشد بدأت في نيويورك مبكرا، إلا أنها انتشرت على نطاق واسع. وبحلول عام 1845، أصبح عروض المنشد لها إنتاجا خاصة ورواجا وسط مجتمعات البشرة البيضاء.
وأدى تقديم الأفارقة المستعبدين على أنهم موضوع للنكات والسخرية، إلى إضعاف حساسية الأمريكيين البيض تجاه أهوال العبودية، وروجت العروض أيضًا للصور النمطية المهينة للسود والتي ساعدت في تأكيد مفاهيم التفوق لدى الرجل الأبيض، بحسب تقرير لشبكة سي إن إن.
يقول ديفيد ليونارد، أستاذ الدراسات العرقية المقارنة والدراسات الأمريكية في جامعة ولاية واشنطن: "كانت هذه الممارسة العرقية تأكيد على القوة والسيطرة، تسمح للمجتمع أن يتخيل الأمريكي من أصل أفريقي، على أنهم ليسوا بشرًا مثلهم، إنه يعمل على ترسيخ العنف والفصل العنصري"، بحسب منصة the history الأمريكية.