خالد على لـ«الشروق»: البرلمان ليس المحطة الأخيرة فى معركة «تيران وصنافير» - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:35 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خالد على لـ«الشروق»: البرلمان ليس المحطة الأخيرة فى معركة «تيران وصنافير»

خالد على المحامى -تصوير جيهان نصر
خالد على المحامى -تصوير جيهان نصر
حوار ــ محمد بصل وحسام شورى:
نشر في: الإثنين 12 يونيو 2017 - 10:01 ص | آخر تحديث: الإثنين 12 يونيو 2017 - 10:08 ص
مارسنا كل أشكال السيادة على الجزيرتين.. وكل حروبنا مع إسرائيل كانت بسببهما
إقرار الاتفاقية سيعمق أزمة شرعية نظام الحكم سياسيا وقانونيا.. والمناقشات ستكون صورية رغم دعوات الاستفتاء أو الالتزام بالأحكام
بدء المناقشة بعد أيام من اللجوء إلى «الدستورية» يعكس ارتباك الحكومة وإدراكها أن القانون ليس فى صالحها
مجلس الدولة لم يقحم نفسه فى قضية سياسية بل طبق الأحكام الجديدة فى دستور 2014.. والمسار القضائى تغلب على السياسى بسبب تضييق المجال العام
مارسنا جميع مظاهر السيادة على الجزيرتين.. ولا أعرف كيف يكتب مصرى أن دماءنا لم تسل فى سبيلهما

على مدى 14 شهرا طرق المحامى الحقوقى خالد على كل الأبواب الممكنة لتأكيد مصرية جزيرتى تيران وصنافير، ولم يقتصر نشاطه على قيادة المجهودات القانونية أمام المحاكم المختلفة لعرقلة الاتفاقية، بل امتدت للبحث فى دور الوثائق المحلية والعالمية والتواصل مع باحثين ومؤرخين ومسئولين سابقين حتى تكون أسانيده أكثر تماسكا.
يجلس خالد على فى مكتبه حاليا مراقبا عن كثب مناقشات مجلس النواب التى يعتقد أنها ستمهد لجولات جديدة فى المواجهة القانونية والسياسية حول تبعية الجزيرتين، وهو ما يزال ينتظر نتيجة الدعاوى التى أقامها لبطلان إحالة الاتفاقية للبرلمان والمنازعات التى أقامتها الحكومة أمام المحكمة الدستورية، متوقعا أن يتم تمرير الاتفاقية بسرعة استثنائية استغلالا لشهر رمضان وللأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون.
والى نص حوار الشروق معه:
* دخلت المعركة حول جزيرتى تيران وصنافير جولة جديدة.. ما توقعاتك لوتيرة وطبيعة المناقشات التى ستجرى فى مجلس النواب؟
ــ هذه الجولة ستفاقم أزمة شرعية نظام الحكم بكل ما تحمله من معنى، سواء بالمعنى القانونى أو السياسى، لأن مجرد عرض الاتفاقية على البرلمان رغم إنه قُضى بإبطالها بحكم قضائى بات وواجب النفاذ، أمر يقوض دعائم الحكم الديمقراطى ويهدر نصوص الدستور ويعرض سلامة البلاد للخطر ويمثل عدوانا صريحا على السلطة القضائية، كما يوجه رسالة سلبية للداخل والخارج بأن احكام القضاء ليس لها قيمة.. وهذا خطر.
وموافقة البرلمان على الاتفاقية لن تنهى المعركة كما يتصور البعض؛ فسوف نتوجه إلى القضاء مرة أخرى، ولكن سيبقى السؤال: كيف يمكن أن يؤتمن هذا النظام وهذا البرلمان على أمن وسلامة هذه البلاد وعلى كبريائنا الوطنى.
أما من حيث طبيعة المناقشات فأعتقد أن البرلمان لن يتطرق إلى كون الجزيرتين مصريتين أو أن مصر كانت تمارس عليهما حقوق سيادة أم إدارة أو غيرها من المسائل الموضوعية، بل سيناقش النواب الموافقة على الاتفاقية فى مجملها، وأتوقع أن تكون المناقشة صورية على الرغم من الرغبة الصادقة لبعض النواب فى المناقشة وتبنى البعض الآخر فكرة تطبيق الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور بإجراء استفتاء شعبى.
* باعتبارك قدت المعركة القانونية لإثبات مصرية الجزيرتين؛ هل حاولت التواصل مع النواب أو التأثير عليهم لإقناعهم بمصرية الجزيرتين أو تطبيق الأحكام؟
ــ بالفعل جلست مع عدد متنوع من النواب، وبعضهم خارج تكتل 25ــ30 وشرحت لهم النزاع وأعطيتهم صورا من المستندات والمذكرات التى قدمتها للمحكمة، وجميعهم كانوا على يقين بمصرية الجزيرتين، لكن كان هدفهم الحصول على معلومات تمكنهم من إقناع زملائهم.
* تتحدث عن احترام القضاء؛ والحكومة ترى من جانبها أننا أمام أشكال مختلفة من الأحكام المتناقضة التى يجب احترامها «جميعا» وليس فقط احترام الأحكام الصادرة من مجلس الدولة.. ما تعليقك؟
ــ لا توجد أحكام متناقضة.. دائرة الموضوع المختصة هى القضاء الإدارى أو الإدارية العليا، ومجلس الدولة هو من يحدد ما إذا كان هذا العمل من أعمال السيادة أم لا، ولا يجوز أن تقول ذلك محكمة أخرى، ومحكمة الأمور المستعجلة تجاوزت المادة 190 من الدستور بشكل واضح وصريح.
* لكن الحكومة تقول إن الحكم الصادر عن الأمور المستعجلة موضوعى وليس مجرد استشكال لوقف تنفيذ حكم الإدارية العليا؟
ــ حتى لو كان موضوعيا فهى لا تملك إصداره، فلا يمكن تصور أن يصدر حكم من النقض مثلا فأذهب إلى مجلس الدولة لأطالب بوقف تنفيذه.. هذا ما فعلته الحكومة لاصطناع عقبات لوقف تنفيذ الحكم ليس إلا.
* بم تفسر بدء مناقشة الاتفاقية بعد أيام معدودة من إقامة الحكومة دعوى تنازع أحكام أمام المحكمة الدستورية العليا، مما يرجح إقرار الاتفاقية نهائيا قبل الفصل فى هذه الدعوى؟
ــ هذا يعكس تناقضا وارتباكا فى تعامل النظام مع الأزمة، لأن الدولة بذلك تعترف بأن هناك حكمين أحدهما ــ بالتأكيد ــ صحيح وقابل للنفاذ، فتوجهت إلى «الدستورية» لتحديد الحكم الصحيح، لكنها فى نفس الوقت ذهبت إلى البرلمان هروبا من «الدستورية» لأنها تعلم أن المسار القانونى مغلق أمامها، والأحكام القضائية السليمة هى تلك الصادرة من مجلس الدولة، فتحاول استباق الأحداث وجعلها قضية سياسية وليست قانونية.
* ما تصورك للوضع السياسى والقانونى للاتفاقية إذا صدر حكم من «الدستورية» أيا كان محتواه بعد إقرار الاتفاقية؟
ــ ستحدث أزمة بالتأكيد، وإذا أقر البرلمان الاتفاقية سوف يُطعن عليها وسوف تذهب إلى «الدستورية» مرة أخرى فى صورة قانون، وهذا سيستغرق وقتا طويلا. لكن أخطر ما سيعقب إقرار الاتفاقية إنزال العلم المصرى ورفع العلم السعودى على الجزيرتين، وهذا سيقلل فرص الأجيال القادمة فى استعادة هذه الأرض، فالسعودية لم تكن تملك من قبل أى شىء أو أى وثيقة تثبت ملكيتها للجزيرتين، أما الآن فسيصبح لديها اتفاقية موقعة من السلطة التنفيذية وأقرتها السلطة التشريعية المفترض أن تكون معبرة عن الشعب، وبالتالى ستقلل فرص اللجوء للتحكيم الدولى مستقبلا لاستعادة الجزيرتين.
* ما ردك على من ينتقدونك بسبب تحويل الاتفاقية من المسار السياسى إلى قضية قانونية معقدة الإجراءات أصبح الكثيرون لا يدركون أبعادها؟
ــ تقديرى أنه لم يكن هناك تعارض بين المسارين السياسى والقانونى، بل بالعكس كانا متكاملين، فالإجراءات القانونية هى التى استطاعت تعطيل الاتفاقية لأكثر من عام، وإذا لم تكن القضية مرفوعة منذ البداية لكان البرلمان قد وافق عليها بشكل روتينى، ولم تكن الناس ستسأل حينئذ هل الجزيرتان مصريتان أم لا، فجاء الحكم القضائى ليحسم هذا الأمر.
أما التعقيد القانونى بتعدد المسارات القضائية فى القضاء العادى والإدارى والدستورى، فأنا لست مسئولا عنه، بل سببه محاولة الدولة استمرار النزاع لأطول فترة ممكنة بأشكال قانونية باطلة، وأعتقد أننا فعلا أمام حالة فريدة تنظر فيها القضية أمام المحاكم العليا الثلاث: الدستورية والإدارية العليا والنقض.
* هناك من يرى أن القضاء تم إقحامه فى هذه الأزمة، وأن توسع المحاكم فى دخول مساحات اشتباك سياسية خاصة إذا كانت مرتبطة بمعاهدات دولية؛ هو أمر غير صحى، فهل هذا يمثل خطرا على القضاء نفسه مستقبلا؟
ــ لا أتفق مع هذا الرأى؛ فهذه القضية لها بعد خاص مرتبط بالتعديلات التى أدخلها دستور 2014 على حدود صلاحيات السلطة التنفيذية فى إبرام المعاهدات بحظر التنازل عن أى جزء من الأرض، وبالتالى كان لزاما على المحكمة أن تبحث أولا فى مصرية الجزيرتين لتقرر ما إذا كان هذا عملا سياديا أم إجراء إداريا واجب الإلغاء.
أما غلبة المسار القانونى على السياسى فهذا سببه تضييق المجال العام وحصار الأحزاب، والبطش بالشباب وتلفيق القضايا والتهم لهم، فى ظل اتساع عملية مكافحة الإرهاب التى ــ للأسف ــ توطن الإرهاب وتحاصر السياسة، فمثلا عقب حادث المنيا الأخير تم اتهام شباب من حزب «العيش والحرية» بالتحريض على العنف والإرهاب، مما يعكس أن السلطة الحاكمة تستخدم الإرهاب فى تثبيت دعائم حكمها ومحاصرة معارضيها.
*حققتم انتصارا فى المسار القانونى، لكن إلى أى مدى استطاع معارضو الاتفاقية النفاذ إلى مجلس النواب وكذلك المواطن البسيط المهموم بمشاكل أخرى؟
ــ استطعنا أن نصل إلى الناس فعلا وحظى حكم الإدارية العليا بترحيب وتأييد شعبى كبير، كما أعلن بعض النواب نيتهم الاستقالة حال إقرار الاتفاقية، وهذا ما أدى إلى ارتباك الحكومة، لكن قرار البرلمان مرتبط ببنيته وطريقة تشكيله وانحيازات أعضائه، فإذا صدقت بعض التقديرات باستقالة 50 نائبا مثلا فهذا سيكون حدثا كبيرا.
أما على المستوى الشعبى فالمشكلة أن المواطن يقيس توازن القوى على الأرض والأضرار التى قد تقع، وهذا فى غير صالح الأحزاب والنخب المحاصرة.
* لماذا نلحظ أن الصوت المعارض للاتفاقية انخفض مقارنة بالعام الماضى، بل تكاد تكون الفعاليات مقصورة على مواقع التواصل الاجتماعى؟
ــ هناك حساسية فى الدعوة للتظاهر ضد الاتفاقية بسبب الأحكام المؤلمة والمغلظة التى صدرت ضد معارضى الاتفاقية العام الماضى بالحبس والغرامات الضخمة، كما أن مناقشة الاتفاقية متزامنة مع شهر رمضان الذى يعتبر موسما ذا طبيعة خاصة لجموع المصريين، كما أن هناك شريحة عريضة من المواطنين والسياسيين باتت تستشعر أن أى تظاهر قد يؤدى لإراقة دماء.. وهذا يجعل مهمة الدعوة للتظاهر أثقل من أى وقت مضى.. لكنى أتوقع أن الناس ستتظاهر ضد الاتفاقية رغم كل هذه الاعتبارات.
* وإلى أى مدى سيؤثر إقرار الاتفاقية على مستقبل النظام الحالى؟
ــ إذا أقرت الاتفاقية سيكون النظام الحاكم بمثابة شخص ميت يسير على قدمين.
* هل ترى أن بعض الجهات الحكومية تم توريطها فى هذه الاتفاقية؟
ــ أعتقد ذلك، لأن هذه الاتفاقية مخالفة للدستور وكل من يوافق عليها يعرض نفسه للمادة 77 من قانون العقوبات الخاصة بتعريض سلامة البلاد للخطر، علما بأنى قدمت بلاغين للنائب العام ضد المسئولين بهذا الشأن ولم يستمع إلى حتى الآن. عليه مواد قانون العقوبات، وأنا قدمت بلاغين إلى النائب العام ولم يستدعنى لمناقشة بلاغى حتى الآن.
* تقرير الحكومة المرسل إلى النواب يقول إن الاتفاقية سوف تسهل إنشاء جسر الملك سلمان وأنه سيعرقل حفر قناة بن جوريون، وهى المشروع الخطير على قناة السويس. ما تعليقك؟
ــ التقرير ينطوى على أمور مغلوطة وغير منطقية، وردا على هذه النقطة تحديدا فإقرار الاتفاقية هو الذى سيسمح بحفر القناة وليس العكس، فهى ستحول مضيق تيران المؤدى لها إلى مياه دولية وليست مصرية، أما جسر الملك سلمان فلا أفهم ما الذى يمنع إقامته والجزر مصرية.
* تقرير الحكومة أيضا وصف ممارسات مصر على الجزيرتين بأنهما إدارة وليست سيادة، ما ردك على ذلك؟
ــ أريد أن أعرف ما المظاهر الدالة على سيادة الدولة ولم تمارسها مصر على تيران وصنافير.. رفعنا العلم وحاربنا على الأرض وأسر جنودنا واسترددناها وعقدنا اتفاقيات دولية بشأنها وأنشأنا قسم شرطة وسجلا مدنيا واعتبرناها محمية طبيعية.. الإدارة أمر مختلف تماما وتكون مؤقتة بطبيعتها كالتى مارسناها على غزة قبل احتلالها عام 1967.
* التقرير نسب إلى الرئيس الراحل السادات قوله «لا يا عم الجزر دى مش بتاعتنا ومش عايزينها».. هل بحثت فى ذلك؟ وهل لهذا الكلام حجية؟
ــ إن كان قد حدث هذا فلماذا تم ضم الجزيرتين إلى المنطقة (ج) باتفاقية السلام؟ كلام كهذا هو ما دفعنى للدفع أمام المحكمة بأن الحكومة تصطنع مستندات، وهى الآن تخدع النواب بإجابات واهية عن صحة موقفها، بل تزعم أنه لم تسل نقطة واحدة من جنودنا فى سبيل الجزيرتين، رغم أن عددا من جنودنا تم أسرهم فعليا من تيران.. ولا أفهم كيف لمصرى أن يكتب هذا الكلام!!.
كما قرأت فى التقرير أن إدارة الجزيرتين ستظل لمصر.. وهذا كلام ساذج يعكس الخوف من الرأى العام.
* تقرير الحكومة أغلق الباب أمام اللجوء للتحكيم الدولى وقال إنه لا يوجد خلاف بل اتفاق، بينما أنت تتحدث عن حقوق الأجيال القادمة فى التحكيم.. هل ترى أن هذا القرار مرتبط بالظرف السياسى فقط؟
ــ نعم؛ فرفض اللجوء للتحكيم فى حالة كهذه.. أداء دولة مريضة يتكالب عليها كل من يريد أن يأخذ منها شيئا، فالسعودية كانت تتحاشى منذ الأربعينيات ادعاء سعودية الجزيرتين، بل إن بعض وثائقها تتحدث عن عدم الرغبة فى إثارة النزاع بشأنهما، أى أن الجزيرتين فى أسوأ الأحوال مشكوك فى تبعيتهما، لكنهما بالتأكيد ليستا سعوديتين.
* لكن التقرير يعكس تخوفا من لجوء السعودية لمقاضاة مصر خاصة أنها أنهت التزاماتها الدستورية، ولا يجب أن تتضرر من الخلافات الداخلية المصرية.
ــ لا أثر قانونيا للاتفاق طالما كان معلقا على نفاذ الالتزامات الدستورية، ومصر لديها من الوثائق ما يؤكد ملكيتها للجزيرتين أمام أى هيئة تحكيم أو جهة دولية.
* فرضا جدلا.. إذا دعتك اللجنة التشريعية بمجلس النواب للتحدث عن القضية كممثل للمعارضين، هل ستقبل ذلك وأنت قد رفعت منذ أيام قليلة دعوى لحل البرلمان لتعرضه للاتفاقية؟
ــ بالتأكيد لا، لن أشارك فى إهدار حجية مجلس الدولة.. فقط أريد أن أقول للنواب إن كل الحروب التى نشبت بين مصر وإسرائيل كانت بسبب تيران وصنافير، وسعى المشروع الصهيونى للنفاذ من مضيق تيران والعبث بطبيعته كمياه مصرية 100%.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك