كان وأصبح (8): قصر السلطانة ملك.. تحول إلى مدرسة قبل يسجل أثرا - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:00 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كان وأصبح (8): قصر السلطانة ملك.. تحول إلى مدرسة قبل يسجل أثرا

إنجي عبدالوهاب
نشر في: الإثنين 13 مايو 2019 - 8:05 م | آخر تحديث: الإثنين 13 مايو 2019 - 8:05 م

لا ينفصل تاريخ الفنون عمارة وتصويرًا ونحتًا عن السياسة والاجتماع والاقتصاد، ولا تقتصر قيمته على الجمال والإبداع والاحتراف، بل هي شهادة حية على أيام خلت وأحداث مضت وشخصيات كان يمكن أن تتوه في غياهب النسيان.

وفي سلسلتنا الجديدة «كان وأصبح» التي ننشر حلقاتها على مدار شهر رمضان، نعرض نماذج لحكايات منشآت معمارية أو قطع آثرية مصرية تنتمي لعصور مختلفة، تسببت التحولات السياسية والاجتماعية في تغيير تاريخها، أو إخفاء معالمها، أو تدميرها بالكامل، لتخبو بعدما كانت ملء السمع والبصر.

وتنشر الحلقة الجديدة من هذه السلسلة يومياً في الثامنة مساءً بتوقيت القاهرة.

في منطقة مصر الجديدة بمحافظة القاهرة وتحديدًا في شارع العروبة في الجهة المواجهة لقصر البارون الفريد، يقع قصرٌ لا يقل أهميةً عنه تاريخياً وفنياً ومعماريًا من حيث قيمته المعمارية أو ارتباطِه بتحولات السياسة المصرية خلال العقد الثاني من القرن العشرين.

إنه قصر السلطان «حسين كامل» (1853 - 1917)، الشهير باسم زوجته السُلطانة مَلَك؛ والذي عرف مبناه مؤخرًا قبل أن تخليه وزارة الآثار باسم «مصر الجديدة الثانوية للبنات، فما هي قصة هذا القصر؟

كان القصر سكنًا لملك جشم آفت الزوجة الثانية للأمير حسين كامل، وبناتها الأميرات الثلاث، منذ العام 1909 وحتى العام 1914، وبعد تنصيب حسين كامل واليًا على مصر في العام 1914 انتقلوا إلى سراي عابدين ليعودوا إليه مرة أخرى في العام 1917 عقب وفاة السلطان حسين، وظلت السلطانة ملك تسكنه برفقة ابنتها الأميرة سميحة حسين حتى توفيت السلطانة ملك في فبراير وصودر القصر، وانتقلت الأميرة سمية لقصرها الجديد في الزمالك والذي تحول بوفاتها إلى مكتبة عامة.

تحفة معمارية تحوي كنوز أثرية

يجمع قصر السلطانة «مَلَك» مزيجا من طُرُز العمارة الإسلامية والباروكية، وهو ما يظهر فى التكوين الخارجي لبُرجِه القصر المماثل لتكوين المئذَنة، وكذا فى القبة الباروكية التى تتوسط أعلى سقف بَهوِه الرئيسى، كما يتضح هذا المزج أيضًا في تصميمات غرفه الداخلية للقصر وممراته.

من هي السلطانة ملك التي حمل القصر اسمها؟

نُسبت تسمية القصر للسلطانة ملك لقصر مدة حكم زوجها، كم أنها ظلت تتمتع بنفوذها كما احتفظت بلقب سلطانة عقب وفاته، وكانت على علاقة جيدة بملوك مصر فؤاد وفاروق.

ولدت ملك شجم آفت بإسطانبول في 27 أكتوبر عام 1869م، واسمها الحقيقي نيري فير، وهي ابنة أحد الباشاوات القوقاز تبنتها جشم آفت وهي زوجة للخديو إسماعيل لم يُكتب لها الإنجاب لذا سميت باسمها ملك جشم آفت، تعلمت الموسيقى واللغات في السراي الخديوية وتمعت بشخصية فريدة لاهتمامها بالموسيقى والفنون، وفي سن الـ17 أصبحت الزوجة الثانية للأمير حسين كامل أخو الخديو إسماعيل، وكان عمره أنذاك 55 عامًا وأقيم حفل زواجهما في سراي عابدين في 26 ديسمبر 1886م.

نالت ملك جشم لقب سلطانة عقب تولي زوجها حسين كامل عرش مصر إبان الحرب العالمية الأولى بعدما عزل الإنجليز ابن أخيه الخديو عباس حلمي الثاني ليصبح حسين كامل واليًا في 19 ديسمبر 1914 بعدما أعلن الإنجليز مصر تحت الحماية البريطانية، وانهوا السيادة العثمانية عليها، لذا مُنح حسين كامل لقب "سلطان" لحسين كامل أسوة برأس الدولة العثمانية نكاية في العثمانيين.

وأثمر زواجهما 3 فتيات هن الأميرة بديعة والأميرة قدرية والأميرة سميحة، وعقب وفاة السلطان حسين في 4 أكتوبر 1917، ظلت ملك جشم محتفظة بلقبها كـ"سلطانة" كما احتفظت بنفوذها في عهدي فؤاد وفاروق.

بدأت حكاية قصر السُلطانة ملك بعدما حضر الأمير حسين كامل المعرض الدولي للتصميمات المعمارية في باريس في العام 1900 برفقة زوجته الأميرة ملك جشم، ووقعت عيناهما على 3 تصميمات معمارية للمهندس الفرنسي الشهير ألكسندر مارسيل، أعجبوا بها وكان الأمير حسين كامل آنذاك على علاقة جيدة بلمليونير البلجيكي إدوارد جوزيف إمبان، وبعدما شرع إمبان في تأسيس مدينة هيليوبليس وبدأت لبناتها الأولى تظهر في العام 1908، استعان كل من إمبان والأمير حسين كامل بالمصمم الفرنسي الشهير ألكسندر مارسيل لتصميم قصور لهما على المدينة الجديدة، فبني القصرين في فترة متزامنة، وكانت مدينة هيليوبليس المقام عليها القصرين تتمتع بطرز معمارية فخمة لآرنست جاسبر وألكسندر مارسيل وغيرهم من كبار المصممين المعماريين بحسب مدونة "الأميرة والخديو".

مغالطات تاريخية تتعلق بالقصر
ويبدو أن حضور الأمير حسين كامل برفقة زوجته الأميرة ملك جشم حفل افتتاح قصر البارون كان السبب وراء الخطأ الشائع بأن الأمير حسين أعجب بقصر البارون وأراد شراءه من البارون إدوارد جوزيف إمبان لذا صمم له إمبان قصرًا مضاهيًا وأهداه لزوجته عام 1911م.

ثمة رواية أخرى حول القصر أوردتها عائشة إسماعيل، وصيفة السلطانة ملك، بأنه تمت مصادرة القصر عقب وفاة السلطانة ملك في فبراير 1956م، وتحول القصر في وقت من الأوقات إلى مقر لكلية البنات، عقب مصادرته عام 1956م، بحسبما اورده عادل طاهر في كتابه الصادر عن مكتبات روزا اليوسف تحت عنوان"السياحة ماضيها وحاضرها ومستقبلها".

وغدا حلقة جديدة عن مكان جديد..



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك