في أزمة جديدة تهز الائتلاف الحاكم بجنوب إفريقيا، قرر الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا وقف وزير الشرطة سينزو مكونو عن العمل فورا، بعد اتهامه بالتواطؤ مع عصابة إجرامية والتدخل في تحقيقات حساسة، معلنا تشكيل لجنة تحقيق قضائية في تلك الاتهامات.
** تشكيل لجنة قضائية للتحقيق
وأعلن رامافوزا في خطاب متلفز تعيين أستاذ القانون فيروز كاشاليا وزيرا للشرطة بالإنابة، مشيرا إلى أن لجنة تحقيق قضائية ستنظر في مزاعم مفادها أن كبار المسئولين، بما في ذلك أعضاء الحكومة الحاليين والسابقين، كانوا يخربون التحقيقات في عمليات القتل ذات الدوافع السياسية.
وقال رامافوزا: "هذه الادعاءات، إذا ثبتت صحتها، تهدد بتقويض ثقة مواطني جنوب إفريقيا في قدرة جهاز الشرطة على حمايتهم ومكافحة الجريمة والفساد بشكل فعال".
وبحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، فإن رامافوزا، الذي وصل إلى الرئاسة مطلقا وعود بمحاربة الفساد، وجد نفسه تحت ضغط للتحرك سريعا، حيث قالت الأحزاب السياسية والمواطنون إن هذه الادعاءات تهدد نزاهة منظومة العدالة الجنائية.
وكان "التحالف الديمقراطي"، الشريك الرئيسي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في الائتلاف الحاكم، قد طالب بفتح تحقيق برلماني بشأن هذه الاتهامات. كما دعا حزب معارض واحد على الأقل إلى إيقاف مكونو عن العمل.
** تفاصيل الاتهامات لمكونو
ووفقا لما كشفه مفوض شرطة إقليم كوازولو ناتال، نهلنهلا مخوانازي، خلال مؤتمر صحفي، فإن الأدلة الرقمية، مثل رسائل واتساب، تظهر أن مكونو حل وحدة شرطة كانت مكلفة بالتحقيق في جرائم القتل ذات الدوافع السياسية، بهدف حماية سياسيين وضباط شرطة وأشخاص آخرين مرتبطين بعصابة إجرامية.
وأضاف مخوانازي أن أكثر من 100 ملف قضية سحب من فريق التحقيق في جرائم القتل السياسي، ولم يُستكمل التحقيق فيها منذ ذلك الحين.
** الوزير ينفي.. والمعارضة تهاجم رامافوزا
من جهته، نفي مكونو هذه الاتهامات ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة، وأكد في بيان صادر عن مكتبه التزامه بسيادة القانون.
ويعد مكونو شخصية بارزة داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي يقوده رامافوزا، وقد أشار محللون سياسيون إلى احتمال ترشحه لمنصب قيادي في المؤتمر المقبل للحزب عام 2027.
في المقابل، وجه حزب "أكشن إس إيه" المعارض انتقادات للرئيس رامافوزا، واصفا وقف مكونو عن العمل بأنه "إجازة مدفوعة الأجر".
وقال الحزب إن "التأخير في اتخاذ الإجراءات بمثابة تأجيل حل الأزمة المتفاقمة داخل جهاز الشرطة في جنوب أفريقيا ونظام العدالة الجنائية الأوسع".
** أحدث أزمة تهز حكومة الوحدة الوطنية
وتعد هذه أحدث أزمة تهز حكومة الوحدة الوطنية برئاسة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، حيث تشكل هذا الائتلاف الحاكم قبل عام تقريبا بعد أن خسر الحزب أغلبيته البرلمانية لأول مرة منذ عام 1994، وفقا لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، التي اعتبرت أن تلك الأزمة تزيد الضغوط على هذا الائتلاف الهش.
وواجه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي اتهامات بالفساد في الأسابيع الأخيرة، مما زاد من التوترات مع شريكه الأكبر في الائتلاف، حزب التحالف الديمقراطي، والذي طرح فكرة التصويت بسحب الثقة من الرئيس رامافوزا.
وأقال رامافوزا فجأة الشهر الماضي، نائب وزير التجارة المنتمي لحزب التحالف الديمقراطي. ووصف زعيم الحزب، جون ستينهويزن، هذه الخطوة بأنها "هجوم مدروس على الائتلاف الحاكم"، وطالب الرئيس رامافوزا بالمثل بطرد "وزراء المؤتمر الوطني الإفريقي المتهمين بالفساد".
وقد تقدم حزب التحالف الديمقراطي بتهم فساد ضد أحد وزراء المؤتمر الوطني الإفريقي، وقال إنه "سيصوت ضد ميزانيات الوزراء الفاسدين"، مما أثار المزيد من الأسئلة حول الائتلاف الذي كان المستثمرون يأملون أن يحقق الإصلاحات المطلوبة بشدة للاقتصاد الذي نما بنسبة 0.6 % فقط في العام الماضي.
ومنذ سنوات أعرب المستثمرون عن قلقهم من الجريمة المستشرية، التي تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنها تكلف جنوب إفريقيا نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا.