يوميات ثورة 1919 (16): كيف ساوت الثورة بين الأغنياء والفقراء والسيدات والرجال؟ - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:33 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوميات ثورة 1919 (16): كيف ساوت الثورة بين الأغنياء والفقراء والسيدات والرجال؟

هاجر فؤاد:
نشر في: السبت 16 مارس 2019 - 2:33 م | آخر تحديث: السبت 16 مارس 2019 - 2:45 م

تواصل "الشروق" على مدار شهر مارس، عرض يوميات ثورة 1919، التي اندلعت أولى مظاهراتها في 9 مارس بالتحديد، وذلك لإطلاع الأجيال الشابة على أحداث هذه الثورة التي تعتبر أول حراك شعبي سياسي واجتماعي في تاريخ مصر الحديث، شاركت فيه كل فئات وطوائف المجتمع.

الكتاب الذي نعتمد عليه لاسترجاع هذه الأحداث هو «تاريخ مصر القومي 1914 -1921» للمؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعي، الذي يروي في قسم كبير منه يوما بيوم حالة مصر بعاصمتها وأقاليمها وشوارعها وجامعتها في فترة الثورة.

••••••••

تجمع مختلف الطبقات على عربات «الكارو»

سارت بعض قطارات الترام في شارع بولاق وشبرا، ووهي تحت حراسة الجنود الإنجليز، لكن الشعب أعرض عن ركوبها، وكانت مقاطعتها بمثابة عمل وطني، وآثر عليها السير على الأقدام وركوب عربات «الكارو» التي راجت رواجا عظيما خلال هذه الأيام، وصارت من المناظر المألوفة التي لا تخلو من الفكاهة أن يركبها قوم من الطبقات الغنية، ويجلسون فيها بجانب الركاب العاديين، يتبادلون الرويات عن الثورة وأنبائها، ويتبسطون في الأحاديث عن شئون البلاد وأحوالها العامة.

في هذا اليوم 16 مارس 1919، اليوم الثامن للثورة، تجددت المظاهرات وعمت حركة قوية في الأحياء الوطنية العامة كحي السيدة زينب والحسين والأزهر والحسينية والجمالية وباب الشعرية وغيرها.

الحيل الشعبية

استخدم المتظاهرون الحيل لتعطيل سير السيارات الحربية المقلة للجنود الإنجليز، فأقاموا الحواجز والمتاريس في كثير من الدروب، وحفروا في بعض الشوارع حفرا عميقة أشبه بالخنادق في ميادين القتال، واتخذوا من أنقاضها وقاية لهم من رصاص الجنود ومعقل لرمي الجنود بالطوب والحجارة.

ففي نفس اليوم نشبت مظاهرة في محافظة الفيوم، قتل فيها أحد المارة بسبع طلقات من قبل رشاش أحد الجنود، وقتل غلاما بالسنج عند مروره بالقرب من المعسكر الإنجليزي.

نشبت مظاهرة أخرى بكفر الشيخ ألفها طلبة المدارس، واتسعت بانضمام الشعب حتى بلغ عددها 10 آلاف شخص، وهاجم المتظاهرون بناء المركز وقذفوه بالطوب والحجارة، فأطلق الجند عليهم الرصاص وقتل واحد منهم، وقطعت السكك الحديدة وخطوت التلغراف، وعزلت المدينة عن البلدان الأخرى.

مشاركة السيدات للرجال في الثورة

وشاركت المرأة المصرية الرجال في الثورة للمرة الأولى وكانت بمدينة القاهرة، وأعلنت عن مساهمتها فيها بمختلف الوسائل، للإعراب عن شعورهن، وقدموا احتجاجا مكتوبا لمعتمدي الدول الأجنبية؛ احتجاجا على الأعمال الوحشية وإطلاق الرصاص على الأطفال والرجال العزل من السلاح لمجرد احتجاجهم بطريق المظاهرات السلمية على منع المصريين من السفر للخارج، لعرض قضيتهم على مؤتمر السلام، أسوة بباقي الأمم وتنفيذا للمبادئ التي اتخذت أساسا للصالح العام، ولعتقال زعيم الأمة وبعض زملائه ونفيهم إلى جزيرة مالطة.

فخرجت المتظاهرات في حشمة ووقار، وعددهن يربو على الثلاثمائة من كرام العائلات، وسارت السيدات في صفين منتظمين، وجميعهن يحملن أعلامًا صغيرة، وطفن الشوارع الرئيسية في موكب كبير، هاتفات بحياة الحرية والاستقلال وسقوط الحماية، فلفت موكبهن أنظار الجماهير، وأذكى في النفوس روح الحماسة والإعجاب، وقوبلن بتصفيق الناس وهتافهم، وأخذ النساء من الشروفات يقابلهن بالهتاف والزغاريد.

ومر المتظاهرات بدور القنصليات ومعتمدي الدول الأجنبية لتقديم احتجاجهن المكتوب، لكن الجنود الإنجليز منعوهن، وعندما وصل المتظاهرات إلى شارع سعد زغلول يردن الوصول لبيت الأمة، منعوهن أيضا من السير وسددوا إليهن بنادقهم، لكن المتظاهراات لم يرهبن التهديد والبنادق، بل تقدمت إحداهما إلى جندي حاملة العلم، وقالت له بالإنجليزية «نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك إلى صدري لتجعلوا في مصر مس كافل ثانية».

فخجل الجندي، وأفسح لهن الطريق، فمس كافل، هي ممرضة بريطانية كانت مشهورة، أسرها الألمان في الحرب الأولى واتهموها بالجاسوسية وأعدموها رميا بالرصاص.

وكتب السيدات احتجاجا ثانيا على هذه المعاملة الغاشمة باحتجاجهن الأول، يروين فيها، استمرار الإنجليز في استخدام القوة الغاشمة حتى مع السيدات لإخماد أنفاس المظاهرات، التي لم يكن أساسها أي عداء، موضحين فيها أن المظاهرات موجهة فقط ضد أعمال الاستبداد والقوة التي يقابل الإنجليز بها المطالب الشرعية للأمة.

وغدا حلقة جديدة....



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك