نقيب الصحفيين يروي دور "هيكل" في إسقاط "قانون 93 لسنة 1995".. ويؤكد: الأستاذ أوصانا بـ"شباب مصر"
سكينة فؤاد: لا يمكن لأحد قراء تاريخ الصحافة إلا وسيجد هيكل أحد أركانه الأساسية.. وصاحب مدرسة خاصة في الكتابة والتحليل
صلاح عيسى: أحد صروح السياسة والإعلام.. وأضاف للدولة وللمهنة لمحات من تفرده وعبقريته ووطنيته
أحمد النجار: رحل صوت العقل في وقت نحن أحوج ما نكون إليه تاركا حزنا عميقا على الرمز والمعلم والصديق والإنسان
نعت صاحبة الجلالة رحيل الأستاذ والكاتب الصحفي، محمد حسنين هيكل، بكلمات من الرثاء والحزن، حيث روى عددا من رموز الجماعة الصحفية دور هيكل في إثراء الدولة المصرية سياسيا وصحفيا ووطنيا، واتفقوا جميعا على الفراغ الذي سيتركه هيكل في الوطن والمهنة بعد رحيله.
ووصف نقيب الصحفيين، يحيى قلاش، رحيل الأستاذ الكاتب الصحفي، محمد حسنين هيكل، بأنه فقدان لشخص نادر أن يُعوض في أي وقت وتاريخ وأي مهنة، معتبرا أنه قيمة غير مسبوقة، وأنه استطاع، في مهنة تُنمي كل ما هو ذاتي وفردي، أن يحولها إلى مؤسسة، كما أن تأثيره العميق في العديد من الأجيال غير مسبوق، رغم أن المهنة تحفل بقامات كبير لكن تأثيره سيظل متأصلا في جذور الدولة والمهنة لأسباب كثيرة، فهو متجدد ومطلع دائما على مجريات الأمور في مصر والعالم أجمع.
وأوضح قلاش لـ"الشروق" أن هيكل ليس قيمة مهنية ووطنية وفكرية فقط، وليس "جرنالجي" أو صحفي فقط، وإنما هو مشروع وطني متكامل الأركان، وقيمة هيكل ستظل جزء من الذاكرة الوطنية المصرية، لأن هيكل المؤسسة كان حريصا على تسجيل كل تفاصيل الأحداث التي عاشها وعاصرها على مدار عمره الطويل، فضلا عن علاقاته غير المسبوقة في الداخل والإقليم والعالم كله، وقربه من مواقع الأحداث ومشاركته في أحداث كبيرة.
وقال نقيب الصحفيين إن إنتاج هيكل سيستمر، فقد ترك جزءا من إنتاجه ليُحفظ في ذاكرة الوطن مع وصاياه التي ائتمن عليها أولاده وأحفاده، مشددا على أن هكيل كان من أهم الذين دافعوا عن المهنة وعن قيمتها، فقد كان يعلم تماما أن الصحافة مهنة لا تعيش إلا بالحرية ولا تنمو إلا بمزيد من الحرية، وأنه في جميع المواقف التي تعرضت خلالها المهنة لخطر حقيقي كان موقف هيكل موجود ومؤثر.
وروى قلاش الدور الذي لعبته رسالة هيكل في إسقاط القانون 93 لسنة 1995، حيث أشار إلى أنه أرسل رسالة إلى هيكل قبل انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في 10 يونيو 1995، وقال له "مازلنا ننتظر كلمتك"، ففوجئ باستدعاء هيكل له في منزله بالجيزة، بعد أن عاد خصيصا من منزله في برقاش، وقاله له هيكل حينها "لقد طلبت رسالتي، وهاهي رسالتي وأنت مؤتمن عليها".
وأوضح النقيب أن هذا الموقف كان صعبا للغاية عليه، لأنه تلى كلمة هيكل على جميع الصحفيين في الجمعية العمومية، مشددا على أن هذه الكلمة كان لها تأثير مدوي على كل المستويات، على مستوى الجمعية العمومية، وعلى مستوى الشحن الإيجابي والطاقة الايجابية للجمعية العمومية التي استمرت بزخم هذه الكلمة لمدة عام كامل حتى نجحت الجماعة الصحفية إسقاط القانون 93 لسنة 1995، وانتصرت إرادة الصحفيين في هذا الوقت.
ورأى قلاش أن جزء من عبقرية هيكل كانت في تواصله مع كل الأجيال، فقد كان يعقد اجتماعات مع رموز الحركة الطلابية في مصر أثناء السبعينات، واستمرت علاقته مع الأجيال الشابة حتى وقتنا الحالي، وآخرهم هو الجيل الذي تشكلت ملامحه قبل 30 يونيو، ومنهم أعضاء حركة تمرد.
وأكد نقيب الصحفيين أن أهم وصية كانت لهيكل هي احتضان شباب مصر، حيث ظهر ذلك خلال لقاءاته التلفزيونية الأخيرة، وكذلك خلال زيارتهم له في منزله يوم عيد ميلاده في سبتمبر الماضي، حيث كان تركيزه وهمه هو كيف يحتضن هذا الوطن الشباب، وألا تكون هناك خصومة مع مستقبل مصر وهم الشباب، فقد كان يعرف كان يفكر شباب المستقبل لقربه منهم وعلاقته بهم، وكان مشغولا ومهموما بفكرة كيف يكون الشباب جزءا من المستقبل، وكيف يتم دمجهم في المجتمع، وآلية الحوار معهم، لإيمانه بأنه لن يصل أي وطن لمستقبله.
من جانبها، أبدت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، حزنها على رحيل الأستاذ الكاتب محمد حسنين هيكل، حيث قالت لـ"الشروق" إنه من المؤكد أن مصر والصحافة المصرية والعربية والدولية فقدت قيمة وقامة وقلم، مؤكدة أنه لا يمكن لأحد أن يقرأ تاريخ الصحافة إلا وسيجد بصمات واضحة وكتابات تعتبر من الأركان الأساسية لهذا التاريخ، مشددة على أن مصر فقدت شخصية في التحليل والمرجعية والإضافة السياسية والفكرية.
ووصفت هيكل بأنه صاحب مدرسة خاصة في الكتابة والتحليل، نظرا لما عايشه من أنظمة وتحولات في مصر والعالم العربي والدولي بأكمله، منوهة إلى قراءاته وتحليلاته، التي قد يتفق أو يختلف معها البعض، لكن لا يستطيع أحد إلا الاتفاق على أن هيكل قامة كبيرة ومدرسة خاصة في الأسلوب والرؤية، كما أنه كانت له مدرسته في الكتابة الصحفية، ومكانة ودور وحجم كبير لما شارك فيه في الصحافة المصرية والعربية والدولية.
أما الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، صلاح عيسى، فقد وصف الأستاذ الراحل هيكل بأنه أحد صروح السياسة والإعلام المصري خلال النصف الثاني من القرن العشرين والعقود الأولى من القرن 21، منوها إلى أن أضاف للدولة المصرية ولمهنة الصحافة لمحات من تفرده وعبقريته ووطنيته التي ستظل قائمة ومؤثرة لعقود كثيرة.
فيما نقل رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أحمد النجار، حزنه على وفاة هيكل قائلا "رحل أسطورة النبل والرقي الإنساني والرمز الأعظم للصحافة ولمؤسسة الأهرام"، معتبرا أن رحيل هيكل، الذي وصفه بأنه صوت العقل، جاء في وقت "نحن أحوج ما نكون إليه".
وأشار النجار إلى أن هيكل كان آخر الكبار الذين ودعوا عالمنا، بعد أن تجاوز عليه كل الصغار والأقزام وهوام الأرض ومن يحركونهم، لافتا إلى أن أسطورة الصحافة رحل من عالم تدنى كثيرا وصار لا يستحق وجود مثل هذه القامات العظيمة، تاركا حزنا عميقا على الرمز والمعلم والصديق والإنسان.