- الأمين العام للجامعة العربية يشيد بشعار الدورة الحالية
لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية
يشارك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في أعمال الدورة 11 لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، التي تقام في الصين اليوم الاثنين، برعاية دائرة العلاقات الخارجية المركزية للحزب الشيوعي الصيني والأمانة العامة لجامعة الدول العربية وبحضور كل من ليو هايشينج وزير دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وجين شين مساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
وأعرب أبوالغيط، عن خالص التقدير للصين، قيادة وشعبا، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وعلى استضافتها الدورة الحادية عشرة من مؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية.
وقال أبوالغيط خلال كلمته: لقد تحول هذا المؤتمر، بفضل الإرادة المشتركة، من مجرد منبر دوري للنقاش الثقافي، إلى واحد من ركائز مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين وبما يعكس ما تقوم عليه العلاقة بين الحضارتين العربية والصينية من أساس راسخ من التفاهم العميق والتعاون البنّاء.
وأكد الأمين العام التزام جامعة الدول العربية الثابت تجاه الحوار بين حضارتينا العريقتين حيث يعبر التزامنا ببناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك عن إرادتنا الجماعية في تجاوز التحديات وتحقيق آمال شعوبنا، معربا عن تطلع الجامعة العربية بكل تفاؤل إلى القمة الصينية العربية الثانية في عام 2026، والتي ستمثل محطة هامة وعلامة فارقة في هذه الشراكة الاستراتيجية.
وأضاف أبوالغيط: إن اجتماعنا اليوم هو تجسيد حي لعمق الروابط التي تجمع حضارتين عريقتين قدمتا عبر التاريخ نموذجاً فريداً للتفاعل الإيجابي والتعايش الخلاق حيث كانت قوافل طريق الحرير التاريخي جسراً لم يقتصر دوره على تبادل السلع، بل كان ناقلاً كذلك للأفكار والفلسفات والعلوم والفنون ما أسهم في إثراء الحضارتين، بل وأضاف بكل تأثير للتراث الإنساني العالمي المشترك.
كما أشاد أبوالغيط بشعار الدورة الحالية، الذي يدعو إلى التشارك في بناء مجتمع صيني عربي مستقبلي مشترك نحو العصر الجديد، موضحاً أنه ليس هدفاً مثالياً بعيد المنال بل هو رؤية استراتيجية طموحة تعكس وعينا المتبادل بضرورة استبدال لغة الصراع بلغة الشراكة وإدارة المستقبل بالحوار والتفاهم بدلاً من الرفض أو الكراهية.
وتابع الأمين العام: ندرك أن العالم اليوم يواجه تحولات متسارعة وتحديات مركبة لا تعترف بالحدود، وذلك من التغيرات المناخية والتهديدات الأمنية وصولاً إلى الأزمات الإقليمية ومسائل التنمية المستدامة ومخاطر التطور التكنولوجي المتسارع، معتبرا أن في هذا الخضم، يصبح الحوار الحضاري ضرورة لا غنى عنها، وأداة مهمة لصياغة حلول تتسم بالاستدامة والابتكار.
وقال أبو الغيط، إن عصرنا الحالي بما يشهده من تغيرات حادة بوتيرة متسارعة قد أصاب الكثيرين عبر العالم بحالة من القلق حيال تطورات متلاحقة لا يستطيعون استيعابها وتسهم التكنولوجيا الحديثة، خاصة تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، في زيادة الاحتقانات بل وقد تدفع هذه الوسائط، بطبيعتها، إلى الترويج للآراء الأشد تطرفاً التي تستغل مشاعر القلق التي تنتاب عدداً كبيراً من الناس ويكون من نتيجة هذا كله الترويج لخطاب الكراهية بين الحضارات وإبراز التناقضات بينها والتركيز على ما يفرقها لا ما تجتمع عليه من قيم إنسانية لا تخلو منها أية منظومة حضارية.
وأكد أن التصدي لخطاب الكراهية واجب على كل المؤسسات التي تعمل لخير المجتمع البشري.
ومضى يقول: إن إيماننا الراسخ في الجامعة العربية هو أن الحضارات الإنسانية تتكامل وتتلاقى وأن قوتها الحقيقية تكمن في تنوعها ولهذا، فإننا نتمسك بمبدأ التكامل الحضاري ونبذ المقاربات الإقصائية، مؤكدين دوماً على احترام الخصوصية الوطنية وحق كل دولة في تحديد مساراتها التنموية والسياسية، بمعزل عن أي إملاءات خارجية، موضحا أن في مضمار الثقافة لا تعلو حضارة على أخرى، وبمعيار القيم، ليست هناك حضارة أعلى وأخرى أدنى.
وأعرب الأمين العام عن التقدير العميق للمبادرة الرئاسية الصينية بشأن الحضارة العالمية، التي تمثل إضافة نوعية لخطابنا الدولي، واصفا اياها أنها رؤية حكيمة ومتوازنة تساهم في صياغة مستقبل مشترك للبشرية وتتوافق بدرجة عالية مع مبادئنا العربية الإسلامية من تسامح واعتدال وانفتاح على الآخر.
وأشار إلى إعلان الرئيس الصيني شي جين بينج خلال قمة تيانجين عن مبادرة الحوكمة العالمية، التي تسعى إلى معالجة أوجه القصور التي يعاني منها النظام العالمي ولا سيما نقص تمثيل دول الجنوب العالمي، وتآكل سلطة القانون الدولي والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، والحاجة الملحة لزيادة الفعالية لمواجهة التحديات العالمية، لافتا لما تهدف إليه مبادرة الرئيس إلى إصلاح آليات الحوكمة العالمية وتفعيل النظام الدولي متعدد الأطراف، وذلك انطلاقا من عدد من المبادئ والمرجعيات الدولية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.
وأكد أن الدول العربية من دون شك هي جزء من الجنوب العالمي، وبالتالي فإن "مبادرة الحوكمة العالمية" تحاكي شواغل الدول العربية إزاء النظام العالمي الحالي وآلياته القائمة، مشدداً على ضرورة أخذ هذه المبادرة الهامة بعين الاعتبار والتقدير وإيلاؤها ما تستحق من الدراسة والاهتمام، بالنظر إلى إسهامها المنتظر في بناء السلام والتنمية العالميين.
وأضاف: لا يمكن لأي مشروع استراتيجي أن ينجح دون إشراك الشباب الفعال وتمكينهم لذا، فإننا ندعم بقوة توسيع برامج التبادل الشبابي والمبادرات المشتركة، كـ"معسكر التبادل للقادة الشباب"لضمان أن يحملوا هم مسئولية بناء المجتمع المشترك نحو العصر الجديد، وليكونوا أملنا في عالم أكثر سلاماً وعدلاً.