معديات متهالكة تراوغ الرقابة قبل سقوط ركابها في جوف النيل - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:31 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معديات متهالكة تراوغ الرقابة قبل سقوط ركابها في جوف النيل

تصوير كريم أحمد
تصوير كريم أحمد

نشر في: الثلاثاء 18 يناير 2022 - 7:50 م | آخر تحديث: الثلاثاء 18 يناير 2022 - 7:53 م

ماهر عبدالصبور وغادة الدسونسي وشريف حربي ومحمد نصار ومروة حماد

مسئول ملاحة بالمنوفية: أصحاب معدية منشأة القناطر واصلوا العمل بالمخالفة للقانون
مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق: أغلب المعديات غير مطابقة للمواصفات وتراخيصها «على الورق»
محافظ المنيا: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتقليل الاعتماد على المعديات النيلية وتفرض رقابة ‏صارمة

أطفال صغار، عمال تراحيل، أسر، وغيرهم يسلكون طريقهم يوميا فوق المعديات نحو وجهتهم الأخرى، لا يعلمون ما ‏ينتظرهم فى رحلتهم، البعض يصل بسلام، وآخرون تتلقفهم مياه النيل لينضموا إلى قائمة طويلة من ضحايا الإهمال وغياب ‏الرقابة، وآخرهم الأطفال الثمانية ضحايا معدية منشأة القناطر الخيرة من ابناء قرية طليا بمركز أشمون، محافظة المنوفية.. القضية تثير تساؤلات كثيرة حول سبل مواجهة الأزمة، وحماية ‏المزيد من الأرواح من هذا المصير المأساوى.‏
حدد عماد حمدى سالم، مدير إدارة الملاحة بمديرية النقل فى محافظة المنوفية، موطن الداء فى غرق ‏المعديات فى مصر بشكل عام وفى المنوفية بشكل خاص، فى استهانة أصحاب تلك المعديات بالقانون.
وعندما سألته ‏‏«الشروق» عن معدية منشأة القناطر التى شهدت غرق 8 أطفال يعملون بإحدى مزارع الدواجن أثناء رحلتهم من الجيزة إلى المنوفية، قال ‏إن المعدية حصلت على ترخيص من كفر الشيخ بسبب رفض التراخيص من محافظتى الجيزة ‏والمنوفية لمخالفتها الشروط، ومحرر لها العديد من المحاضر بعدم استيفاء الأوراق، وبينها ‏محضر إيقاف وتشميع بتاريخ 2ــ11ــ2021، وتم عمل محضر ضد أصحابها لإتلافهم الشمع الأحمر، ‏ورغم ذلك كان يسمح لها بالعمل.‏
تعد المعديات فى محافظة المنوفية وسيلة أساسية فى مراكز عدة، للوصول إلى الجانب الآخر من ‏المحافظات التى يفصل بينها فرع النيل كالجيزة والبحيرة، ويقول أحمد عبدالمقصود من أبناء أشمون، ‏إنه يستقل معدية أبو عوالى يوميا، حيث يعمل فى محافظة الجيزة، ويضطر إلى استقلالها مرتين صباحا ‏ومساء. ‏
يوضح على السيد، من أهالى قرية كفر العبسى مركز قويسنا، أن أهالى قريتهم يستقلون المعدية يوميا ‏للوصول إلى البر الآخر من محافظة القليوبية، لقضاء احتياجاتهم اليومية، حيث تعد القليوبية أقرب لهم ‏من المنوفية، كما لا توجد مواصلات من قريتهم لتوصيلهم إلى مركز قويسنا التابعين له، وقد يستغرق الأمر ‏ساعتين للوصول، ما يدفعهم لاستقلال المعدية كوسيلة سريعة ورخيصة.‏
ونعود لعماد حمدى سالم، مدير إدارة الملاحة بمديرية النقل فى محافظة المنوفية، الذى يؤكد أن المسئولين يتابعون ‏المعديات وتراخيصها يوميا، مشيرا إلى أن المحافظة تضم 18 معدية عامة مرخصة.‏
وتابع: «لا يوجد غرق للمعديات، لكن الحوادث تنم عن خطأ أشخاص وسائقين، وهناك 30 معدية تخدم ‏المنوفية وغيرها من المحافظات، عدد منها يتم الترخيص له من محافظات أخرى، وتتم المتابعة الدورية ‏عليهم من إدارة النقل النهرى».‏
واستدرك: «هناك 4 محاور تحت الإنشاء للربط بين محافظة المنوفية وغيرها، ولكنها لن تغنى عن ‏المعديات، حيث تعتمد قرى كاملة عليها، لأن أجزاء شاسعة من المحافظة توجد على فرعى رشيد ‏ودمياط، والسبيل الوحيد لأبنائها هو المرور بالمعدية».‏
ومن المنوفية إلى محافظة المنيا وهى من أكثر المحافظات تعرضا لحوادث المعديات، حيث يقول بهير محمد محمد، عضو مجلس محلى ‏محافظة سابق، إن الأهالى يعتمدون عليها كوسيلة نقل رخيصة وسريعة لقضاء حوائجهم اليومية للعمل ‏والدراسة والتسوق والتزاور وحتى فى دفن الموتى، مقابل جنيهين للفرد، أما السيارات فتتراوح أسعار ‏تذاكرها بين 10 و20 جنيها، فضلا عن زحام المواصلات.‏
وأضاف: «لكن هذه الرحلات اليومية بين الضفتين تحفها المخاطر، فالمعديات القديمة والمتهالكة تعد ‏وسيلة النقل الأساسية لمعظم مراكز المحافظة، كما أنها تفتقر إلى أبسط وسائل الأمان والسلامة، وفى ‏بعض الأحيان يقودها مراهقون».‏
يفصل بين أقرب كوبرى – كوبرى النيل بمدينة المنيا – وبين منزل لمياء ابراهيم حسين، مسافة تتعدى ‏‏٢٥ كيلو مترا، لذا تضطر للاعتماد على المعديات للوصول إلى مركز أبو قرقاص على الضفة الغربية ‏للنيل، حيث توجد الخدمات من إدارة تعليمية، وأسواق، ومستشفيات، فيما لا يجد فى منطقتها سوى ‏محال الإقامة والمقابر.‏
ويقول باهى الروبى، رئيس مجلس محلى محافظة المنيا سابقا، إنه على الرغم من تغيير عدد كبير من ‏المعديات للنقل من البر الغربى إلى الشرقى والعكس، إلا أن يد التطوير لم تمتد إلى جميع القرى، حيث ما ‏يزال عدد من المعديات يحيطه الخطر.‏
تضم المحافظة حوالى 178 معدية، منها 32 معدية حكومية، و146 ملكا للأهالى، 127 منها تحمل ‏رخصا سارية، و51 أخرى منتهية التراخيص، لكنها ما تزال تعمل أيضا فى جميع المراكز.‏
محافظ المنيا أسامة القاضى يؤكد أن الدولة تبذل جهودا عدة للتقليل من الاعتماد على المعديات النيلية، وتفرض رقابة ‏صارمة عليها، مع العمل على إنشاء محاور ربط الجانبين الشرقى والغربى للنيل بكبارى، إلا أن ‏طول المحافظة ووضعها على ضفاف نهر النيل، والوضع الاقتصادى للمواطنين، يبقى على حوادث ‏المعديات التى تزداد مع تزايد الاستغلال وغياب الرقابة.‏
وأكد المحافظ أنه أصدر الكتاب الدورى رقم 53 لسنة 2021، بشأن خطوط سير وتجديد تراخيص ‏المعديات النيلية غير الآلية، والتى تعمل بالواير – السلك – الجنزير، وبحالة فنية متدنية، منعا لتعرض ‏مستقليها لحوادث.‏
السكرتير العام لمحافظة البحيرة اللواء محمد بدر، يشير إلى أن مركز كوم حمادة يشمل الرياح البحيرى ‏وهو من أعمق وأخطر المجارى المائية، والذى تعمل عليه المعديات النهرية لنقل الأهالى والسيارات ‏لعدم وجود كبارى بين الضفتين، موضحا أن المحافظ هشام آمنة طلب إنشاء 8 كبارى على الرياح ‏البحيرى للمشاة والسيارات، وهو ما وافقت عليه وزارة النقل.‏
وتابع: «يتم إنشاء الكبارى بتكلفة ٢٦١ مليون جنيه، من شأنها العمل على تسهيل وسيولة الحركة ‏المرورية، والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وإنهاء أزمات المعديات النهرية الخطرة».‏
وواصل: «المحافظة تضم 8 مراكز تقع عليها مجار مائية، وبالتالى تكون للمعديات النهرية أهمية كبيرة ‏فى نقل المواطنين بين ضفتى النيل، لذلك تكثف الوحدات المحلية من حملاتها شبه اليومية على هذه ‏المعديات، لمراجعة تراخيصها ووسائل الأمن والسلامة، والالتزام بحمولتها المقررة، ويتم إلغاء ‏تراخيص المعديات المخالفة نهائيا».‏
‏9 معديات تعمل على نهر النيل بمراكز دسوق ومطوبس وفوه بمحافظة كفر الشيخ، وحسب خالد ‏صبحى، صاحب معدية بكفر الشيخ، جميعها على درجة كبيرة من الجودة، وتتم متابعتها دوريا من ‏المحافظة ومسئولى المعديات والمركبات والفنيين.‏
تقول ميرفت إبراهيم، تاجرة خضراوات بالمركز: «نعانى يوميا من نقل بضاعتنا إلى الأسواق لبيعها ‏نتيجة قلة المعديات وتأخرها، وهو ما يضيع علينا الكثير من الأعمال، فأنا وغيرى من التجار ‏والمزارعين ننتظر المعدية منذ ساعات الفجر الأولى، التى لا تأتى إلا التاسعة صباحا، لأنه لا توجد ‏وسيلة غيرها، لنقل البضاعة، حيث نعيش فى جزيرة بقلب النيل».‏
مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، صبرى الجندى، قال إن أغلب المعديات التى تعمل على فرعى ‏نهر النيل ورشيد ودمياط، غير مطابقة للمواصفات ومعايير السلامة للمواطنين، بجانب عدم حصول ‏أصحابها لرخص متطابقة مع الجودة والسلامة الصحية للمواطنين، وإذا حدث سيكون على الورق وليس ‏على واقع عمل المعديات.‏
وتابع الجندى لـ«الشروق»: «هناك افتقاد للرقابة والتأكد من صلاحية عمل المعديات وفقًا للمعايير ‏والمواصفات المطلوبة من الجهات المعنية، سواء هيئة الملاحة النيلية، أو الإدارات المحلية، أو غيرها، ‏بجانب غياب الرقابة على التأكد من تحديد الحمولة المقررة فى الرخصة، والقدرة الاستيعابية لكل معدية ‏أو مركب».‏
ولفت إلى أن أغلب المعديات منتهية الصلاحية، ولا يتم تنفيذ رقابة صارمة عليها، مشيرًا إلى أنه لا ‏غنى عن تلك المعديات، كونها وسيلة نقل تكلفتها منخفضة ومناسبة للفقراء، وتساعد كثيرًا فى اختصار ‏الوقت ما بين منطقة وأخرى، شرط أن تكون هناك رقابة قوية وصارمة من الجهات المعنية.‏
على الجانب الآخر، يؤكد مصدر مسئول فى وزارة التنمية المحلية، إن الإدارات المحلية بالمحافظات ‏تشن حملات مستمرة للتفتيش والرقابة على المعديات التى تنقل المواطنين والسيارات بين ضفتى نهر ‏النيل فى حدود اختصاصها، للتأكد من صلاحيتها، بجانب إنارة الطرق المؤدية إلى المعديات.‏
ويشير إلى أن جهات أخرى تشرف على الرقابة والتأكد من تراخيص المعديات، والتأكد من حمولة ‏المواطنين والسيارات للقدرة على استيعابها، تجبنًا لوقوع حوادث.‏
ويضيف المصدر لـ«الشروق»، أن هناك تشديدات من المحافظين على رؤساء المدن والأحياء باستمرار ‏الحملات على المعديات للتأكد من ضمان جودتها.‏



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك