مع عودة علاقاتهما الدبلوماسية رسميا تفتح الولايات المتحدة وكوبا، الإثنين، صفحة جديدة في علاقاتهما التي تميزت في القرن العشرين بالهيمنة الأمريكية ثم عداوة الحرب الباردة.
تعود العلاقات الأمريكية الكوبية إلى العام 1898، عندما أرسلت الولايات المتحدة قوات إلى الجزيرة لمساندة الاستقلاليين الكوبيين في حربهم ضد المستعمرين الإسبان.
ومع انتهاء النزاع في العام نفسه، حصلت واشنطن بموجب معاهدة باريس على الفلبين وغوام وبورتوريكو ونالت الجزيرة استقلالها. لكن حكومة عسكرية أمريكية أقيمت فيها.
وفي العام 1902، سمحت هذه الحكومة بقيام جمهورية كوبا المستقلة، لكن الأمريكيين احتفظوا بالسيطرة على الجزيرة من خلال إدخال بند (تعديل بلات) في دستورها يسمح لها بحرية التدخل عسكريا.
وفي 1903، منحت معاهدة أمريكية كوبية واشنطن حق استئجار دائم على أرض جوانتانامو (جنوب شرق كوبا)، حيث أقامت في 2002 معسكر اعتقال.
وبلغت السيطرة الأمريكية على كوبا ذروتها في عشرينات القرن الماضي عندما فرض سفيرها الجنرال أينوش كرودر حكومة موازية فعلية على الجزيرة. وفي تلك الحقبة أقيمت شركات أمريكية عديدة وفق شروط مواتية لمصلحتها.
وفي يناير 1928، قام كلافن كوليدج بزيارة إلى كوبا، وهي الوحيدة لرئيس أمريكي، لمناسبة مؤتمر للدول الأمريكية.
واستمرت هيمنة واشنطن السياسية والاقتصادية على هذه الجزيرة التي تبعد أقل من مئتي كيلومتر، أثناء عهد فولجنسيو باتيستا الرجل القوي في البلاد اعتبارا من ثلاثينات القرن الماضي.
وفي 1959 مع وصول فيدل كاسترو ورفاقه إلى الحكم الذي قوبل باللامبالاة في البداية في واشنطن، سجلت بداية قطيعة شاملة بين البلدين.
ومع إطلاق نظام كاسترو إصلاحا زراعيا مرفقا بحملة واسعة لعمليات تأميم أراض وشركات أمريكية أصبحت الولايات المتحدة عدوا، وبسرعة رد الرئيس دوايت أيزنهاور بقطع العلاقات الدبلوماسية مع هافانا في الثالث من يناير 1961.
وبعد ذلك، في أبريل، أسهمت هزيمة قوات معادية لكاسترو ومدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في خليج الخنازير في تفاقم الوضع.
ثم قررت الولايات المتحدة في فبراير 1962 فرض حظر مالي واقتصادي على الجزيرة، فيما اقترب نظام فيدل كاسترو في تلك الآونة من موسكو، وبدأ يقدم دعمه لحركات ثورية أخرى في أمريكا اللاتينية.
وفي أكتوبر من تلك السنة كادت أزمة الصواريخ النووية السوفياتية الشهيرة في الجزيرة تتحول إلى نزاع نووي عالمي. وفي ذلك الوقت كرس فيدل كاسترو الطابع الشيوعي لثورته.
وفي 1966 صوت الكونجرس الأمريكي على "قانون تصحيح الوضع" الذي دفع أكثر من مليون كوبي إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة، أولا لأسباب سياسية ثم اقتصادية.
وبعد انهيار الكتلة السوفياتية الذي كان منعطفا دمغ القرن، فتحت صفحة جديدة بدفع من الرئيسين الكوبي راؤول كاسترو والأمريكي باراك أوباما الذي أقر بفشل السياسة الأمريكية تجاه كوبا.
ومع المصافحة التاريخية التي جرت في ديسمبر 2013 في جوهانسبرج، عقدت مفاوضات لـ18 شهرا أحيطت بسرية كبيرة، ثم جاء الإعلان التاريخي في 17 ديسمبر 2014 عن تقارب البلدين.