* مدير مركز يبوس للدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات للأناضول:
- كان من المفترض الإعلان عن دولة فلسطين بعد اتفاقية أوسلو بـ5 سنوات لكن الاحتلال تهرب
- الدستور المؤقت يساعد في تقديم دولة فلسطين للعالم على أنها كيان متكامل الأركان يمكن الاعتراف به
قال خبير سياسي فلسطيني، الثلاثاء، إن إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس تشكيل لجنة صياغة الدستور المؤقت، خطوة تهدف إلى قطع الطريق أمام اعتزام إسرائيل فرض سيادتها على الضفة الغربية المحتلة، فضلا عن أنه "يمنح الدولة هويتها".
ومساء الاثنين، أصدر عباس مرسوما بتشكيل لجنة لصياغة دستور مؤقت للانتقال من وضعية السلطة الوطنية إلى الدولة، في إطار التحضير لإجراء انتخابات عامة والاستعداد لمؤتمر السلام الدولي المزمع عقده في سبتمبر المقبل، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
ووفق الوكالة، فإن المستشار القانوني الفلسطيني محمد الحاج قاسم سيشغل منصب رئيس اللجنة، التي تضم في عضويتها 17 فردا.
وينص المرسوم الرئاسي، على اعتبار اللجنة "مرجعا قانونيا لصياغة الدستور المؤقت، بما ينسجم مع وثيقة إعلان الاستقلال ومبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة".
** تعريف الدولة وحدودها
وعن معنى هذه الخطوة، قال مدير مركز يبوس للدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات للأناضول، إن "السلطة الفلسطينية حتى الآن تستند في أسسها القانونية على القانون الأساسي الفلسطيني، وهو بمثابة المرجعية القانونية لدولة فلسطين التي أعلن عن قيامها الرئيس الراحل ياسر عرفات في الجزائر في 15نوفمبر 1988".
وأشار بشارات إلى أنه "كان من المفترض بعد 5 سنوات من اتفاقية أوسلو (1993) الإعلان عن قيام دولة فلسطين على حدود 1967، إلا أن الاحتلال (الإسرائيلي) تهرب من هذا الاستحقاق".
وأوضح أن "الأمر ظل رهينة المسار التفاوضي الذي لم يعط الفلسطيني المساحة الكافية لإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة".
وفي ظل الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية، قال بشارات: "أصبح لزاما على الفلسطينيين تهيئة الظروف السياسية والقانونية لبناء الدولة، وفي مقدمتها إنشاء دستور، وهذا يتطلب لجنة مكلفة بإعداد وصياغة الدستور الفلسطيني الذي يمكن أن يشكل الأسس وملامح الدولة، سواء فيما يتعلق بتعريف الدولة وحدودها ونظامها وكل ما يرتبط بها".
ويتصاعد حراك الاعتراف بدولة فلسطين عالميا، حيث أطلقت 15 دولة غربية بينها فرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، أواخر يوليو الماضي، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ومن شأن صياغة دستور، وفق بشارات، "أن يساعد في تقديم دولة فلسطين للعالم على أنها كيان متكامل الأركان يمكن الاعتراف به".
وتابع الخبير: "من هنا جاءت فكرة صياغة الدستور الفلسطيني لإثبات وجود دولة فلسطينية في ظل مساعي الاحتلال شطب أي فرصة سياسية لقيام الدولية الفلسطينية".
وأكد أن الخطوة تهدف إلى "إحراج العالم بعد قبول استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية، وكذلك قطع الطريق أمام إعلان الاحتلال فرض سيادته على الضفة، بما يخالف كل تفاصيل القانون الدولي الذي يجرم ويمنع اعتداء أي دولة على أراضي دولة أخرى والمس بسيادتها".
مدير مركز يبوس اعتبر الدستور "من شأنه أن يمنح الدولة الفلسطينية هويتها، بالإضافة إلى تحديد العلاقة الفلسطينية بدول الجوار أو العالم".
وفي يوليو الماضي، أيد الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بأغلبية 71 نائبا من أصل 120، اقتراحا يدعم ضم الضفة الغربية وغور الأردن إلى إسرائيل، في خطوة أثارت رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.
وتقدم بالمقترح أعضاء الكنيست سيمحا روتمان من حزب "الصهيونية الدينية"، وليمور سون هار ميليخ من حزب "القوة اليهودية"، ودان إيلوز من حزب "الليكود" الحاكم.
**تجسيد لدولة فلسطين
ووفق وكالة "وفا"، يأتي إعلان عباس "تمهيدا لتجسيد قيام دولة فلسطين ومؤسساتها، من خلال إعداد مشروع دستور يرسخ الأسس الدستورية لنظام حكم ديمقراطي قائم على سيادة القانون والفصل بين السلطات، واحترام الحقوق والحريات العامة وحمايتها، والتداول السلمي للسلطة".
وأشارت إلى أن المرسوم الرئاسي نص أيضا على "تشكيل لجان فنية متخصصة في مجالات عملها وتنظيم آليات تشكيلها وعملها واجتماعاتها حسب النظام الداخلي".
وتابعت الوكالة: "من أجل ضمان تواصل أوسع من جميع قطاعات وشرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، سيصار إلى إنشاء منصة الكترونية لاستقبال الاقتراحات والتفاعل للوصول إلى أفضل دستور مؤقت يمثل الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الانتقالية الهامة".
ويحكم السلطة الفلسطينية حاليا القانون الأساسي وتعديلاته، فيما يحدد نظام الحكم في فلسطين بأنه نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية، وتنص المادة "115" منه على أنه "يعمل بأحكام هذا القانون الأساسي مدة المرحلة الانتقالية ويمكن تمديد العمل به إلى حين دخول الدستور الجديد للدولة الفلسطينية حيز التنفيذ".
ويأتي تشكيل اللجنة في وقت ترتكب إسرائيل وبدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و4 شهداء، و156 ألفا و230 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 263 شخصا، بينهم 112 طفل.
وبموازاة حرب الإبادة بقطاع غزة، قتل الجيش والمستوطنون الإسرائيليون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1015 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.