السوريون يئنون من التكاليف الباهظة للتعليم المجاني - بوابة الشروق
الخميس 28 سبتمبر 2023 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد قرار وزير التربية والتعليم بحظر النقاب في المدارس؟

السوريون يئنون من التكاليف الباهظة للتعليم المجاني

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 - 9:19 م | آخر تحديث: الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 - 9:19 م

اضطر ياسر إبراهيم الموظف في دائرة الهجرة والجوازات في دمشق إلى دفع ثلاثة أرباع راتبه الشهري لشراء الكتب المدرسية لأبنائه الذين يدرسون في المرحلة الإعدادية بمبلغ تجاوز 150 ألف ليرة سورية (11 دولارا تقريبا) بعد أن تسلّموا من مدارسهم كتبا ممزقة لا تصلح للدراسة.

ويقول ياسر "نتكبد أعباء مادية إضافية لاستكمال مستلزمات المدرسة من الحقائب المدرسية والكتب والأقلام والدفاتر، وباتت كلفة الطالب الواحد في بداية العام ما يقارب المليون ليرة. "العام الدراسي أصبح مناسبة ثقيلة على الأهالي بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء".

وتابع قائلا لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن الارتفاع في التكاليف ربما يضطره إلى إخراج أبنائه من المدارس قبل إنهاء العام الدراسي، خاصة أن لديه أكثر من طفل، الأمر الذي يشكل عبئا ماديا ثقيلا، مضيفا أن تكلفة المواصلات وحدها تستنزف ما يحصله من عمله الآخر كسائق سيارة أجرة.

وأردف "فاتورة التعليم أصبحت باهظة وكأن العلم بات للأغنياء فقط... كنت أتمنى مستقبلا أفضل لأبنائي لكن ذنبهم أنهم أبناء لأب فقير في بلد حتى الهواء فيه نشتريه".

وشابت الفوضى وغياب الحد الأدنى من الخدمات في المدارس الحكومية العام الدراسي الذي بدأ في سوريا في وقت سابق من الشهر الحالي، واشتكي الكثير من الأهالي من أن الكتب المستعملة التي تُوزع بالمجان على أبنائهم في المدارس، والتي يعيدون تسليمها لاحقا في نهاية العام الدراسي، مهترئة وممزقة في الكثير من صفحاتها، إضافة إلى أن أسئلة أنشطتها ممتلئة بإجابات ولا تصلح للعملية التعليمية، فضلا عن تأخر تسليم الكتب في بعض المدارس.

وتقول نور سليمان، وهي أم لتوأمين في الصف الرابع الابتدائي، إن طفليها تسلما الكتب منذ يومين، أي بعد مرور 15 يوما تقريبا على بدء العام الدراسي.

وعندما ذهبت إلى المدرسة الأسبوع الماضي للسؤال عن سبب تأخر تسليم الكتب، تفاجأت بأن أغلب الصفوف ما تزال غير مؤهلة للدراسة لخلوها من الأبواب والنوافذ والمستلزمات مثل السبورة والمقاعد.

وفي حديثها إلى وكالة أنباء العالم العربي، أكدت المرأة الأربعينية أن ما رأته جعلها تفكر جديا في نقل طفليها إلى مدرسة خاصة حتى وإن دفعها الأمر للاستدانة.

وقالت إن إدارة المدرسة بررت التأخر في تسليم الكتب بصعوبة تأمين السيارات اللازمة والوقود لنقل الكتب بين المحافظات.

وقالت دينا مجذوب (39 عاما) إن ابنتها تسلمت كتبا الأنشطة فيها محلولة بالحبر الأزرق، وتساءلت عن المنفعة التي يمكن أن يجنيها الطالب طالما أن الإجابات موجودة أمامه في الكتاب.

وأضافت "الطالب من حقه استلام كتب مدرسية صالحة مجانا، من الصف الأول الابتدائي إلى التاسع الإعدادي كون التعليم في هذه المرحلة إلزاميا".

وبينما لا يدفع الطلاب السوريون في المدارس الحكومية أي رسوم سنوية، يضطر الأهالي إلى دفع هذه الرسوم في الدروس خصوصية وكتب مدرسية بدلا من الكتب التالفة التي تسلمها المدارس للطلاب سنويا بشكل مجاني.

ويجد معظم أولياء الأمور صعوبة في شراء الكتب الجديدة التي يوازي ثمنها لطفل واحد ربع الراتب الشهري لموظف حكومي تقريبا، أي أن وجود أربعة أطفال في الأسرة، وهو أمر معتاد في سوريا، يمكن أن يلتهم الراتب بأكمله في بلد أكثر من 90 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر.

من جانبها، تؤكد سوزان (35 عاما)، المعلمة في إحدى مدارس الريف باللاذقية، على ضرورة الالتزام بتسليم كتب جديدة للطلاب، مضيفة "الحلول الجاهزة تمنع الطلاب من التفكير والحل بأنفسهم، ومعظم الأهالي لا يريدون أن يتعلم أبناؤهم بهذه الطريقة فيلجأون لشراء كتب جديدة خاصة، وهو ما يفوق قدرة محدودي الدخل".

وتشير سوزان إلى أن الكتب المدرسية تُطبع بأعداد قليلة وغالبا ما يتم احتكار النسخ الجيدة من قبل إدارة المدارس وتسليمها للأقارب والمعارف من أبناء المعلمين والمعلمات أو أقاربهم، فيما تُوزع النسخ القديمة على باقي الطلاب.

وقال مدير المطبوعات والكتب المدرسية في وزارة التربية علي عبود لوكالة أنباء العالم العربي إن المؤسسة العامة للطباعة "تمكنت هذا العام من توزيع أكثر من 22 مليون نسخة كتاب مدرسي جديد دون زيادة في أسعارها المعتمدة في العام الفائت نظرا للأحوال المعيشية، على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور النقل عالميا".

وأضاف أن توزيع كتب التعليم الأساسي من الصف الأول حتى التاسع يتم مجانا، مشيرا إلى أن ذلك "يكلف الدولة أرقاما مالية كبيرة تقدر بالمليارات وهذا ما يشكل عبئا على المؤسسة العامة للطباعة".

* تعليم مجاني

في أغسطس آب 2022، فاجأت مؤسسة المطبوعات السوريين بأسعار جديدة للكتب، ووصل سعر نسخة الكتاب المدرسي للصف العاشر 48300 ليرة، مقابل 39500 ليرة في السابق، وسعر نسخة الكتاب للصف الحادي عشر 54800 ليرة، مقابل 40200 ليرة سابقا.

وفي الوقت نفسه، يبلغ الحد الأدنى لأجور العاملين في الجهاز الإداري للدولة 185940 ليرة شهريا، ولذلك يعتمد غالبية محدودي الدخل على الكتب التي تسلمها إدارة المدرسة مهما كان حالها، فيما تبقى المشكلة الأساسية في تأمين باقي المستلزمات كالقرطاسية والحقائب وغيرها والتي ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة.

سلام دلول أم لثلاثة أولاد في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، تحدثت لوكالة أنباء العالم العربي عن الفارق الكبير بين راتبها الذي لا يتعدى 200 ألف ليرة وتكلفة تجهيز ابن واحد للمدرسة التي تصل إلى نحو نصف مليون ليرة في المتوسط.

وتوضح أن سعر المريول المدرسي للمرحلة الابتدائية يبدأ من 75 ألف إلى 120 ألف ليرة، ويتراوح سعر ملابس المرحلتين الإعدادية والثانوية بين 250 و300 ألف ليرة، فيما تتكلف القرطاسية 80 ألف ليرة على الأقل في الفصل الدراسي، بالإضافة إلى الكتب.

وهزت سلام رأسها في يأس قبل أن تقول بحنق ونبرة ساخرة "لا بأس، فالتعليم مجاني".

واتفق عماد كوسا مع سلام، وقال إن مجانية التعليم في سوريا "كذبة"، مشيرا إلى أنه لا يستطيع إرسال ابنه إلى الامتحانات النهائية دون الحصول على دروس خصوصية.

ويرى كوسا (40 عاما) أن المدرسة وحدها لا تكفي لتجهيز الطالب لخوض الامتحانات، وأن الدروس الخصوصية هي البديل.

ووصل سعر التدريس للساعة الواحدة إلى نحو 50 ألف ليرة، مع سعي أهالي التلاميذ إلى تدارك النقص في المستوى التعليمي لأبنائهم وحجز مقاعد في الجامعات الحكومية والابتعاد عن الجامعات الخاصة ذات الرسوم المرتفعة.

وقال مسؤول إداري في مدرسة خاصة بضواحي دمشق لوكالة أنباء العالم العربي إن رسوم التسجيل في مرحلة رياض الأطفال تقارب 7.5 مليون ليرة.

وبالنسبة للمدارس الخاصة بمراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية، تتراوح الرسوم بين 5 و11 مليون ليرة.

وعزا المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ارتفاع الرسوم إلى الزيادات في أجور الموظفين الإداريين والمدرسين وتكاليف مستلزمات العملية التعليمية، بالإضافة إلى تكاليف الصيانة والنظافة والكهرباء وغيرها.

وكانت وزارة التربية السورية قد أعلنت أن نسبة التسرب المدرسي في مرحلة التعليم الإلزامي، أي عدم إكمال الأطفال لتعليمهم، وصلت العام الماضي إلى 22 بالمئة من إجمالي عدد التلاميذ، بزيادة نحو 50 بالمئة عن العام الذي سبقه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك