وطنيات ثورة 1919 (20): سيد وبديع يخاطبان «الحشاشين» و«السياس».. دي مصر عايزه جماعة فايقين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:08 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنيات ثورة 1919 (20): سيد وبديع يخاطبان «الحشاشين» و«السياس».. دي مصر عايزه جماعة فايقين

حسام شورى:
نشر في: الأربعاء 20 مارس 2019 - 1:08 م | آخر تحديث: الأربعاء 20 مارس 2019 - 1:08 م

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر.


••••••••••••

سيد درويش كان المحرك الأساسي للحركة الفنية المصاحبة لثورة 1919، فألحانه التي صاحبت كلمات بديع خيري أو يونس القاضي، دائما ما كانت تعبر عن الشعب وطبقاته ونابعة من صميم الشارع المصري، وذلك الذي ميز فنهم في الأساس.

فكان طبيعي أن يغني سيد درويش «للسقايين» و«الشياليين» و«السياس» وحتى «للحشاشين»، وبالرغم من أن هناك من اتهم هذه الكلمات وألحانها بالاسفاف، وحجتهم في ذلك أن هذه الأغاني اتسمت بالصراحة الجرأة الزائدة وهو ما أدى إلى منعها طويلا في عقود لاحقة.

وفي الحقيقة هذه الأغاني تحسب لصناعها، لا عليهم، فالصراحة والألفاظ المباشرة، ليست مقصودة في ذاتها، وإنما هي جرأة تحسب لبديع خيري وسيد درويش، لأنهما عبرا عن الشعب في كل حالاته، فقره وغبنه، ومعتقداته، وتفاصيل حياته اليومية تحت ضغط الاستعمار، وكانت هذه الأغاني أداة من أدوات الكفاح وتوعية الجماهير بشكل مستساغ يقبله الشعب ويتأثر به حتى يعمل بتلك النصائح والدعوات.

ومثال على ذلك الطقطوقتان اللتان نسترجعهما اليوم، «التحفجية» و«السياس»، فهما لا تحملان أي دعوة صريحة للتعاطي أو تمتدح المخدرات بأي صورة من الصور، وإنما تكشف آثارها المدمرة ، وتنبه من لا يدري بتأثيرها عليه، بل إن هذه الأغاني كانت غير بعيدة عن الحالة الوطنية في هذا التوقيت، فتجد في نهايتها دعوة صريحة لحب الوطن وبناءه ولاستنهاض الهمم من أجل تحريره.

 

1- «التحفجية»
لحن «التحفجية» والمعروف بـ«الحشاشين» قدمه سيد درويش وبديع خيري في مسرحية «رن» لفرقة نجيب الريحاني في عام 1919، وكما ذكرنا في الحلقات السابقة أن أبرز ما ميز ألحان سيد درويش ومدرسته الجديدة هو قدرته على التعبير باللحن بحيث يحدث التوافق التام بين الكلمة المقرؤة والكلمة الملحنة.

فتسمع الطقطوقة وكأنك أحد أفراد جلسة «المزاج» أو «الكيف»، وتعبر كلمات بديع خيري عن أسلوب هذه الطبقة التي توصف أحيانا بـ«أبناء البلد» أو «العشوائية»، ويتلاعب سيد درويش بالألحان من خلال الصعود والهبوط والتكرار.

فتسمع « يكفينا شرك يادى حكومة» وكأنها تخرج من «حشاش» أنفاسه متهدجه فعلا، لتكون: «بس الأكادة حبس وظلومة يكفينا شرك يادى الحكو حكو حكومة حكو حكو حكو حكو حكومة».

وكما هو معتاد فيما يقدمه الشيخ سيد وبديع، فأغانيهم لا تخلو من الحس الوطني والسخرية التي هي جزء من الهوية المصرية، فتجده يسخر من الحكومة في هذا التوقيت كما هو واضح في الكلمات، ويعبر عن غالبية الشعب التي كانت أمية:


«هو إحنا يعني علشان غلابة .. لا بتوع قراية ولا كتابة تهينونا؟».

ويسخر أيضا من الطبقة الأرستقراطية التي كانت بمعزل عن الشعب:« ورينا أجدع بيه ولا باشا يقدر يعايب على الحشاشا»، وتظهر روح الهوية والفخر بالمصرية والتي كانت نتاج صريح لأحداث الثورة في هذا التوقيت في: «هو ابن مصر حيخاف من مين؟».

ثم تأخذ الطقطوقة منحى مختلفاً ومفاجئاً بكلمات وطنية:

وأقول لك الحق يوم مانلقى بلادنا طبت فى أي زنقة
يحرم علينا شربك ياجوزة روحي وانتي طالقة مالكيشي عوزة
دي مصر عايزه جماعة فايقين.. يا مرحب

فكما هو واضح دعوة سيد درويش وبديع خيري للحشاشين بترك «الجوزة» لأن مصر في «زنقة» و«عايزة جماعة فايقين».

كلمات الطقطوقة:


ياما شاء الله ع التحفجية أهل اللطافة والمفهومية
اجعلها ليلة مملكة ياكريم
دا الكيف مزاجه إذا تسلطن أخوك ساعتها يحن شو شو شوقا
الى حشيش بيتي نيتي نيشي اسأل مجرب زي حالاتي
حشاش إرا إراري يسفخ يوماتي
خمسين جراية ستين سبعين
هأ هأ هأ يامرحب
صدق وآمن بالذي خلقها وقال كوني جوزة لكل من يدوقها
مايسلا أنفاسها بملايين
بس الأكادة حبس وظلومة يكفينا شرك يادى الحكو حكو حكومة
حكو حكو حكو حكو حكومة أول مانسمع زنة نموسة
تبص تلقى كل الشخصة اكسبرسات راحم طايرين
ها ها هأ يامرحب
هو احنا يعني علشان غلابة لابتوع قراية ولاكتابة
يهينونا فلتحيا التفانين
كان يبقى شنبي من غير مؤاخذه
على كلب رومي والا على مع مع معزه
معمع معمع معمع معزه
أول ماتنده وتقول ياقرقر
أجيك مش مشمر من غير تؤخر هو ابن مصر حيخاف من مين
ها ها هأ يامرحب
ورينا أجدع بيه والا باشا يقدر يعايب على الحشاشا
فشر يادقدق صلى ع الزين
وأقول لك الحق يوم مانلقى بلادنا طبت فى اى زنقة
يحرم علينا شربك ياجوزة روحي وانت طالقة مالكيشي عوزة
دي مصر عايزه جماعة فايقين.. يا مرحب

2- «السياس»

أما الطقطوقة الثانية فهي لحن «السياس» والمعروف بـ«إوعى يمينك إوعى شمالك» كتبه بديع خيري، ولحنه وغناه سيد درويش ضمن رواية «إش» والتي قدمتها فرقة الريحاني في عام 1919 أيضا.

وتبدأ الطقطوقة بطريقة مميزة من خلال تنغيم كلمة «إوعي» بعبقرية لجذب الانتباه والدعوى لليقظة من بداية اللحن، وكأنه يهيئ المستمع بأن هناك ما يستحق أن تلتفت له، والكلمات كلها تحذيرات تأتي على لسان السياس، ومنها التحذير من «شم الكوكايين» واستخدم سيد درويش إيقاعا يشبه وقع حوافر الخيل وتشعر وكأنك تجلس مع السياس على عربتهم بفضل التعبير من خلال الألحان، بعد التنبيه بالنداء المسترسل دون الإخلال بالمتعة والنشوة، في مناطق الغناء المقامي الرصين.

 

وعلى جانب آخر ففي الأغنية تحذيرات تعبر عن روح المجتمع المصري في هذا التوقيت، بعد أن كانت مصر جزء من الخلافة العثمانية الإسلامية وتميل إلى المحافظة بشكل كبير، فتدعو الكلمات المرأة إلى الحشمة في الملابس والتمسك بالعادات المصرية.
وكما هو الحال في طقطوقة «الحشاشين» أخذت مسارا مفاجئا ومختلفا ضمن السياق الوطني، فتتجه التحذيرات والتنبيهات إلى الأمة بأن تحافظ على وحدتها الوطنية:


إن كنت صحيح بدك تخدم مصر أم الدنيا وتتقدم
لا تقول نصراني ولا مسلم ولا يهودي ياشيخ اتعلم
اللى أوطانهم تجمعهم عمر الأديان ماتفرقهم

وهذه الدعوة للحفاظ على الروح الوطنية والتحذير من الفتنة ركز عليها كل من سيد درويش وبديع خيري في كثير من أعمالها؛ فنجد مثلا في رائعة «قوم يا مصري» كلمات:«ايه نصارى و مسلمين قال ايه و يهود.. دى العبارة نسل واحد مـ الجدود».

كلمات الطقطوقة:


أوعى يمينك أوعى شمالك أوعى الأزمة توقف حالك
أوعى وشك أوعى ضهرك أوعى فوقك أوعى تحتك
أوعى الكوكايين يلحس مخك أوعى سبق الخيل لايطسك
يمينك شمالك أوعى
ياللي ماشية خطوة خطوة طالعة فيها عاملة حلوة
غطي إيدك غطي رجلك غطي وشك غطي صدرك
إوعي تترقصي ف السكه إوعي تقولي لي الا فرانكه
إوعي تتغمزي بعينيكي والناس ملمومين حواليكي
الراجل لو بصبص ليكي إيه ذنبه دا الحق عليكي
يمينك شمالك اوعى
ورده ورده ورده ورده يافندي حوده حوده
ياللا وسع بلاش زحمة
اسمع اسمع مني كلمة
إن كنت صحيح بدك تخدم مصر أم الدنيا وتتقدم
لا تقول نصراني ولا مسلم ولا يهودي ياشيخ اتعلم
اللى أوطانهم تجمعهم عمر الأديان ماتفرقهم
يمينك شمالك أوعى



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك