«الحياة غير المرئية» يحصد جائزة أفضل فيلم فى ثانى أكبر مسابقات كان السينمائى.. و«النار ستأتى» يفوز بلجنة التحكيم.. وكيارا ماسترويانى أفضل أداء
«تبقى السينما العالمية على قيد الحياة وفى حالة جيدة».. هكذا جاءت شهادة لجنة تحكيم مسابقة «نظرة ما»، ثانى أهم مسابقات مهرجان كان السينمائى الدولى وهى تدلى بحيثيات نتائجها، والواقع ان تلك الشهادة تجىء فى موقعها تماما، فمهما اختلفت درجات رؤانا حول افلام المهرجان، الا ان لحظات الابداع كانت كثيرة فى اعمال هذا العام، وروح الاخلاص لتقديم سينما حقيقية ومتطورة ومبهرة كانت حاضرة.
وقالت لجنة التحكيم على لسان اعضائها والتى ترأسها المخرجة اللبنانية نادين لبكى؛ «نود ان نعرب عن سرورنا الكبير لمستوى الافلام التى جعلتنا نغوص فى باقة متنوعة كان اختيار الافضل من بينها صعبا للغاية، فقد كانت الاعمال متميزة على العديد من المستويات: الموضوعات، طريقة استخدام الأدوات السينمائية وعلى رواية شخصياتها. لقد كان من المشجع للغاية أن نرى، جنبًا إلى جنب، صناع السينما يتقنون لغتهم جيدًا ولا يزال آخرون يجدون طريقهم إلى التمكن. كانت مفاجأة رائعة أن نرى 9 اعمال اولى لمخرجيها من بين 18 فيلما شاركت فى مسابقة Un Certain Regard. لقد تشرفنا بنقلنا إلى كل هذه الأكوان المختلفة.
وقد انحازت النتائج لبعض الافلام التى حازت على اعجاب الجمهور والنقاد، حيث حصل فيلم الدراما الرومانسية «الحياة غير المرئيةً لـ جوسماو» للمخرج البرازيلى من اصل جزائرى كريم عينوز، على جائزة افضل فيلم، فى ثالث مشاركاته بالمهرجان، وهو العمل الذى تدور احداثه فى اطار دامٍ فى ريو دى جانيرو عام 1950، حيث نجد يوريديس 18 عاما، وجويدا 20 عاما، شقيقتان لا تنفصلان، وتعيشان مع والديهما، ولا تعرفان سوى الحلم رغم الاجواء الصعبة، احداهما تعزف البيانو وترفض أن تصبح مثل والدتها التى «تعيش فى ظل والدها»، وهى تكافح من أجل تلبية احتياجاتها، والاخرى تنغمر فى حبها الكبير، ومع مرور الوقت تضطر الشقيقتان إلى بناء حياتهما من جديد بعد ان تواجها نوعا من القمع من الاب، كلا منهما على حدة أى منفصلتين، وتتوليان مسئولية مصيرهما.
الفيلم بحق ادهش الجميع، وربما كانت حبكته التى تشدك إلى عالم شخوصه الخاص بذكاء وطريقة سرده الناعمة لمجموعة من المآسى وصورته الدافئة التى رصدت بدقة لا حصر لها المعاناة الجسدية والمعنوية لهاتين الشقيقتين اللتين تعيشان على بعد بضعة أميال من بعضهما البعض دون معرفة ذلك، ولديهما أمل واحد فقط: أن يجتمعا مرة أخرى فى يوم من الايام، وراء تتويجه بالجائزة الأولى، لثانى اهم مسابقات المهرجان ليبقى ذكرى خالدة لمخرجه كريم عينوز وهو يقدم فيلمه الرابع الذى يستدعى الحزن المأساوى لحياتنا دون تقديم مشهد مشوش، ليبقى كلوحة جدارية مليودرامية رائعة حول هؤلاء الناس الذين نحبهم ثم نفقدهم، ونتذكر الاخطاء والكلمات التى كنا نود أن نقولها، الحروف التى كنا نود أن نقرأها بين ضحك وبكاء.
فى تاريخ كريم عينوز. افلام رائعة وحققت مكانة هى «حب للبيع»، و«مدام سانا» و«المطار المركزى».
بينما فاز فيلم «النار ستأتى» إخراج الفرنسى الاسبانى اوليفر لاكس، بجائزة لجنة التحكيم بـ«نظرة ما»، وهو الفيلم الذى يبرز نظرية مخرجه «الجمال له قوانينه، وعليك ان تعانى للحصول على جزء منه» فالفيلم يتمحور حول روح الطبيعة وجوهر البشر، حيث تدور احداثه عندما يخرج اماندور كورو من السجن، بعد ان تسبب بحريق، لا احد ينتظره، ويعود إلى مسقط رأسه، وهى قرية صغيرة وسط جبال جاليسا الريفية، ليعيش مع والدته العجوز وثلاث ابقار، وتستمر الحياة بهدوء، بينما يوقظ ليله حريق يدمر المنطقة.
أوليفر لاكس يصور فيلما قويا جدا عن قوى الطبيعة، بعد مغادرة كورو للسجن والعودة إلى والدته باجوائه التى تتجاوز الواقعية الشبيهة بالوثائقى، بتسلسل احداث مذهل للغاية، حيث يركز الفيلم على بطل الرواية، أمادور أرياس الرجل يبلغ من العمر 40 عامًا تم إطلاق سراحه بعد عامين فى السجن، حيث أخذ الحافلة إلى مسقط رأسه فى جاليسيا. ليعود مرة أخرى فى المنزل المعزول المخبأ فى الجبال، والدته المسنة بنديكتا سانشيز تقبل أن تستضيفه دون طرح أى أسئلة لا لزوم لها، يقول فى مشهد استهلالى: هل يمكننى البقاء لفترة من الوقت؟ فترد هل أنت جائع؟»، هناك، يعيش يوما روتينيا يتألف فى معظمه من أخذ الأبقار الثلاثة للرعى فى المروج، بينما يقوم بعض الجيران بإصلاح مبنى قديم على أمل تطوير صناعة السياحة المحلية ويمر فصل الشتاء الصعب تحت هطول أمطار غزيرة بينما تتبع الأم والابن الغارقان فى الطبيعة روتينهما البسيط. ثم فصل الصيف ويبدأ موسم حرائق الغابات الخطرة وفى صورة مذهلة مثيرة للاعجاب يغرق الفيلم فجأة فى قلب النار لتتوحد معه مشاعر المشاهدين.
وكانت جائزة افضل مخرج من نصيب الروسى كانتمير بالاجوف عن فيلم «بيانبول». الذى يتناول حصار ليننجراد، عام ١٩٤٥ خلال الحرب العالمية الثانية التى دمرت المدينة، وهدمت مبانيها وتركت مواطنيها فى حالة يرثى لها، جسديا وعقليا. حيث نجد شابتين تبحثان عن معنى وأمل فى الكفاح من أجل إعادة بناء حياتهما بين الأنقاض، فى صورة سينمائية واقعية بمثابة شهادة جديدة ضد مأسى تلك الحرب.
وفازت بجائزة افضل اداء، كيارا ماسترويانى عن فيلم «فى ليلة سحرية» اخراج كريستوف. هونوريه، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة فاز بها البير سييرا عن فيلم «بيرتى»، وقد منحت لجنة التحكيم جائزة خاصة لفيلم «حب اخى» للمخرجة مونيا شكرى.