هوليـــــود ضد أمريگا - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:59 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هوليـــــود ضد أمريگا

خالد محمود
نشر في: الثلاثاء 26 أغسطس 2014 - 3:46 م | آخر تحديث: الثلاثاء 26 أغسطس 2014 - 5:11 م

• انتفاضة سينمائية تكشف خداع ساسة البيت الأبيض وتلاعبهم بالتاريخ

• «المنطقة الخضراء» و«خزانة الألم»

• تحدثا عن تدمير العراق بكذبة أسلحة الدمار الشامل

• أوليفر ستون يقدم فيلما عن حياة ادوارد سنودن فاضح أسرار المخابرات الأمريكية وتنصتها على ملايين المواطنين

• مايكل مور يعتبر الرئيس الأمريكى لا يختلف كثيرا عن مــــــــــــــــــــوظف فى مطعم «برجر» والنفوذ الأكبر للبنتاجون

 

ظلت السينما الأمريكية لعقود طويلة آلة تمجد انتصارات حتى ولو كانت «زائفة» لحكامها وساساتها، عبر كثير من الأفلام التى حاولت تخليد البطل الأمريكى منقذ العالم ومخلصه من الأخطار والأشرار على سطح الأرض والقادمة من الفضاء كذلك.

ولنا فى مجموعة افلام الحرب العالمية الاولى والثانية وحرب فيتنام التى طرحتها شاشة السينما الامريكية مثالا كبيرا.. لكن بمرور الأيام والسنين تتكشفت حقائق لوقائع كثيرة، حاولت أمريكا عبر آلتها الهوليودية - شديدة التأثير والابهار - أن تحجبها أو تغفلها أو حتى تزيفها.

لكن مؤخرا ظهرت موجة سينمائية جديدة فى هوليود بمثابة انتفاضة تكشف خطايا الأنظمة الأمريكية المتعاقبة، وليكفروا بطريقتهم عن خطايا تلك الأنظمة للأجيال الجديدة، بل ويكشفون عن كثير من المستور من وثائق ومعلومات لمجتمعهم قبل العالم.

 

فى مقدمة هؤلاء المخرج الأمريكى الكبير أوليفر ستون، الحائز على جائزة اوسكار، الذى اعلن مؤخرا عن تأليف واخراج فيلم روائى عن حياة فاضح أسرار المخابرات الامريكية ادوارد سنودن.

وسيعتمد ستون فى الفيلم على كتاب من تأليف لوك هاردينغ الصحفى فى الجارديان البريطانية بعنوان (ملفات سنودن: قصة الرجل المطلوب الاول فى العالم)، والاحداث المحيطة بقيام الصحيفة بنشر الوثائق والمعلومات التى سربها سنودن فى العام الماضى.

وقد وصف ستون مشروعه الجديد حسبما ذكرت «بى بى سى» بتصريحه «إن هذه واحدة من اعظم قصص عصرنا،» مضيفا بأن انتاج الفيلم سيكون «تحديا حقيقيا.»

وبدون شك يعتبر ستون واحدا من اكثر مخرجى هوليوود شجاعة واثارة للجدل، فهو معروف بافلام الدراما السياسية التى انتجها وقدمها مثل JFK الذى تناول حياة الرئيس الراحل جون كنيدى وفضح كثير من الخطايا، وفيلم «بلاتون « «الذى تناول مأساة الحرب الشهيرة فى فيتنام، وفيلم «W « الذى تناول فيه سيرة الرئيس السابق جورج بوش الابن بما فيها من قرارات مصيرية خاطئة.

ومن المقرر ان يبدأ ستون تصوير الفيلم الجديد اواخر العام الحالى، بمساعدة مجموعة من صحفيى الجارديان الذين سيقومون بالدور الاستشارى.

وقال آلان راسبريجر، رئيس تحرير الجارديان، إن قصة ادوارد سنودن رائعة حقا، وكان من شأن المعلومات غير المسبوقة التى سربها ان غيرت والى الابد نظرتنا وفهمنا وعلاقتنا بالحكومات والتقنيات واعرب عن سعادته للتعاون مع اوليفر ستون فى انتاج هذا الفيلم.»

وكانت فضيحة سنودن قد تفجرت فى اوائل يونيو 2013، عندما كشفت صحيفة الجارديان عن ان وكالة الامن القومى الامريكية تقوم بجمع محتويات المكالمات الهاتفية للملايين من الامريكيين.

وبعد وقت قصير، كشفت الصحيفة عن ان موظف المخابرات السابق سنودن هو المسؤول عن تسريب هذه المعلومات، قبل أن يهرب ويستقر به الحال فى روسيا.

والواقع السينمائى لاوليفر ستون يشير إلى انه مُراجعة مثيرة وملحة لأحداث مفصلية فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فيما اعتبرت آراء أخرى، أنه وجهة نظر ليبرالية مشككة بالتاريخ الأمريكى، ومحاولة جديدة من المخرج الجدليّ لتصفية حساباته مع التيار اليمينى المحافظ فى بلده فى محاولة لأثناءه عن مشاريعه.

وفى فيلم تسجيلى عن حياة المخرج يعلق بنفسه «بأن المناهج الدراسية التى تدرس للطلاب فى أمريكا لم تُقدم الحقائق الكاملة عن تاريخ البلاد فى القرن العشرين، بل قامت بتغييب حقائق وتمجيد شخصيات لا تستحق الهالة التى حصلت عليها، فى مقابل إخراج شخصيات أخرى من هذا التاريخ، رغم الدور الذى لعبته فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المُعاصر.

يسلط البرنامج على سيرة السياسى هنرى والاس، الذى حذر فى تلك السنوات من هيمنة رأس المال على الحياة السياسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، ودعا إلى دولة تحترم المواطن الأمريكى العادى. هذا السياسى الأمريكى انتقد بحده عنف الجيش الأمريكى فى أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، ونزوع هذا الجيش للتدمير وتخليه عن الحلول السلمية. يقدم أوليفر ستون هنرى والاس، كأحد النماذج السياسية المُتنورة، والذى كان يمكن أن يغير الكثير فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد كشفت مشاهد من أفلام سينمائية عبرت شخصياتها عن الواقع الاجتماعى والسياسى للزمن الذى صورت فيه، وعكست القلق الجماعى والتغييرات الاجتماعية والنفسية التى مرت على الأمريكيين وعالجت فترات سياسية معقدة، مر عليها المخرج نفسه فى أفلام روائية، حظيت وقتها على اهتمام وجدل كبيرين.

ليلة كلونى

النجم جورج كلونى ايضا كان من السينمائيين الذين اخترقوا بشجاعة قضايا شائكة فى هذا الاطار عندما كتب واخرج فيلم Good Night، and Good Luck او «ليلة سعيدة وحظ سعيد «، هذا الفيلم الذى يعود به للخمسينات، احدى احلك الفترات السياسية فى التاريخ الأمريكى، يوم ان تشكلت قمة الصراع ضد الشيوعية بمرحلة ما تسمى ب»المكارثية « التى تزعمها السيناتور جوزيف مكارثى عبر ملاحقة المتهمين بالشيوعية فى كل مجال فى امريكا وتقديمهم للمحاكمة، الا ان الرعب الذى نشره مكارثى وقتها كان مواجه بأناس صادقين ومعارضين لهذه العملية الاستئصالية ومنهم مذيع ومراسل الـ"سى بى اس" ادوار مورو.

كان الفيلم قد حقق اعجابا جماهيريا ونقديا عاليا وترشح وقتها لست جوائز اوسكار منها افضل فيلم واخراج ونص.

«المنطقة الخضراء» يكشف حقيقة الغزو

من أبرز الموضوعات السياسية التى تناولتها السينما خلال السنوات الاخيرة هى الاسباب الحقيقية وراء الغزو الامريكى للعراق والمزاعم الكاذبة بوجود أسلحة الدمار الشامل.

وقد التقط المخرج الكبير دوج ليمان هنا فى فيلمه «لعبة عادلة» الذى شارك فى بطولته النجم المصرى خالد النبوى مذكرات وكيلة المخابرات الامريكية المتخفية فاليرى بلام التى بعنوان (لعبة عادلة: حياتى كجاسوس وخيانتى البيت الابيض) والتى يتم التعسف فى معاملتها وتسريب هويتها الحقيقية بعدما قام زوجها «شون بين»بكتابة مقالة فى انتقاد ادارة بوش وكذب مزاعم الادارة الامريكية بوجود اسلحة دمار شامل تستدعى الحرب.

والواقع ان هناك العديد من الافلام أدانت الغزو، وكشفت للملايين من مشاهديها معلومات مهمة وحقائق ووثائق مصورة من أرض الحدث، وكيف خدعت أمريكا وحلفاؤها العالم بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وعبرت حتى عن معاناة الجنود الغزاة. وتفجر تلك الأفلام الحقائق بكل تفاصيلها مهما بدت مؤلمة وفاضحة وأجواؤها مروعة.

منها «المنطقة الخضراء» بطولة مات ديمون وإخراج البريطانى بول جرينجراس، وهو مستوحى من كتاب للصحفى الأمريكى راجيف شاندرا بعنوان «حياة إمبريالية مدينة الزمرد».

وأوحى الفيلم بأن الاستخبارات الأمريكية هى المسئولة الأولى والأخيرة عن المعلومات المضللة عن أسلحة الدمار الشامل، والتى بناء عليها تم اتخاذ قرار الحرب دون الإشارة إلى ضلوع مؤسسة الرئاسة الأمريكية نفسها فى تلك الحرب.

ويحسب للفيلم تعاطفه العام مع الشعب العراقى وانتقاده المباشر للحرب من خلال شخصية الضابط الأمريكى ميللر«مات ديمون» المكلف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل المذعومة، والذى ظل يتساءل عن جدوى وجود القوات الأمريكية بالعراق بالرغم من عدم وجود تلك الأسلحة دون أن يجيبه أحد.

كما أشار إلى الدور المضلل الذى لعبته الصحافة الأمريكية من خلال شخصية الصحفية لورى بجريدة وول ستريت جورنال التى اعتمدت فى تقاريرها الصحفية التى كتبتها وأكدت فيها وجود أسلحة دمار شامل بالعراق على بعض المسئولين الأمريكيين، ومن بينهم مسئول وحدة الاستخبارات العسكرية بالعراق بندستون، فضلا عن إشارة العمل إلى دور الاستخبارات العسكرية فى نشر تقارير صحفية فى عدد من الصحف الدولية لتبرير الحرب على العراق.

القيمة المهمة فى الفيلم أن الضابط الأمريكى روى ميللر بطل القصة فشل فى العثور على الأسلحة فى ثلاثة مواقع بالعراق وفشل فى اقناع رؤسائه بالحقيقة ولكنه ينجح فى توصيلها أخيرا عبر الإعلام.

«خزانة الالم».. وتاريخ العبودية

وهناك أيضا فيلم «خزانة الألم» للمخرجة كاترين بيجلو الفائز بست جوائز أوسكار، والذى فتح جراح حرب العراق من خلال رصد يوميات لمجموعة من الجنود فى فرقة تفكيك القنابل والمفخخات بالعراق مركزا على المخاطر والتهديد الذى يتعرض له الجنود فى حرب بلا تداعيات أو أسباب لشرعية قيامها.

إذا كان فيلم '12 سنة من العبودية' للمخرج ستيف ماكوين قد توج فى الدورة الاخيرة لجوائز اوسكار بافضل فيلم، عن قصة المواطن الامريكى الاسود سليمان نورثوب، الذى ثم استدراجه كعازف كمان من نيو يورك إلى واشنطن بدعوى العمل فى السرك ثم بيعه عبدا فى نيو اورليانس وهى قصة واقعية سجلها نورتن فى كتابه الصادر سنة 1853، تحت عنوان 'اثنتى عشرة سنة من العبودية حكاية سليمان نورثوب'، فأن فيلم 'كبير الخدم' للمخرج ذى الاصول الافريقية هو الاخر لى دانيلز، يرصد تاريخ العبودية والتمييز العنصرى فى دولة اشهر تمثال للحرية. ففى الوقت، الذى يحكى فيه ستيف ماكوين من خلال شخص نورثوب مجريات حقبة مظلمة من تاريخ الولايات المتحدة محددا خصوصية وضع الاقلية السوداء فى الولايات المتحدة، فان لى دانيلز يروى التاريخ الأميركى السياسى من وجهة نظر الخدم السود فى البيت الأبيض. يتناول فيلم «12 سنة من العبودية» وضع السود، كملكية خاصة ومطلقة التصرف لاصحاب المزارع فى فترة منتصف القرن التاسع عشر، اى ما بين سنة بيع سليمان نورنوب 1841 وسنة تمكنه من ايصال رسالة إلى عائلته وتحريره من الرق سنة 1853، بينما يقوم فيلم 'كبير الخدم' بجرد ما يزيد عن ثلاثين سنة من تاريخ البيت الابيض. لقد سبق للمخرج لى دانيالز واثار سنة 2009 الانتباه إلى مأساة تعليم السود بفيلم «بريسيوز»، ثم يثير بفيلم «كبير الخدم»، المستوحى هو الاخر من حياة النادل «أوكنى الن»، الذى عمل كرئيس الخدم فى البيت الابيض من سنة 1952 إلى سنة 1986، موضوع معاناة السود ثم كفاحهم ضد العنصرية، مستندا فى ذلك على وقائع تاريخية.

كانت أول جملة ينطق بها رئيس الخدم الاسود فى مقابلة تعيينه هي: هل تهتم بالسياسة؟ وعندما أجاب بالنفى، ثال السائل بارتياح: فى البيت الأبيض، ليس لدينا أى اهتمام بالموظفين المهتمين بالسياسة. ليصبح شخص متجاهل الوجود، مع ذلك له ارائه الشخصية حول الاحداث السياسية غير انه لا يناقشها الا فى ذكرته فقط ولا يحدث بها حتى اسرته. لقد اصبحت حياته ملكا للبيت الابيض كما كانت سابقا ملكا لمزرعة القطن فى فرجينيا. فهذه العبودية الجديدة المنوطة بالعنصرية فى البيت الابيض، حيث لا تتم فيه ترقية العمال السود كما انهم يتقاضون اربعين بالمئة اقل من البيض، عبر عنها المخرج لى دانيلز بشكل واضح.

ان فيلم «كبير الخدم» هو أكثر من مجرد قصة خادم منزل – إنه قصة بلد وتطوره السياسى يرويها لى دانيلز فى اسلوب مزيج بين التسجيلى والروائى كوفاء للتاريخ.

وكشف المخرج المواقف المتضاربة بين نضال السود والحياة السياسية فى البيت الابيض. ففى الوقت الذى يستعد فيه الاب ضمن طاقمه لخدمة الانسان الابيض، يتوجه الابن ضمن مجموعته النضالية إلى استفزاز البيض فى المقاهى كخطوة اولى لتحقيق المساواة عن طريق هزم الخوف. وحين يضرب السود ويتم نقل ذلك على شاشة التلفزة، يصفق المدعوون لدخول الرئيس إلى القاعة. وقد اعتمد على التسجيلات القديمة لبعض من الاحداث الساخنة، التى عرفها المجتمع الامريكى وعلى مدى اكثر من ثلث قرن. مشيرا إلى رموز حركة تحرر السود مثل مارتن لوثر كنغ او مالكوم إكس. ويتواصل هذا النضال بالاعتصام امام سفارة جنوب افريقيا. وكبير الخدم سيسيل يستقيل من وظيفته، لانه فهم اخيرا على لسان الرئيس ريجان ان الدولة لا يهمها السود الا كاصوات انتخابية، فينظم إلى الابن كمصالحة بين الطرفين ويهتفان معا ضمن المعتصمين.

وهناك فيلم فيلم Redacted او (حرر) الذى قدمه المخرج بريان دى بالما عام 2007، عن اغتصاب وقتل فتاه تبلغ من العمر 14 عاما هى واسرتها من قبل جنود امريكيين واحدث مفاجأة مدوية بعد عرضة فى مهرجان فينيسيا بمشاهده التى جعلت بعض المشاهدين يبكون حيث صدم الجمهور كما اثار حفيظة المعلقين المحافظين الامريكيين قبل عرضه بالولايات المتحدة.

قصة الفيلم قصة حقيقية لأخطر الجرائم التى ارتكبها الجنود الأمريكيون فى العراق منذ الغزو فى 2003 وقال دى بالما أن الفيلم هو محاولة لنقل حقيقة ما كان يحدث فى العراق إلى الشعب الأمريكى وأضاف أن الغزو الأمريكى للعراق كان خطأ واضحا تسببت فيه شركات الدفاع والمؤسسات الأمريكية الضخمة التى تربحت من الحرب.

وأضاف «كم من المليارات ربحت هذه الشركات.. ومن يصبح أكثر شهرة عن ذى قبل.. الاعلام. لايوجد أفضل من الحرب لتشغل موجات البث على مدى 24 ساعة فى اليوم».

كما خرجت سلسلة أفلام تسجيلية عن اعتصام وول ستريت تدين توحش الرأسمالية العالمية وتغولها على حياة البسطاء حتى يكنز قلة الملايين بل المليارات، وتعامل الأمن الوحشى مع المعتصمين.

رسالة مور لكل من ينتظر التغيير: توقفوا عن انتظار «الوهم»

ولا يمكن ان ننسى مخرج الأفلام الوثائقية الأمريكى الشهير مايكل مور عندما وجه رسالة لكل من كان ينتظر تغييرا فى سياسات الرئيس الأمريكى باراك أوباما حيال انهاء حروب مباشرة او غير مباشرة تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية سواء كانت فى الشرق الأوسط أو فى أفغانستان يقول لهم فيها أن عليهم أن يتوقفوا عن انتظار وهم «انهاء الاحتلال الأمريكى لتلك الدول بشكل أو بأخر «. وقال مور - الحاصل على الأوسكار والمعروف بجرأته وصراحته اللاذعتين - فى واحدة من مقالاته المنشورة على موقعه الشخصى ان أوباما أو غيره من رؤساء أمريكا ليس من يحكم أمريكا بشكل فعلى وانما هم مجموعة من أباطرة تجارة السلاح فى البنتاجون. وقال مور انه فى ظل هذه المعطيات فان منصب رئيس أمريكا هو منصب شرفى لا أهمية له.

وقارن المخرج المعروف بسخريته وتوجهه اليسارى المناهض لسياسات الحكومات الأمريكية - بين لقب الرئيس الأمريكى ولقب»موظف فى سلسلة مطاعم البرجر الامريكية الشهيرة «برجر كينج»، وأوضح أن من يصدر القرارات بخوض تلك الحروب ليسوا رجال سياسة وانما هم من يرتدون البزات العسكرية فى البنتاجون والذين لديهم كميات هائلة من الأسلحة تحت تصرفهم تم شراؤها من الشركات الكبرى المصنعة للسلاح فى أمريكا وتلك الشركات هى الوجهة الأساسية لهؤلاء العسكريين للعمل بعد التقاعد حيث يتقاضون الملايين والمليارات من الدولارات.

وقال مور انك تصل لهذه النتائج بوضوح بعد قراءة لكتاب الصحافى الأمريكى الشهير بوب وودوارد الأخير الذى يطلق عليه «حرب أوباما» ويتبين لمن يقرأ الكتاب أن أوباما لا يستطيع الوقوف أمام تلك المجموعة من أباطرة السلاح والحروب وتنهدم لدى قراءة الكتاب بالتالى فكرة أن من يحكم البنتاجون مدنيون ويتضح أنها مجرد فكرة أسطورية. وأخيرا قال مور انه حتى لو امتلك الرئيس الجرأة لاتخاذ قرار يخالف ارادة رجال البنتاجون فان الاعلام الموجه والذى ايضا يسيطر عليه أباطرة السلاح لن يرحمه. يذكر أن بوب وودوارد هو أحد أشهر الصحافيين الأمريكيين المشهور بمعرفة خبايا النقاشات التى تدور داخل البيت الأبيض والمعروف بتفجير فضيحة ووترجيت التى أدت إلى عزل الرئيس الأمريكى السابق ريتشارد نيكسون.

عقود من تمجيد البطل الخارق

تحويل الهزائم العسكرية إلى بطولات خارقة على الشاشة الفضية

على مدار عقود كثيرة لعبت هوليوود دورا هاما فى الانجذاب نحوالنمط الأمريكى فى الحياة وفى تبرير أو حشد التعاطف مع السياسة الخارجية الأمريكية خاصة فى فترات التحول أو الأزمات، وذلك فى مواجهة الآخر النازى أو السوفييتى أو الفيتنامى أو مؤخرا الإرهاب، فقد لعبت صناعة السينما الأمريكية دورا بارزا فى ترويج السياسة الخارجية الأمريكية عبر عمرها فيما عدا استثناءات محدودة. كانت هوليوود تصر إذن على تمجيد بطلها الخارق. لا تستطيع أن تتوقف عن إنتاجه، بأشكال مختلفة، وإن بدت هذه الأشكال متشابهة، لا يمكنها أن تعيد النظر بالصورة الخيالية التى صنعتها عنه، فهو المنقذ من الخراب الذى أصابها على الشاشة الكبيرة. حتى وان كان المشهد فى الواقع مغايرا ومرعبا حيث اختفى أبطالها الخارقون، مثلا لحظة الهجوم الانتحارى عليهافى ١١سبتمبر وغيرة من الاحداث المهمة، مع هذا لا تريد هوليوود تصديق غياب ابطالها المزعومين وتعيد النبض إلى أجسادهم وتصوير أمجادهم وهى الصورة المعهودة: الفرد يثأر للجماعة ولا يتردد لحظة عن إنقاذ الآخرين من الموت، مضحيا بنفسه وروحه، إذا لزم الأمر (غير أن هوليود تتحاشى موته على الشاشة، كى لا تجرح مشاعر جمهورها الأمريكي، تحديدا)، الآلة السينمائية فى هوليود قادرة على تحويل الهزائم العسكرية الأمريكية الواقعية، إلى بطولات خارقة على الشاشة الكبيرة، قادرة على إلغاء الآخر، أى (العدو) بالنسبة إليها، وعدم إظهاره على الشاشة إلا قاتلا سفّاحا يريد الموت لأمريكا وجنودها وشعبها.لاتزال هوليود تصنع أفلام عنف وحرب، لتمجيد بطلها السينمائى الخارق، ترى فى هذا النوع السينمائى منجما ذهبيا يدرّ عليها ملايين الدولارات. وإلا، فما معنى مواصلتها إطلاقها العروض العالمية لمجموعة من الأفلام الحربية، التى تدور فى فلك تمجيد البطل، ورفع شأنه عاليا، على الشاشة. فحتى بعد الاعتداء الشهير على الولايات المتحدة الأمريكية، فى الحادى عشر من سبتمبر استعدت هوليود لإطلاق مجموعة من افلام الحرب مثل «سقوط الصقر الاسود « لريدلى سكوت و»كناجنودا»لراندا ل والس، و»خلف خطوط العدو «لجون مور و«ضرر جانبى « لاندرو دايفيز، و»لعبة جاسوس» لتونى سكوت، وساسل سينمائية اخرى كثيرة لم تستطع هوليود أن تلغى مشاريعها السينمائية التى تدرّ عليها أرباحا خارقة. بات يمكن إطلاق سراح أفلام لم يملّ صانعوها من تقديس البطل الأمريكى المناضل، بشهامة وإنسانية ونقاء روحى وأخلاقي، ضد (الإرهابيين) الذين يعيثون فسادا وفوضى ودمارا، بالولايات المتحدة وبمصالحها فى أرجاء العالم. وارهابيوا هذه الأفلام ومجرموها، ينتمون إلى جنسيات مختلفة: صوماليون ، صرب، كولومبيون، أوربيون شرقيون، عرب وفيتناميون. لعلّ السمة المشتركة بين هذه الأفلام كلّها، تكمن فى إعادة تصوير البطل الأمريكي، بكل الصفات الحسنة والخيّرة والإنسانية. هذا البطل لا يرغب فى الحرب. إنه رجل السلام والمحبة، متصالح مع الآخرين كلّهم، لأنه متصالح مع نفسه، ربّ عائلة أمريكية نموذجية أو مثالية، أو شاب فى مقتبل العمر، مليء بحماس لافت للنظر لخدمة وطنه، بفضل التربية الأخلاقية والوطنية التى تلقّاها. دائما يجد البطل نفسه فى موقف لم يختره هو، بل فرض عليه فرضا. صحيح أنه جندى انتسب إلى المؤسسة العسكرية بملء إرادته، حبا بالوطن ورغبة فى تحقيق الحلم الأمريكى والرفاهية الاجتماعية والإنسانية. لكنه ليس من دعاة الحرب، إلا حين يتعرّض الحلم الأمريكي، كتجسيد للأمة الأمريكية للخطر. لا يعلن حربه على أحد، أبدا، إلا حين يتعرّض للهجوم من قبل الاخر ، فإذا به يتجاوز الأعراف كلّها، والأخلاقيات كلّها والحسّ الإنساني، بهدف (إصلاح) الخطأ، وإيقاف المعتدى عند حدّه، وإبادة الأشرار الإرهابيين بمختلف أنواع الوسائل الممكنة، من دون أدنى رادع إنسانى أو أخلاقي، تربّى عليها سابقا، والسبب أن (العدو) مارس عنفا لا يمكن إيقافه إلا بعنف مضاعف.