يزور الكثيرون منزل السفاحتين الشهيرتين ريا وسكينة بالإسكندرية، كما تم سرد قصتهما بعدة أعمال فنية، ولكن سفاحة أشد فظاعة عاشت بداية العهد المملوكي قلما يزور أحد بيتها المرعب الذي تحول إلى مسجد قرب باب الشعرية، وكانت تلك السفاحة مشهورة برمي ضحاياها رجالا ونساء في محرقة الطوب؛ لإخفاء الجثث.
وتستعرض "الشروق"، ما سرده المؤرخان تقي الدين المقريزي وشهاب النويري، حول حكاية غازية الخناقة التي روعت سكان القاهرة بشنيع أفعالها.
ويشرح المؤرخ ابن تغري بردي، خلفية اقتصادية حول تلك السلسلة من الجرائم، إذ حلت بمصر أزمة اقتصادية بداية عهد الظاهر بيبرس، ووصل سعر القمح لـ100 درهم، والشعير لـ 70 درهما؛ ما أوصل الناس لأكل أوراق الشجر، ورغم تدخل السلطان ونجاحه في حل الأزمة وتغطية حاجة الناس، إلا أن الجرائم انتشرت بشكل واسع.
ويقال إن فتاة حسناء كانت ترتدي زي الراقصات تخرج على الطريق لغواية الرجال، ومن ثم تتوسط عجوزا بينها والزبائن للحضور إلى بيت الغازية.
وينتظر ببيت الغازية رجلان يتربصان بالزبون ويسلبان ما لديه قبل أن يخنقاه حتى الموت.
وتجدر الإشارة إلى أن قائمة الضحايا شملت نساء أيضا مع الرجال.
وكانت الغازية تتفق مع عامل بفرن لحرق الطوب، على أخذ الجثث وحرقها، بينما كان يتم إلقاء بقية الجثث بخليج القاهرة المتفرع عن النيل.
اكتشف المماليك ذات يوم العديد من الجثث لأشخاص مختفين طافية على سطح خليج القاهرة، ما أثار ذعر العوام ودعا المماليك للتحري والاستقصاء.
أبلغت جارية لماشطة أن سيدتها تمت دعوتها لبيت الغازية ولم تعد، لذلك ذهب المماليك للبيت وأمسكا الغازية والسيدة العجوز حتى اعترفتا بقتل الماشطة وقتل بقية الضحايا.
تم القبض على الغازية والعجوز والرجلين القاتلين وعامل الفرن، وإعدامهم صلبا على الأخشاب، بينما تم الاستعراض بجثثهم بالطرقات لردع المجرمين عن تكرار تلك الفعلة.
تم بناء مسجد مكان بيت الغازية عند مخرج باب الشعرية وتمت تسميته بمسجد الخّناقة، ولكن الناس كانوا يتجنبون الصلاة فيه للسيرة السيئة المحيطة بالبيت.
اقرأ أيضا: نوادر مملوكية (6).. المماليك يمنعون ارتداء النساء العباءات السمراء خلال شهر رمضان