الساعة فوق الجينية.. أداة جديدة لرصد تدهور حالة الحيوانات المهددة بالانقراض - بوابة الشروق
الأربعاء 1 أكتوبر 2025 12:23 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

الساعة فوق الجينية.. أداة جديدة لرصد تدهور حالة الحيوانات المهددة بالانقراض

سان فرانسيسكو – (د ب أ)
نشر في: الإثنين 29 سبتمبر 2025 - 11:22 ص | آخر تحديث: الإثنين 29 سبتمبر 2025 - 11:22 ص

يُعد الحفاظ على أشكال الحياة البرية سباقًا ضد الزمن، وغالبًا ما يكون سباقًا خاسرًا؛ فعندما يلاحظ علماء الأحياء مؤشرات تدهور نوع معين، يكون الأوان قد فات، وقد تكون الفصيلة بالفعل على وشك الانقراض.

وهناك أمثلة عديدة لأنواع من الطيور والحيوانات التي اندثرت أو أوشكت على الزوال بين ليلة وضحاها، مثل الحمام الزاجل في أمريكا الشمالية، والدولفين النهري في الصين، وفقمات الراهب في الكاريبي، ووحيد القرن الأبيض في إفريقيا.

يسعى العلماء إلى تطوير وسائل إنذار مبكر للكشف عن خطر انقراض الأنواع على مستوى الجزيئات داخل أجسامها، عبر تتبع مؤشرات مثل مستويات هرمون التوتر أو تركيب الكروموسومات، غير أن هذه المؤشرات غالبًا ما تكون ضعيفة وغير واضحة، ويصعب رصدها في الوقت المناسب وسط فوضى الحياة البرية؛ لذلك بدأ الباحثون مؤخرا يعولون على وسيلة علمية واعدة تُعرف باسم "الساعة فوق الجينية" (Epigenetic Clock).

هذه التقنية تندرج ضمن مجال "علم ما فوق الجينات" (Epigenetics)، الذي يدرس التغيرات الوراثية الناتجة عن عوامل بيئية، ولا تستخدم هذه "الساعة" لقياس الوقت بالمعنى التقليدي، بل تُستخدم لقياس "العمر البيولوجي" للكائن الحي من خلال تحليل بعض المركبات الكيميائية المعروفة باسم "مجموعة الميثيل" داخل الحمض النووي، وتساعد في تحديد معدل التدهور العمري الناجم عن التوتر أو الأمراض أو الضغوط البيئية؛ مما يتيح التنبؤ بمخاطر الانقراض القريبة أو البعيدة.

 

قال كولين جارواي، الباحث في علم الأحياء التطوري بجامعة مانيتوبا الكندية، إن إمكانية رصد علامات الشيخوخة المبكرة لدى الأنواع قبل تراجعها الكبير تمثل تطورًا مثيرًا، خاصة وأن جميع الوسائل الأخرى لا تلتقط إشارات الخطر إلا بعد فوات الأوان.

وأضاف في تصريحات لمجلة Knowable Magazine العلمية: "هذه التقنية على الأقل تدفعنا للنظر إلى الأمام".

وركزت أبحاث جارواي وزملائه، على الدببة القطبية في شمال كندا، ولاحظوا أن الدببة التي وُلدت خلال العقود الأخيرة تعاني من الشيخوخة البيولوجية بشكل أسرع من الأجيال السابقة، فقد ظهر أن أعمارها البيولوجية تفوق أعمارها الزمنية، بسبب قصر مواسم تساقط الثلوج وتراجع أعداد الفقمات التي تتغذى عليها، مما أدى إلى انخفاض مخزون الدهون لديها.

وأكد إيفان ريتشاردسون، من وكالة حماية البيئة والتغير المناخي في كندا، أن هذه الظروف البيئية أثّرت على مستوى الجزيئات داخل الحمض النووي للدببة.

وأعرب عن أمله في أن يتم تطبيق تقنية "الساعة فوق الجينية" كأداة احترازية لحماية التنوع البيولوجي قبل فوات الأوان.

وأوضحت ميجان جونز، أخصائية علم الوراثة بجامعة مانيتوبا، أن هذه التقنية تُعد "وسيلة فعالة لرصد حالة مجموعات الأنواع الحية، وقياس الضغوط البيئية عليها في الوقت الحاضر، عندما لا تزال فرص التعافي ممكنة".

وفي عام 2021، طوّرت جيني تونج، المتخصصة في علم الأنثروبولوجيا التطورية من معهد ماكس بلانك في لايبزيغ بألمانيا، نسخة من "الساعة فوق الجينية" لقياس العمر البيولوجي لدى قرود البابون في متنزه أمبوسيلي الوطني بجنوب كينيا. وتبين أن الذكور التي تتصدر مراتب الزعامة تشيخ أسرع من أقرانها، رغم تساوي أعمارها الزمنية.

واستنتج الفريق أن الضغوط المرتبطة بالحفاظ على الزعامة تسرّع الشيخوخة، عكس الاعتقاد السائد بأن المكانة الاجتماعية تحسّن الصحة، إذ قالت تونج: "الزعامة والحفاظ عليها عملية مكلفة".

وفي مدينة سان دييغو الأمريكية، أجرى فريق من المؤسسة الوطنية للثدييات البحرية دراسة على دلافين قارورية الأنف تعيش قبالة سواحل أمريكا الجنوبية، بعد أن تبيّن أن عدد فصيلة دلافين لاهيلي لا يتجاوز 600 دولفين.

وبالتعاون مع البحرية الأمريكية، جمع الباحثون عينات من الجلد والدم، وطبقوا تقنية "الساعة فوق الجينية" لتحديد عمر الدلافين البيولوجي، ووجدوا مؤشرات على الشيخوخة المبكرة، وأرجعوا السبب إلى التلوث الصناعي والزراعي، بالإضافة إلى ضغوط بيئية أخرى.

ووثّق الفريق، بقيادة الطبيبة البيطرية أشلي باريتكلو من مؤسسة حماية الثدييات البحرية، حالات مماثلة لدى دلافين سواحل لويزيانا، التي تأثرت بتلوث ناتج عن كارثة التسرب النفطي في حقل ديب ووتر هورايزون عام 2010، حيث ظهرت عليها علامات الشيخوخة المبكرة مقارنة بدلافين مناطق غير ملوثة.

كما أجرى الباحث توم ليتل، أخصائي علم الأحياء التطوري بجامعة أدنبرة في اسكتلندا، دراسات على فئران الغابات، وتوصّل إلى أن ندرة الغذاء والحمل الطفيلي (عدد الطفيليات التي يحملها الكائن الحي) من العوامل المؤثرة على الساعة فوق الجينية لديها.

وقال ليتل: "في علم الإنسان، نعلم أن التوتر والغذاء والعدوى تؤثر على العمر البيولوجي.. لكننا ما زلنا نستكشف هذه التأثيرات في الحياة البرية، لفهم أسباب الشيخوخة المبكرة لدى الحيوانات".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك