مهن الصحابيات (8).. خولة بنت الأزور.. أول فارسة في الإسلام هاجمت الروم - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 6:26 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهن الصحابيات (8).. خولة بنت الأزور.. أول فارسة في الإسلام هاجمت الروم

خولة بنت الأزور
خولة بنت الأزور
هند أحمد عمر
نشر في: الخميس 30 مارس 2023 - 3:08 م | آخر تحديث: الخميس 30 مارس 2023 - 3:48 م

يتبين من الاستشهادات القرآنية ومن السنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة، وحثهما على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف بمالها، وأعطاها حق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي.

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، وقال الرسول -صل الله عليه وسلم-: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ".

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي، مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة.

الحلقة الثامنة: المجال السياسي للنساء في الإسلام

ليس صحيحًا ما يُقال إن المرأة في صدر الإسلام لا تخرج أبدًا إلا 3 مرات، من بطن أمها إلى الدنيا، ومن دار أبيها إلى الزوج، ومن دار زوجها إلى القبر، وقُتل الخراصون الذين يدعون ظلما وزورًا أن المرأة في ظل الإسلام مكسورة الجناح ومهضومة الحق، بل الحقيقة أن المرأة عاشت في ظل هذا الدين، متمتعة بكامل حقوقها، تشارك أُمتها في تحقيق آمالها، وتخفيف آلامها، منهن نساء فُضليات أثرين تاريخ الإسلام وكما قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: "فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٖ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۖ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لَأُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ ثَوَابٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ"، فهذه الآية أكبر برهان يدل على التسوية التامة بين شطري الإنسان "الذكر والأنثى"، في ميدان الجهاد.

ولهذا وجب علينا أن نشير إلى النساء شاركن في الجهاد في عهد النبي وأولى هؤلاء النساء هي:-

خولة بنت الأزور (أول فارسة في الإسلام):

نسبها:

عاشت "خولة" خلال فترة الخلفاء الراشدين، وذكرت في كتاب "فتوح الشام"، أنها مقاتلة وشاعرة من قبيلة أسد، وهي أخت ضرار بن الأزور القائد العظيم، وقتل أبوها بين يدي رسول الله -صل الله عليه وسلم- دفاعا عنه.

نشأت خولة في مدرسة الشجاعة، والبطولة، والبسالة، وكانت بارعة في ركوب الخيل، واستعمال السلاح، وكانت تتمنى أن تشارك الرجال في القتال، وتكره أن تكون قعيدة البيت في وقت يحتاجها الميدان، ولديها من الفروسية ما تفوقت به على مثيلاتها، ولديها دهاء، وإقدام، ولها مواقف بطولية.

خولة (البطل الملثم)

وُصفت "خولة" عندما كانت تقاتل الروم في معركة "أجنادين" لفك أسر أخيها (فحملت على عساكر الروم كأنها النار المحرقة)، فزعزعت كتائبهم وحطمت مواكبهم، ثم غابت في وسطهم، فما كانت إلا جولة الجائل حتى خرج وسنانه ملطخة بالدماء من الروم، وقد قتلت رجالاً وجندلت أبطالاً، وعرضت نفسها للهلاك، ثم اخترقت القوم غير مكترثة بهم، ولا خائفة وعطفت على كراديس الروم.

ونُظر إليها كأنها الفارس الذي خرج كشعلة نار والخيل في أثره، وكلما لحقت به الروم لوى عليهم وجندل، فأما رافع بن عمير ومن معه فظنوا إلا أنه خالد، وقالوا ما هذه الحملات إلا لخالد، طبقا لما ورد في كتاب فتوح الشام - الواقدي - دار الكتب العربية - 1997م - ج1 ص41.

وسار خالد بن الوليد مع الجيش، وهو في الطريق مر به فارس، طويل وبيده رمح، ذي ثياب سود، وقد حزم وسطه بعمامة خضراء، ثم سحبها على صدره، ولم يبين منه إلا الحدق أي كان ملثما، وقال عنه خالد بن الوليد إنه فارس، فاتبعه خالد والجيش، حتى وصل إلى المشركين وقد حمل على عساكر الروم كأنه المحرقة، فزعزع مناكبهم، وأحرق صفوفهم، فما كانت إلا جولة واحدة، حتى خرج ملطخ بالدماء، وقد قتل رجالا وجندل أبطالا، وعرّض نفسه للهلاك ثانية، واخترق القوم، ولم يعلم الجيش من الذي يقوم بهذه الحملات، فأثابهم الفضول وأصروا على معرفة من هو، فلما كشفت عن وجهها فإذا هي خولة بنت الأزور، تدافع عن أخيها.

خولة فارسة وقائدة

حسبما ذكر "بن كثير" في كتابه "البداية والنهاية"، أن قبل هذه الواقعة استطاع الروم، أسر خولة بنت الأزور، وبعض النساء وحجزن في خيام بعيدة عن أرض المعركة، تحت حراسة مشددة؛ لأخذهن سبايا بعد انتهاء الحرب.

إلا أن خولة لم تستلم لهذا المصير، ولم تجلس منتظرة النجاة من الجيش الإسلامي؛ لذا فكرت في كيفية التخلص من الأسر رغم الحجز، وعدم امتلاك أسلحة مقاومة، فاجتمعت بالأسيرات وخطبت فيهن قائلة: «يا بنات حمير بقية تبع أترضين بأنفسكن علوج الروم، ويكون أولادكن عبيدا لأهل الشرك؟.. فأين شجاعتكن وبراعتكن التي نتحدث بها عنكن في أحياء العرب، ولا أراكن بمعزل عن ذلك، وإني أرى القتل عليكن أهون من هذه المصائب وما نزل بكن من خدمة الروم الكلاب
فقالت عفرة بنت غفار الحميرية: صدقت والله يا بنت الأزور، نحن في الشجاعة كما ذكرت، وفي البراعة كما وصفت، لنا المشاهد العظام والمواقف الجسام، ووالله لقد اعتدنا ركوب الخيل وهجوم الليل غير أن السيف يُحسن فعله في مثل هذا الوقت، فقالت خولة يا بنات التبابعة والعمالقة، خذوا أعمدة الخيام وأوتاد الأطناب ونحمل بها على هؤلاء اللئام فلعل الله ينصرنا عليهم أو نستريح من معرة العرب".

فقالت عفرة الحميرية: "والله ما دعوت إلا ما هو أحب إلينا مما ذكرت، ثم تناولت كل واحدة عمودا من أعمدة الخيام وصحن صيحة واحدة، وتقدمت خولة ومن ورائها غفرة ثم الباقيات".

وقالت خولة: "لا ينفك بعضكن عن بعض وكن كالحلقة الدائرة ولا تتفرقن فتملكن، فيقع بكن التشتيت وحطمن رماح القوم واكسرن سيوفهم"، فهجمت خولة أمامهن فضربت رجلاً من القوم على هامته فتجندل، وهجمن على الروم.

وظلت النسوة بقيادة خولة بنت الأزور في الهجوم على الروم حتى قتلن 30 رجلا منهم، وظلت المعركة بينهن وبين جنود الروم حتى جاء ضرار بن الأزور مع خالد بن الوليد، وأنقذ النساء. (كتاب فتوح الشام - ج1 - ص.50).

وفاتها

عاشت "خولة"، تجاهد في سبيل الله ولا تخشى لومة لائم حتى لقيت ربها -عز وجل- في السنة الخامسة والثلاثين في أواخر خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.

اقرأ أيضا: مهن الصحابيات (7).. أسماء بنت يزيد بن السكن: خطيبة النساء وأول معتدة في الإسلام



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك