جلال برجس: كتبت «نشيج الدودوك» لنفسي ولم يكن أمام تدفق الكتابة أي عائق يمنعنى من المكاشفة - بوابة الشروق
الأحد 25 مايو 2025 6:44 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

جلال برجس: كتبت «نشيج الدودوك» لنفسي ولم يكن أمام تدفق الكتابة أي عائق يمنعنى من المكاشفة

جلال برجس
جلال برجس
حوار ــ سامح سامي وأسماء سعد:
نشر في: الجمعة 30 يونيو 2023 - 6:53 م | آخر تحديث: الجمعة 30 يونيو 2023 - 6:55 م

- أشعر بسعادة لإصدار طبعة مصرية من سيرتى الروائية عن دار الشروق
ــ السيرة توليفة تستهدف علاقتى بالقراءة والكتابة والسفر
ــ الحب هو اليد التى تزيل الرماد عن نافذتنا الداخلية التى تطل على العالم
ــ أحوال المهمشين هى القضية الأكثر إلحاحًا فى هذه المرحلة.. هم ضحية التقلبات العالمية
ــ المرأة حاضرة دومًا فى أعمالى الروائية إيمانًا منى بدورها الكبير الذى عليه أن يتجاوز الدور النمطى التابع للرجل والذكورية المفرطة

«قبل كتابة نشيج الدودوك كنت أعى أنى سأقف قبالة مرآة داخلية تتيح لى معاينة بعض من ذاتى. وحين شرعت بالكتابة عثرت علىَّ واضحًا بلا أى شكل من أشكال المحسنات، بل حتى بمستوى من المكاشفة لم أكن أفكر به من قبل؛ إذ كنت أعرف أن القلم بيدى مثل مصباح يضىء لى مناطق تخصنى».. هكذا يصف كتابة سيرته الروائية التى تبدو أنها «حكاية كاتب لا يمتلك من الوقت إلا ثلاث ساعات فى اليوم للأدب». تلك السيرة الروائية تعاقدت دار الشروق معه على نشر الطبعة المصرية منها.

إنه الأديب جلال برجس الذى يملك أسلوبا مميزا، يتعمق فى المدلولات والمكنونات، ويرسم شخصياته بدقة، حصل على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» الدورة قبل الماضية، وهو يملك مجموعة من الإبداعات المختلفة، التى تتراوح ما بين الروايات والقصص والشعر، إذ يسعى برجس من خلال نصوصه إلى مقاربة وعى الإنسان وتسليحه ضد الإشكاليات الصعبة التى يواجهها، ويستخدم فى سبيل ذلك أسلوبا سلسا يمزج ما بين الواقعية السحرية والفانتازيا من جهة، ومعطيات الواقع ونواتج التجريب الفعلى من جهة أخرى.

وجلال برجس شاعر وكاتب أردنى، حائز على جائزة البوكر العربية 2021 عن روايته (دفاتر الوراق) وجائزة كتارا للرواية العربية 2015 عن روايته أفاعى النار/ حكاية العاشق على بن محمود القصاد، وجائزة رفقة دودين للإبداع 2014، عن رواية (مقصلة الحالم، و جائزة روكس بن زائد العزيزى 2012 عن المجموعة القصصية الزلزال. ووصلت روايته سيدات الحواس الخمس للقائمة الطويلة فى البوكر 2019.

بدأ بنشر نتاجه الأدبى فى أواخر التسعينيات فى الدوريات والملاحق الثقافية الأردنية والعربية. إضافة إلى عضويته فى الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين، والهيئة العامة فى اتحاد الكتاب العرب، واتحاد كتاب الإنترنت، وحركة شعراء العالم فهو يشغل موقع رئيس مختبر السرديات الأردنى، ورئيس تحرير مجلة صوت الجيل، وأمينا سابقا لسر رابطة الكتاب الأردنيين فرع مادبا، ورئيسا سابقا لعدد من الملتقيات الأدبية.


> كيف ترى خطوة إصدار دار الشروق للنسخة العربية من «نشيج الدودوك»؟
ــ الشروق دار نشر عربية مهمة تتعامل مع الكاتب والكتاب وفق معايير عالمية، تحترم الكاتب، وتقدر الإبداع. كان وما يزال الكتاب العرب يشكون الفروقات الشاسعة بين فضاء النشر فى أوروبا وفضاء النشر فى العالم العربى. ويشعرون بحسرة جراء ما يحدث من خلو تلك الدور من المهنية. فى هذه المرحلة اتخذت بعض دور النشر العربية دورها الحقيقى فيما يخص العلاقة بين الكاتب والكتاب والقارئ، وأحدثت التوازن بين التجارى والإبداعى. ودار الشروق على رأسهم. لهذا أقول إنى سعيد بهذا الخطوة فى إصدار طبعة مصرية من سيرتى الروائية نشيج الدودوك، لأطل من جديد ومن خلالها على قرائى المصريين الذين أكن لهم كثيرا من المحبة والتقدير.

> حينما قمت بإبداع نشيج الدودوك، ما العناصر التى جاءت مبنية وفقا لها العمل الأدبى، كالسيرة والأماكن والأسلوب؟
ــ بنيت هذه السيرة الروائية على ثلاثة عناصر: سيرتى، وسيرة الكتب التى رافقتنى فى السفر، وسيرة ثلاثة أمكنة زرتها. إنها توليفة تستهدف علاقتى بالقراءة والكتابة والسفر، توليفة كتبتها لنفسى أولًا لهذا أتت بوعى روائى ربما يجعل الكثير من القراء يجنسونها كرواية. لقد عاينت نفسى بوعى من يريد أن يفهم ذاته عبر فضاءات تلك العناصر الثلاثة.

> قلت «وحين تأملت تلك العناصر وجدت أنى أسعى لفهم مكتسبات رئيسية فى حياتى: القراءة، والكتابة، والسفر، وبالتالى هل هى هروب، أم مواجهة».. وبدورنا نسأل هل هى هروب حقا أم مواجهة؟ ومواجهة لمن ولأى قضية؟
ــ أعتقد أن الكتابة بحد ذاتها مواجهة وهروب فى الآن نفسه. مواجهة لكثير من القضايا الذاتية والقضايا العامة. أما عن نشيج الدودوك فقد كتبتها نتيجة لمرحلة شخصية صعبة عشتها، وكان علىَّ مواجهتها بالكتابة. وحين فعلت ذلك تساءلت: هل ما أفعله هروبا أم مواجهة؟ أعتقد أن هناك أزمات علينا أن ندير لها ظهورنا ونمضى لتموت فى مكانها، وهناك أزمات لابد من مواجهتها. فى الحقيقة لم أكن أفكر بنشر ما كتبته، لكن عندما قرأت ما تمخض عن تأملاتى وجدت أن المشاعر الإنسانية يمكن أن تتقاطع، وأن التجارب الحياتية يمكن أن تتضمن ما يعين الآخرين على اختيار دروبهم، لهذا دفعت بها إلى النشر.

> يلمس القارئ فى السيرة الروائية نشيج الدودوك، محاولة المكاشفة والاعتراف.. هل قصدت هذه الدرجة من الغوص والتعمق فى ذاتك؟ ولماذا التأكيد أنها سيرة روائية رغم المسافة الضئيلة جدا بين السيرة الروائية والرواية؟
ــ حين كتبت هذه السيرة لنفسى لم يكن أمام تدفق الكتابة أى عائق يمنعنى من المكاشفة خاصة أنى أواجه نفسى، لهذا تقصدت هذا المستوى من الإبحار نحو أعماقى. وحتى حينما قررت نشرها لم أحذف إلا ما وجدته ينتهك حيوات أناس ليس لى الحق بالكتابة عنها. أما ما يتعلق بى فقد تركته كما هو. وجدت أن نشيج الدودوك قد كتبت بوعى روائى، ولغة، وعناصر الرواية، لكن وبما أنها حكايتى، فقد فضلت أن أصنفها كسيرة، لأن ليس فيها أى مستوى من مستويات التخييل.

> جاءت اللغة فى نشيج الدودوك مشحونة بالشفافية مع لمسة فلسفية ملحوظة، فى رأيك ما معيار اختيارك للغة المناسبة لأعمالك؟
ــ بالنسبة لنشيج الدودوك لم أختر اللغة، بل هى التى اختارت نفسها بنفسها كونى أجلس على كرسى التأمل والاعتراف. أما بالنسبة لرواياتى فإن الفكرة وعناصر تجسيدها هما اللذان يحددان أى لغة أختار لأقرب القارئ من الفكرة.

> تهتم كثيرا باختيار عناوين أعمالك، ما الذى قصدت أن يتأمله القارئ من عنوان نشيج الدودوك؟
ــ لم أختر العنوان إلا حينما قررت نشر ما كتبت، عندها فكرت بالقارئ وبإمكانية أن يلتفت إلى دواخله، وإلى الموسيقى التى تعيش فيه، لأن الموسيقى سبقت اللغة فى حياة الإنسان الأول فقد أنصت للريح وهى تمر بين التجاويف، والأشجار، وراح يحاكيها، ثم ذهب إلى اللغة. إن حيواتنا الداخلية هى مخدع الأسرار، وهى التى من خلالها يمكن أن ننطلق إلى حيواتنا الظاهرة.

> وفى رأيك كيف يمكن أن تثرى تجارب السفر والحب والكتابة والفشل والنجاح من أعمال الكاتب وتزيدها قيمة؟
ــ الكتابة هى نتاج خبرة الإنسان حين تتقاطع مع تأملاته الجوانية، بالتالى تفضى إلى رؤيته نحو نفسه والكون. لهذا يكاد يكون السفر من أهم العناصر فى حياة الإنسان لأنه يتيح له رؤية الناس وأماكنهم وثقافاتهم من زاوية محايدة له أن تشكل وجهة نظره، ولها أن تجعله يرى نفسه من خلال تلك الفضاءات. الحب هو اليد التى تزيل الرماد عن نافذتنا الداخلية التى تطل على العالم. أما الفشل فإنه الإشارة الأهم إلى النجاح.

> من واقع إبداعك بسلاسة فصول تتداخل فيها الزمان والمكان والسيرة الذاتية، هل كنت تتوقع هذا النجاح والتكريم لتلك الخلطة الإبداعية؟
ــ قبيل نشر كل كتاب أشعر بذلك الخوف الذى راودنى عند إطلاقى كتابى الأول، لهذا تبدو لى مسألة التوقع مربكة نوعًا ما. دعنى أقول أنى أتمنى وصول ما أردت قوله للقراء. وفى نشيج الدودوك وتوالى طبعات هذه السيرة، أجد أنها حظيت بمحبة وقبول كبير من قرائى، وهذا يسعدنى جدًا.

> ذكرت فى أحد المؤتمرات الكبرى، أن حواء هى مركز الكون وحاضرة دوما فى رواياتك، هل يمكن أن تحدثنا عن الشخصيات النسائية فى أعمالك؟
ــ المرأة حاضرة دومًا فى أعمالى الروائية إيمانًا منى بدورها الكبير الذى عليه أن يتجاوز الدور النمطى التابع للرجل والذكورية المفرطة. فهى فعلًا مركز الكون، ولا يمكن أن تستقيم الحياة من دون دورها الحقيقى. تطرقت إلى المرأة وقضاياها منذ روايتى الأولى مقصلة الحلم إلى دفاتر الوراق. وغالبًا ما تأخذ المرأة دورًا بارزًا فيما أكتب، وهذا عائد كما قلت إلى اعتقادى بمكانتها الأهم.

> سبق أن فزت بجائزة البوكر ٢٠٢١ فى رأيك ما هى الميزة الأهم فى الأعمال الفائزة بالأعمال الأدبية؟
ــ برأيى أن الرواية التى تفوز بجائزة هى تلك الرواية التى أخذت النصيب الأكبر من النقاش حولها من قبل لجنة التحكيم؛ إذ إنها ليست رواية ساكنة، بل متحركة تنتج أفكارًا وجدلًا وتأويلات عديدة. وهذه هى الرواية الناجحة التى يرفضها البعض ويقبلها البعض الآخر. الإجماع على رواية بعينها مؤشر غير سليم.

> تتناول فى رواياتك وأعمالك قضايا إنسانية ملحة كالفقر والفساد وأحوال المهمشين هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك ولماذا الهّم بتلك القضايا؟
ــ أحوال المهمشين هى القضية الأكثر إلحاحًا فى هذه المرحلة، إذ إنهم ضحية التقلبات العالمية، والزمن الجديد الذى يريد أن يحول الإنسان إلى كائن متحرك فى سوق كبير. إن ما يمر به كثير من الفقراء فى العالم من تردى لأحوالهم المعيشية قد أنتج كثيرا من الخراب على مستوى حيواتهم وعلى مستوى تعاطيهم مع الحياة بمفاهيم متطرفة وناقمة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك