الجزائر والولايات المتحدة.. عهد جديد نحو شراكة استراتيجية - بوابة الشروق
السبت 2 أغسطس 2025 2:16 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

الجزائر والولايات المتحدة.. عهد جديد نحو شراكة استراتيجية

وكالة الأناضول
نشر في: الخميس 31 يوليه 2025 - 12:04 م | آخر تحديث: الخميس 31 يوليه 2025 - 12:04 م

خبيران جزائريان للأناضول:
- تطور العلاقات يتماشى ورغبة معلنة من قبل الجزائر لتنويع الشركاء على جميع الأصعدة
- زيارة مستشار ترامب للجزائر تؤكد زخما وفعالية أكبر للعلاقات بين البلدين وتعبر عن تقدير واضح من الجانب الأمريكي للدور الجزائري في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل
- براغماتية الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب والنظرة الجديدة للجزائر، ترسخ الاعتقاد بانتقال البلدين نحو شراكة جديدة
- هناك استجابة أمريكية لمسعى الجزائر في تنويع شراكاتها الاقتصادية والتحول الاقتصادي أيضا تجلت في زيارة مستشار ترامب

حراك ملحوظ ونشاط في الاتصالات والزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، ذلك الذي عرفه مسار العلاقات الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أوائل نوفمبر الماضي، وحتى اليوم.

ذلك الزخم الممزوج بتصريحات إيجابية، أكد فيها الجانبان التزامهما بتقوية التعاون في الدفاع والأمن الإقليمي وأيضا الاقتصاد والتجارة، عزز التوقعات بتوجه علاقات واشنطن والجزائر "نحو شراكة استراتيجية" في مجالات عديدة، بحسب خبيرين تحدثا للأناضول.

تلك التوقعات دعمتها بقوة مخرجات الزيارة التي أجراها كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، الأحد، للجزائر وامتدت يومين، والتي رسمت، وفق الخبيرين، "ملامح الشراكة المستقبلية وفق رؤية جديدة".

ما ذهب إليه الخبيران، استند أيضا إلى التصريح الختامي لزيارة بولس للجزائر، والذي قال فيه: "جئت إلى الجزائر بشغف وسأغادرها بإعجاب أكبر خاصة لما يجمع بلدينا من تعاون".

مستشار الرئيس الأمريكي، كان قد صرح أيضا عقب وصوله إلى الجزائر أنه "جاء إلى هذا البلد العربي نيابة عن الرئيس ترامب ووزير الخارجية مارك روبيو"، معبرا عبر عن ارتياحه لمجريات الزيارة.

وقال في سلسلة تغريدات، على حسابه الرسمي بموقع إكس، إنه سعد بلقاء "وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف ثم الرئيس تبون، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب".

وأفاد بوجود التزام واضح من قبل بلاده للتعاون مع الجزائر، في الاقتصاد والتجارة العادلة وفي تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، مبديا تفاؤله بمستقبل التعاون والاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة والمناجم".

وبعد يوم واحد من مغادرة بولس للجزائر، أعلنت السفارة الأمريكية عما أسمته "فصلا جديدا في التعاون الزراعي بين البلدين"، ضمن مشروع "بلدنا" الزراعي الذي يجمع الجزائر وقطر بقيمة 3.5 مليارات دولار.

ومشروع "بلدنا" هو مشروع ضخم بين الجزائر وقطر، لإنتاج بودرة الحليب المجفف والألبان واللحوم، وبدأ انجازه على مساحة شاسعة تناهز 218 ألف هكتار، بعدة محافظات جنوب الجزائر.

** نشاط دبلوماسي مكثف

وبالعودة قليلا إلى الوراء، يظهر تزايد الاتصالات بين البلدين منذ انتخاب ترامب قبل نحو 9 أشهر، إذ بعث له الرئيس الجزائري، في السادس من نوفمبر 2024، رسالة تهنئة أعرب فيها عن عزمه "العمل من أجل ترقية علاقتنا الثنائية إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحنا المشتركة".

بدوره بعث ترامب، رسالة تهنئة لنظيره الجزائري في الخامس من يوليو الجاري، بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر (1962) ختمها بالقول، "إن تعاوننا اليوم في مرحلة خلق مستقبل أكثر ضمانا وأكثر ازدهارا للأمريكيين كما للجزائريين".

وما بين الاتصالين، تواصل البلدان بشكل لافت، حيث استقبلت الجزائر، القائد السابق للقيادة الأمريكية العسكرية في إفريقيا "أفريكوم" الجنرال مايكل لانغلي، في يناير الماضي، توجت بتوقيع مذكرة تفاهم وصفت بـ"الهامة" في التعاون العسكري بين البلدين.

** أساس واضح لعلاقة متينة

وبقراءة تحليلية لتصريحات المسؤولين الجزائريين والأمريكان، مؤخرا، يتجلى وجود سعي أمريكي حثيث لرسم معالم شراكة جديدة، قائمة على وضوح الرؤية، والحد من التقديرات السابقة التي تربط الجزائر بمحور معين من محاور العلاقات الدولية، لكن الأخيرة تصر على أن تكون صديقة للجميع وهذا لا يمنعها من إقامة الشراكات الاستراتيجية مع من تريد.

فبينما ينصح مسؤولون أمريكيون، بلادهم بالاندفاع نحو "تقوية" العلاقات مع الجزائر، قصد "الحد من النفوذ" الروسي في شمال إفريقيا والجزائر تحديدا على اعتبار أنها شريك استراتيجي تاريخي لموسكو، يصر الجانب الجزائري على موقعه كبلد متشبث بعقيدة "عدم الانحياز".

وكان قائد عمليات القيادة الأمريكية في إفريقيا ومرشح ترامب لتولي قيادة "أفريكوم" الجنرال داغفين أندرسون وجه دعوة لإدارة بلاده من أجل التقرب أكثر من الجزائر.

وقال في جلسة استماع أمام الكونغرس، الأسبوع الماضي "يجب على الولايات المتحدة، أن تسعى لإعادة توجيه الجزائر بعيدا عن اعتمادها التاريخي على روسيا" وذلك "عبر بناء شراكة عسكرية واستراتيجية قوية".

لكن الجانب الجزائري، وفي مقدمته الرئيس تبون، أكد في آخر حوار له مع وسائل الإعلام المحلية قبل أسبوعين أن "الجزائر يسري في دمائها عدم الانحياز".

وأوضح أن بلاده مصممة على التمسك بعلاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الصين ومع روسيا، قائلا: "لن نكون خصما لأحد بل صديقا للجميع".

وأكد تبون أن الجزائر لن ترهن علاقاتها الخارجية لدى دولة أو معسكر دولي واحد.
غير أن تبون ذهب في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد جزائري "ينسى وقوف الولايات المتحدة مع الجزائر إبان الثورة التحريرية (1954-1962) وإدخال واشنطن الملف الجزائري إلى الأمم المتحدة".

وأوضح أن الولايات المتحدة، كانت من بين أوائل الدول التي ساعدة الجزائر عند استقلالها سنة 1962.

ويشير الرئيس الجزائري، بذلك إلى أنه ينبغي التعامل مع الجزائر، كشريك موثوق ذي مبادئ خارجية واضحة ولا ينبغي أن يحسب على محاور دولية معينة.

ويفهم من ذلك أن الجزائر تتطلع إلى شراكة مفيدة مع الجانب الأمريكي، تعود بالفائدة على الجانبين، وليس النظر إلى هذه الشراكة، باعتبارها فرصة لتقليص العلاقات الجزائرية الروسية.

** مرحلة جديدة

في هذا السياق، أوضح المختص في العلاقات الدولية، علي ربيج أن العلاقات الجزائرية الأمريكية "تتجه إلى مرحلة جديدة من التعاون".

وفي حديثه للأناضول، قال إن "العلاقات دائما ما اقتصرت على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب وقطاع الطاقة وحتى في هذا المجال أخذت دفعا جديد بعد التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون العسكري مطلع هذا العام".

وتابع أن تطور العلاقات "يتماشى مع رغبة معلنة" من قبل الجزائر لتنويع الشركاء على جميع الأصعدة .

وأشار المتحدث أن زيارة مستشار ترامب، إلى الجزائر، تؤكد "زخما وفعالية أكبر للعلاقات بين البلدين وتعبر عن تقدير واضح من الجانب الأمريكي للدور الجزائري في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي (تشهد أزمات سياسية وأمنية زادت نشاط الجماعات الإرهابية)".

ورأى ربيج أن التعاون الجزائري الأمريكي على الصعيد الاستراتيجي يمكن أن يقدم أدوات جديدة لحل الأزمات والتوتر في المنطقة، خاصة بعد تأكيد الجانبين على أهمية "السلم الإقليمي".

مجالات الشراكة

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان هادف، أن "براغماتية الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب والنظرة الجديدة للجزائر، ترسخان الاعتقاد بانتقال البلدين نحو شراكة جديدة".

وقال هادف للأناضول، إن "هناك استجابة أمريكية لمسعى الجزائر في تنويع شراكاتها الاقتصادية والتحول الاقتصادي أيضا"، تجلت في زيارة مستشار ترامب.

وذكر أن التعاون الاقتصادي بين البلدين طالما اقتصر على الطاقة الأحفورية، "لكنه اليوم يأخذ مساحة في مجالات جديدة كالطاقات المتجددة والمناجم، خاصة وأن الجزائر تحوز على ما يسمى الأتربة النادرة (عناصر أرضية تدخل في 200 نوع على الأقل من الصناعات الحديثة)".

وأفاد هادف، بأن الحضور الأمريكي بدأ يلفت الانتباه في القطاعات التي تعتبرها الجزائر أولوية لتنويع اقتصادها، على غرار الزراعة والصناعة التحويلية والصناعة الدوائية إلى جانب اقتصاد المعرفة.

ولفت إلى أن الرسوم التي تنوي الإدارة الأمريكية فرضها على الجزائر، بنسبة 30 بالمائة في مطلع أغسطس المقبل، يمكن أن تتحول إلى فرصة لتعزيز التعاون التجاري على ضوء التفاهمات التي تكون قد حققتها زيارة مستشار الرئيس الأمريكي.

ولا تشكل الولايات المتحدة وجهة رئيسية في التجارة الخارجية للجزائر، لكن البلدين أكدا مؤخرا تطلعهما إلى فتح المجال أمام تنقل البضائع من كلا الاتجاهين، علاوة على استغلال الفرص المتاحة في التجارة والاستثمار.

وبشكل عام تحوز العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة على رمزيات تاريخية، إذا تعتبر واشنطن من أهم الدول التي دعمت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وافتتحت أول سفارة لها بالجزائر بعد استقلال الأخيرة عام 1962.

تلك العلاقات لم تشهد في ولاية ترامب الأولى (2016-2020)، زخماً دبلوماسياً لافتا، خاصة وأنه قام بالاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وهو ما يتعارض مع موقف الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو، كما أن العلاقات ظلت في طي "السكون" خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن التي استمرت حتى مطلع العام الجاري.

وفي 2007، اقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا في إقليم الصحراء تحت سيادته، بينما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك