عفا الله عما هدم - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عفا الله عما هدم

نشر فى : الجمعة 1 مايو 2009 - 4:28 م | آخر تحديث : الجمعة 1 مايو 2009 - 4:28 م

 
مرة واحد مسئول كبير سلف رجل أعمال، برضه كبير، فندقا أثريا فى أسوان، مش بتاع المسئول، ولا يملك طوبة فيه لا هو ولا السيد والده ولا حتى أى فرد يمت للأسرة بصلة من قريب أو من بعيد. وبعدين رجل الأعمال الذى لا يملك الفندق.

واللى بس مستلفة كأمانة عنده لمدة 35 سنة يشغله ويربح منه كام مليار جنيه ويرجعه تانى، ويدفع مقابل ذلك أقل من نصف مليون جنيه فى السنة، عمل إيه؟ هدمه كله.

وقال للمسئول «عفوا سيدى المسئول أنا هدمته وعفا الله عما هدم، وخذ 400 ألف جنيه زيادة فى السنة، وانسى الموضوع». عمل إيه بقى المسئول؟ لم يتحرق دمه، ولم يستشاط غضبا ويحس أن أحدهم قد خدعه، ولكن قرر أن يشكل لجنة من مسئولين آخرين، ربما يمتازون بنفس هدوء أعصابه.

ليفكروا هل نأخذ القرشين وننسى موضوع الفندق الأثرى باعتبار أن الفنادق الأثرية فى مصر على قفا من يشيل، وكفى الله المؤمنين شر القتال؟ أم نلجأ إلى التحكيم ووجع الدماغ، ونخوض قتالا فى زمن ولت فيه المعارك.وما زال المسئول ولجنته تفكر حتى الآن.

لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كان مهما أم لا أن نذكر أن المسئول الكبير هو على عبدالعزيز رئيس الشركة القابضة للسياحة، ورجل الأعمال الكبير أيضا هو سميح ساويرس رئيس شركة أوراسكوم للفنادق، ولكنى على يقين تام أنه من المهم أن نذكر أن الفندق الذى لا يملكه الاثنان ولكن يتصرفان فيه وكأنه إرث العائلة هو «آمون».

الفندق هو القصة. لأنه حتما سيأتى يوم يتصدر فيه كعنوان من عناوين كتب التاريخ التى ستؤرخ لهذه الفتره من الحياة فى مصر. كيف كان المسئولون يديرون حياتنا، وأملاكنا، وأموالنا، ومصائرنا، وكأنها إرث السيد الوالد. «والدهم» هم طبعا وليس «والدنا» نحن المالكين الحقيقين.

ولو كانت الحكاية كلها فنادق لهان الأمر، ولكن الحقيقة أن الكل قد فهم كيف تتعامل الحكومة مع الحقوق، وإن التعدى عليها لن يكلف الكثير مما يصعب دفعه، بل ويستطيع المتعدى ببساطة أن يمسح فعلته بقرشين.

والحقيقة أن الأصعب من ذلك عندما لا يحتاج الأمر حتى إلى دفع القرشين ،ولنا فى عمليات الخصخصة «الفرسة» الكبرى. فمنذ عدة سنوات اشترى وزير الزراعة الحالى أمين أباظه، والذى لم يكن وزيرا وقتها، هو وآخرون الشركة العربية لحليج الأقطان ومعها 619 ألف متر مربع بحوالى 40 مليون جنيه.

ولم يمر سوى بضعة سنوات حتى بدأت الشركة فى بيع بعض الأراضى الزائدة عن نشاط الشركة، وهى الآن بصدد بيع الجزء الآخر. ويقدر المسئولون بالشركة قيمة الأراضى بحوالى مليار جنيه. وإذا كانت هذه الأراضى زائدة عن النشاط، ويمكن بيعها، فلماذا لم تبيعها الحكومة، وتدخل حصيلتها جيوبنا بدلا من جيوب السيد الوزير؟.

وحتى لا يبدو أننا نتحامل على المقام الوزارى، نقول إن الأمر لا يتوقف على الوزراء، ولكن هناك رجل أعمال آخر ليس وزيرا ولكن من هؤلاء الذين يعرفون «من أين تؤكل الكتف» وهو أيمن قرة اشترى 89 % من أسهم شركة القاهرة للزيوت والصابون منذ 4 سنوات، والتى كان لديها 4 مصانع، وكل هذه البيعة كلفته 57 مليون جنيه. ولكنه وجد أن ثمن بيع أرض أحد المصانع فقط سيعيد إلى جيبه ثمن ما دفعه فى شراء الشركة كلها، ويزيد بمقدار حوالى أربعة أضعاف. وقد كان.

وحتى لا يقال إننا منحازون ضد أهل بلادنا ونهاجمهم وحدهم نضيف قصة رجل الأعمال العربى الجنسية السيد «القنبيط» الذى اشترى شركة عمر أفندى، بعد صراع طويل مع اللغط، والذى باع هو الآخر عددا من أفرع الشركة، بالرغم من المسئولين عن عملية الخصخصة هذه.

أقسموا بأغلظ الإيمان بأنه لن يباع فرع من فروع الشركة، إلا أنهم لم يروا أى غضاضة بعد ذلك فى أن يعلن الذين اشتروا عمر أفندى أن لهم الحق فى بيع الأفرع.

حتى التاريخية منها، الحقيقة لا أعرف أى مهدئات تلك التى يتناولها السادة المسئولون عن الخصخصة، لأنها لولاها لشدوا شعورهم حتى مرحلة الصلع. الحمد الله أن عددا لا بأس به منهم من ذوى الشعور الغزيرة.






أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات