محاولة اغتيال يطمسها الوحش المصرى - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محاولة اغتيال يطمسها الوحش المصرى

نشر فى : السبت 2 يناير 2016 - 10:45 م | آخر تحديث : السبت 2 يناير 2016 - 10:45 م
غاص النصل الحاد بين الضلوع أكثر من مرة. نفذ بقوة فى اتجاه القلب وفى اتجاه الرئة. مزق عضلات الفخذين ووترا فى يد الصحفى أحمد جمال زيادة، المتشبثة بماسورة بندقية وهو يدفعها بعيدا عن صدره.

حدث هذا على بعد خطوات من جامعة القاهرة، ووسط زحام معتاد على كوبرى المشاة الذى لا تهدأ الحركة عليه ليلا أو نهارا. سقط «زيادة» مضرجا بدمائه، وعلت أصوات حشرجاته بعد الإصابة القاتلة، فيما هرب المهاجمان اللذان ظنا أنهما نجحا فى مهمتهما، بعد أن بدأ المارة يتحلقون حول بركة الدماء المتجمعة تحت الصحفى الشاب.
نقل الأهالى «زيادة» إلى مستشفى بولاق الدكرور العام، حيث مكث ليلة قبل أن يخرج منها ليستكمل علاجه، ويخضع لعملية جراحية بدأ يتعافى منها، فيما أكد الأطباء أن عمرا جديدا قد كتب له. فالطعنات النافذة كان بينها وبين القلب والرئة سنتيمترات معدودة.
التكهنات لم تنقطع منذ انتشرت أخبار محاولة الاغتيال، خاصة مع توافر الدلائل التى تشى بأن زيادة كان مستهدفا، وأن القاتلين كانا فى انتظاره.
المعروف أن «زيادة» قضى أكثر من خمسمئة يوم فى السجن متهما بمجموعة من التهم، من بينها عضوية جماعة الإخوان المسلمين. ومنذ ثبتت براءته وأفرج عنه فى شهر مايو الماضى، وهو يكتب عن خبرته فى السجون المصرية، وعن الظروف اللا إنسانية التى يعانى منها المحتجزون، وعن قصص المسجونين الذين التقاهم خلال سبعة عشر شهرا قضاها خلف القضبان.
محاولة اغتيال «زيادة» تدخل بنا مرحلة أكثر إظلاما فى نفق لا تبدو له نهاية. مرحلة شهدت عمليات قتل على نطاق واسع، وإجراءات قبض عشوائى، وتنكيل بالمحتجزين، سواء بالتعذيب أو بالتعسف فى الإجراءات القانونية ومد الحبس احتياطيا لآجال طويلة. ثم انتقلنا إلى مرحلة التصفية الجسدية لمتهمين أو مشتبه فيهم، والاحتفاء بهذه العمليات فى الصحف باعتبارها إنجازات لحماية الوطن. وقد واكب هذا كله عمليات اختفاء قسرى تنكرها أجهزة الأمن فى البداية ثم لا يلبث المخطوفون أن يظهروا فى قسم من أقسام الشرطة أو فى أحد مقار الاحتجاز. ومع «زيادة» نكون قد اقتربنا من آخر النفق بعمليات اغتيال للمعارضين والنشطاء، ينفذها مجهولون ولا يعلم أحد من يقف وراءها.
لسبب ما لم تحظ محاولة اغتيال زيادة بالاهتمام الذى تستحقه، رغم ما تمثله من تحول. نظريا يمكن إرجاع السبب إلى أن الأسبوع كان حافلا بأخبار استقطبت اهتمام الإعلام وكتاب الصحف وبرامج التليفزيون. فهو الأسبوع الذى شهد تصعيدا فى تصريحات النجم التليفزيونى ونائب البرلمان توفيق عكاشة عن دور الأجهزة فى الحياة السياسية، وفيه أيضا شهدنا انتصارا ثالثا لوزارة الخارجية المصرية فى ملحمة مواجهاتها المتتابعة مع ميكروفون قناة الجزيرة.
وهو أيضا الأسبوع الذى دشنت فيه مصر طائرتها البرمائية سعة راكب جالس وراكب «متشعبط»،والمعروفة باسم «الوحش المصرى». وقد حظى الاحتفال الشعبى بإطلاق المركبة فى ميدان التحرير برعاية أجهزة الأمن. كما شارك أمناء الشرطة الجموع وهم يدفعون الوحش المعطل على صيحات «إدى زوبة زقة»، قبل أن يرافقوه إلى أحد المصارف القريبة، لتجربة قدراته على الإبحار، بعد فشل الوحش فى السير والطيران.
لا يمكن القطع بأن انشغال الإعلام بأحداث كبرى هو السبب وراء التغطية المحدودة لمحاولة اغتيال «زيادة» ودلالاتها وتبعاتها. ويظل الاحتمال الآخر هو أن كثيرين لم يكتبوا عنها لأنهم.. خائفون.
التعليقات