مرسى.. تركى أم سودانى؟! - محمد عصمت - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مرسى.. تركى أم سودانى؟!

نشر فى : الثلاثاء 3 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يوليه 2012 - 8:00 ص

يستطيع رئيسنا الجديد الدكتور محمد مرسى أن يخوض معارك عنترية حول تطبيق الشريعة والحدود الآن، ليكسب رضا قطاعات عالية الصوت فى المجتمع على رأسها السلفيون، ويتجاهل أننا  مجتمع غارق حتى أذنيه فى أزمات اقتصادية وسياسية وثقافية طاحنة.

 

وفى هذه الحالة، لن يجد مرسى أمامه سوى أن  يعيد السيناريو السودانى الذى بدأ مع انقلاب عمرالبشير وحسن الترابى عام 1989، وطبق الحدود .. قطع الأيدى، ورجم الزناة والزانيات، وجلد المتبرجات ومرتديات البنطلونات، وشاربى الخمور. فى نفس الوقت الذى زادت فيه معدلات الفقر والمرض، وتغولت فيه يد الدولة الأمنية التى فتحت مئات المعتقلات التى أطلق عليها السودانيون « بيوت الأشباح » بسبب  التعذيب الوحشى الذى تعرض له عشرات الآلاف من  السودانيين بداخلها، بالإضافة إلى تشريد ومقتل الملايين فى حروب الجهاد التى شنها ثنائى البشير ــ الترابى لأسلمة الجنوبيين، وانتهت فى النهاية الى انفصال الجنوب ووقوعه تحت الهيمنة الإسرائيلية، ليعلن الترابى فى النهاية أن التجربة الإسلامية فى السودان فشلت، فى حين اضطر البشير إلى إعادة التعددية الحزبية، بعد أن كانت فى نظره رجسا من عمل الشيطان، وليزور الانتخابات البرلمانية لكى يفوز حزبه بالأغلبية..

 

وفى المقابل، يستطيع مرسى أن يستلهم النموذج التركى ــ بعد تمصيره ــ  بالقيام بإصلاحات اقتصادية واسعة، تستهدف أولا وأخيرا تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفقر المدقع الذى يحرق ملايين المصريين،ويحيل حياتهم إلى قطعة من الجحيم، خاصة هؤلاء الذين يعيشون فى العشوائيات.

 

وقد يميل فصيل واسع من قيادات الإخوان ــ سرا ــ للنموذج التركى الذى يؤجل تطبيق الشريعة والحدود حتى إشعار آخر، لاعتبارات عديدة ربما يأتى على رأسها رغبتهم فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى سعيهم لبناء اقتصاد قوى يرفع مستوى معيشة المواطنين الأتراك، ليضمنوا أصواتهم فى الفوز بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية. وقد أثبتت تجربة الإسلاميين الأتراك نجاحا منقطع النظير بعد الطفرة التى حققها الاقتصاد التركى خلال السنوات القليلة الماضية، على العكس من التجربة السودانية التى رفعت شعارات دينية زاعقة من نوعية الشعارات التى يرفعها المتنطعون عندنا، ثم طبقت سياسات شيطانية أحالت حياة ملايين السودانيين قطعة من العذاب.

 

وأيا كانت اختيارات مرسى، فإن ما ننتظره منه ومن الاخوان أكثر بكثير من الإصلاحات الاقتصادية والقضاء على الفساد. فالمهمة الأصعب أمامهم هى توفير المناخ للإجابة على الأسئلة التى تتعلق بهوية العقل المصرى الذى أصبح فريسة لإشكاليات الأصالة والمعاصرة، وهو ما يتطلب فتح الأبواب أمام القراءات النقدية لتاريخنا الإسلامى، وكشف مواطن ضعفه وقوته، وتمحيص تجارب مفكرينا فى التعاطى مع هذه القضايا وما طرحه حولها الشيخ على عبدالرازق وطه حسين وسلامة موسى ولويس عوض وغيرهم..

محمد عصمت كاتب صحفي