التعليم - محمد زهران - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعليم

نشر فى : الأحد 6 يناير 2019 - 2:35 ص | آخر تحديث : الأحد 6 يناير 2019 - 2:35 ص

 

سنة 2019 هي سنة التعليم في مصر كما أُعلن وقد رأى كاتب هذه السطور أن يبدأ مقالات هذه السنة بالكلام عن التعليم وحتى يكون كلامنا متصلاً فأحب أولاً أن ألفت نظر القارئ لعدة مقالات سابقة تكلمنا فيها عن العملية التعليمية من زوايا مختلفة.

 

في البداية تكلمنا في ثلاث مقالات عن العلمية التعليمية كمثلث يتكون من الإدارة والطالب والمدرس وناقشنا المشكلات والتحديات في كل منهم وحيث أن أغلب المشكلات بها عامل إقتصادي فقد ناقشنا في مقال آخر عن هل يجب أن تهدف الجامعات إلى الربح، ثم إتجهنا إلى الحياة الأكاديمية في الجامعة وألقينا بعض الأسئلة الصعبة على من يرغب في العمل بها علها تساعده على الإختيار وحتى يعرف إن كان فعلاً يحب التدريس ثم إتجهنا إلى نقطة مهمة نسمع عنها كثيراً في مواقع التوصل الاجتماعي والجرائد والمجلات وهي الجامعات وترتيبها وهذا جرنا إلى الحديث عن العلاقة بين التعليم والبحث العلمي وبعض الأسئلة الصعبة الإضافية، ثم وجهنا حديثنا إلى الخريجين في مقالين (هنا وهنا).

العملية التعليمية خاصة من السن الصغيرة وحتى البكالوريوس (الدراسات العليا لها حسابات أخرى) تعتمد على كتاب يدرس منه الطلبة وقد تكلمنا عمن هو المؤهل لكتابة كتاب للتدريس وهل من الأفضل تصميم الإمتحانات ذات الكتاب المفتوح وكيفية تصميم مادة للدراسة في الجامعة.

 عندما نتحدث عن المنظومة التعليمية لا يجب أن ننسى أنها تؤثر وتتأثر بالمنظومة المجتمعية لذلك تكلمنا عن مفهوم كليات القمة ومنظومة "خد شهادتك وبعدين إعمل اللي إنت عايزه" وهم الثانوية العامة.

 

بعد هذه الرحلة السريعة عن الموضوعات المتعلقة بالتعليم التي تحدثنا عنها جاء الوقت لنفكر قليلاً في كيفية تحسين العملية التعليمية، بقية المقال لا تتحدث عن حلول ولا تطرح أسئلة ولكنها تطرح بعض التوصيات أو نسمها تأملات من كاتب هذه السطور حول ما نتوقعه من أية استراتيجية أو حلول نتبناها للتقدم في العملية التعليمية... فلنبدأ

 

 أولاً لا يوجد حل سريع، إذا طبقنا خطة ما ونحن نتوقع أن نجد العملية التعليمية قد تحسنت وأصبحنا من الدول العظمى في التعليم في سنة مثلاً فنحن نخدع أنفسنا، نحتاج على الأقل من ثلاث لخمس سنوات كي نرى بعض التأثير الإيجابي ولا نستطيع إختصار هذه المدة لأن أية استرتيجية لتحسين التعليم لا تعتمد فقط على بناء المدارس والمعامل وشراء الأجهزة بل تعتمد على بناء المدرس نفسه وتغيير النظرة المجتمعية للتعليم ذاته وتغيير ما تعود عليه الطلاب وهذا لا يحدث بين عشية وضحاها.

 

ثانياً المدرس هو جزء أساسي من العملية التعليمية وبناء المدرس لا يكون فقط بزيادة مرتبه وإن كانت هذه نقطة محورية ولكن يلزم أيضاً بناء المدرس ففي الدول المتقدمة تعليمياً مثل سنغافورة يحصل المدرسون على مرتبات تعتبر من الأعلى في الدولة كلها وكلهم أكملوا دراساتهم العليا (ماجستير أو دكتوراه) ويتم تقييمهم بصرامة وإختيارهم بدقة لأنهم يبنون الجيل القادم، أما عندنا فإن خريجي كليات التربية مثلاً أغلبهم دخلها بسبب المجموع ويتخرجون كارهين لها فهل نأمل في يوم نجد فيه كليات التربية ضمن كليات القمة؟ وهل نأمل في يوم يكون التدريس مهنة يحبها من يمتهنها ويخلص لها؟ وهل نأمل في يوم يكون عندنا برامج لبناء وتطوير ومتابعة المدرسين، برامج حقيقية وليست شكلية؟

 

 

ثالثاً نوعية الإمتحانات تؤثر على كل المنظومة التعليمية، يجب أن نتخلص من الإمتحانات التي تعتمد على الحفظ لأننا في عصر إنتفت فيه الحاجة للحفظ، نريد إمتحانات تعتمد على الفهم والإبتكار بدون أن ينهار الطلاب ويغضب الأهل ويحس المدرسون أن دخلهم من الدروس الخصوصية في خطر!

 

رابعاً الأسرة جزء جوهري من العملية التعليمية لأن الآن كل الأسر لا تهتم إلا بالمجموع ليدخل إبنهم كلية قمة حتى يجد عملاً مرموقاً عند تخرجه، ماذا لو لم نعط الطالب درجة أو مجموع بل نعطه ترتيباً بين الطلاب الذين دخلوا الإمتحان؟ قد تحصل على 99% في الثانوية العامة في أيامنا هذه (للأسف) ولكن يكون ترتيبك متأخراً، الترتيب هو المهم وليس المجموع فإعطاء الترتيب يجعل الأهل لا يركزون على رقم المجموع ولكن على ترتيب إبنهم، الوظائف يجب أن تعتمد على المهارات المكتسبة وليس الشهادة أو الكلية أو المجموع إذا فالعملية التعليمية تحتاج علماء اجتماع وعلماء نفس للمساعدة في هذا التغيير المجتمعي.

 

خامساً كثيراً ما نجد من يطالب بنقل تجارب دول متقدمة مثل سنغافورة أو الدول الاسكندنافية في التعليم لمصر، لكن النقل "العمياني" لن ينجح بل يجب تمصير تجارب الدول الأخرى، هذا موضوع كبير يستلزم مقالا بذاته قد نناقشه في المستقبل.

 

أختم هذا المقال بمقولة أؤمن بها: التعليم أمن قومي.

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات