جبهة جديدة أم شريك سرى؟ أسباب صمت العراق عن الضربات الإسرائيلية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جبهة جديدة أم شريك سرى؟ أسباب صمت العراق عن الضربات الإسرائيلية

نشر فى : الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 12:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 12:00 ص

نشرت صحيفة هاآرتس مقالا للكاتب Zvi Bar'el تناول فيه الهجمات التى شنتها إسرائيل على قاعدتين فى العراق تابعتين لإيران.. ويبين أن هذه الهجمات قد تعتبر رسالة إلى العراق بأنه قد يتحول إلى ساحة صراع بين قوى دولية إذا استمرت علاقاته بإيران.
«صمت بغداد عن الغارات الإسرائيلية على الأراضى العراقية يثير الحيرة» كان هذا عنوانا لمقال الكاتب «على موسافى خالخالى» الذى نشر فى الصفحة الأولى على موقع إخبارى إيرانى. وشاركه فى دهشته ما يقرب من 80 عضوا بالبرلمان العراقى طالبوا بعدها الحكومة بإدانة الضربتين اللتين وجهتهما إسرائيل الشهر الماضى على قاعدة أميرلى فى محافظة صلاح الدين وعلى قاعدة أبو منتظر المحمومى فى ديالى (مخيم أشرف) أو حتى الرد على تلك الضربات.
هذا الحدث أثار بعض التساؤلات المحورية.. هل أصبح العراق جبهة إسرائيلية جديدة فى حربها ضد التهديد الإيرانى؟ أم أن العراق أصبح حليفا سريا حتى لو أنه لن تشارك فى الحرب ضد إيران أو وقف مساعى السياسات الخارجية لإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لمحاربة إيران على الأراضى العراقية؟
حتى لو لم يكن هناك إجابة واضحة، يقول دبلوماسيون أوروبيون إن المسئولين الإسرائيليين كانوا يعقدون اجتماعات سرية مع مسئولى الحكومة العراقية... وقد عقدت بعض هذه الاجتماعات فى إسرائيل.
كما استشهد الصحفى الإيرانى بزيارات العراقيين إلى إسرائيل والتى قامت بها نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2018؛ ولمياء آجى بشار، الحائزة على جائزة ساخاروف 2016؛ وكذلك من قبل ثلاثة وفود عراقية أخرى خلال العام الماضى، كدليل على أن العراق تحتفظ بعلاقات «طبيعية» مع إسرائيل.. إلى جانب زيارة مريم راجافى، زعيمة جماعة المعارضة الإيرانية «مجاهدى خلق»، إلى إسرائيل قبل وقوع الهجمات.
بعد أن هاجمت القوات العراقية والإيرانية مخيم أشرف، طردت الحكومة العراقية سكان المخيم فى عام 2016. ثم نقلت سيطرة القاعدة إلى الحرس الثورى الإيرانى. وتقول إسرائيل إن القاعدة تُستخدم الآن لتخزين الصواريخ الباليستية الإيرانية التى من الواضح أنها ستنقل إلى سوريا وحزب الله فى لبنان أو تستخدم لمهاجمة إسرائيل مباشرة من العراق.
تم فضح قصة زيارة مريم راجافى منذ ذلك الحين. وأصدرت صحيفة الدايلى بيست تقريرا حول هذه الزيارة استخدمت فيها معلومات من حساب القنصل العام الفرنسى فى القدس على تويتر، بيير كوشارد. لكن اتضح أن هذا الحساب لم يكن ملكا لـه، وكان يستخدم لدفع القصة الزائفة عن راجافى. إلى جانب ذلك، فى الصحافة الإيرانية والعربية، مثلت هذه الزيارة دليلا على التعاون بين جماعة مجاهدين الخلق وإسرائيل.. حيث تقوم هذه الجماعة بتقديم معلومات لإسرائيل حول الأحداث التى تقع فى القواعد الإيرانية فى العراق... وتثير هذه الزيارات تساؤلات أخرى وتجعل كل فاعل يخلق قصة حولها.
***
وتثير رحلة المقاتلات أسئلة أخرى... على سبيل المثال، من ساعد الطائرات المقاتلة، التى كانت ــ وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية ــ من طراز F ــ 35؟ فالمقاتلة Fــ 35 إذا كانت تعمل فى وضع متخفٍّ وبدون خزانات وقود خارجية لم تكن لتستطع الوصول إلى العراق من إسرائيل بدون التزود بالوقود فى الجو.
مسار الرحلة يخلق سؤالا آخر والذى من المفترض أنه عبر من خلال المجال الجوى السورى والعراقى. فكان ذلك من شأنه أن يعرض الطائرات للرادار الروسى والسورى إذا لم تكن فى وضع التخفى. لو كانت طائرات إسرائيلية، فمن الأرجح أنها لم تكن لتحلق عبر الأردن؛ فلن تسمح عمان بهذا أبدا، وستنتهك السيادة الأردنية وتزيد من توتر العلاقات بين البلدين. وهذا لن يترك خيارا آخر سوى الطيران فوق سوريا.
فى هذه الأثناء، أثارت الهجمات فى العراق مطالب بأن تشترى البلاد صواريخ مضادة للطائرات وأن تحسن أنظمة دفاعها الجوى التى عفا عليها الزمن منذ عقود. كما طالب أعضاء البرلمان العراقى بالسيطرة على أجزاء من مجاله الجوى الذى تشرف عليه الولايات المتحدة حاليا.
السؤال الأخير هو: ما الغرض من الهجوم؟ لا يوجد شىء جديد فى القواعد غير وجود صواريخ زلزال وفتح 110 الإيرانية، التى يتراوح مداها بين 200 و700 كيلومتر وهى قادرة على ضرب إسرائيل. فى أغسطس 2018، ذكرت رويترز أن إيران ظلت لعدة أشهر تنقل عشرات الصواريخ إلى العراق، كما استأنفت عملياتها فى مصانع الصواريخ فى الزعفرانية شرق بغداد، وجرف الصخر بالقرب من كربلاء. وكشف التقرير عن وجود محطة صواريخ ثالثة فى كردستان العراق. يعود تاريخ المصانع إلى أيام حكم صدام حسين، وتم إحياؤها فى عام 2016.
فى مايو 2019، قام وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بزيارة سريعة لبغداد ليطلب من رئيس الوزراء العراقى التوقف عن السماح لإيران بإحضار صواريخ إلى البلاد وإزالة الصواريخ الإيرانية الموجودة بالفعل هناك. ووفقا للعديد من التقارير، قدمت إسرائيل صور لبومبيو عن الصواريخ ومنصات الإطلاق، وقالت أنها ستتخذ إجراءات ضدهم إذا لم تقم العراق بإزالتهم.
***
فلماذا إذن امتنعت إسرائيل عن مهاجمة تلك الصواريخ حتى الآن؟ تعتقد إسرائيل أن ترامب منحها تفويضا للدفاع عن نفسها فى ديسمبر الماضى عندما قال بعد عودته من زيارة للقوات الأمريكية فى العراق أن «نعطى إسرائيل 4.5 مليار دولار سنويا، وأن الإسرائيليين يقومون بمجهودات رائعة فى الدفاع عن أنفسهم». كانت هذه الملاحظة ردا على الانتقادات بأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا يمكن أن يعرض أمن إسرائيل للخطر.
فى حين أن واشنطن لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تهاجم إيران، إلا أن الضربات على مخزون السلاح الإيرانى فى العراق لن يقلقها. لكن يبدو أنها طلبت من إسرائيل السماح لها بتجربة الضغط الدبلوماسى قبل اللجوء إلى العمل العسكرى. وطالبت أمريكا العراق بوقف عمليات الميليشيات الشيعية الموالية لإيران ووقف شراء الكهرباء من إيران. وبالرغم من تمديد ترامب فترة الإعفاء التى منحها للعراق بشأن امتثاله للعقوبات المفروضة على إيران حتى 15 سبتمبر، فقد طالب الحكومة العراقية بتحديد مصادر بديلة للغاز الطبيعى والكهرباء.
فى الأسبوع الماضى، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أربعة عراقيين ــ المحافظين السابقين لمحافظتى نينوى وصلاح الدين واثنين من قادة الميليشيات الشيعية ــ بسبب ما قاموا به من أعمال نيابة عن الحرس الثورى الإيرانى فى العراق. كما يعتزم الكونجرس إصدار تشريع يفرض عقوبات على أى شخص يهدد استقرار العراق. سيسمح القانون للإدارة الأمريكية بمعاقبة الشركات والأفراد داخل وخارج العراق الذين يسعون لخدمة الحكومة الإيرانية.
أعلنت الحكومة العراقية أنها ليست طرفا فى الحرب بين أمريكا وإيران. ولكن بالرغم من رفضها للعقوبات على إيران، إلا أنها امتثلت لها. وفى بداية يوليو، أمرت جميع أعضاء الميليشيات الشيعية بالانضمام إلى قوات الأمن العراقية بحلول 31 يوليو وذلك تنفيذا لقرار اتخذ فى عام 2016 بإخضاع الميليشيات للسيطرة العراقية الكاملة.
هذا الإجراء على الرغم من ترحيب واشنطن به لا يمكن تطبيقه من الناحية العملية. ستبقى المليشيات موالية لإيران، وإذا لزم الأمر، سوف يأخذون أوامرهم من طهران، حتى لو كان يعنى ذلك التعارض مع القيادة العراقية. كما أن الطلب بوقف شراء الكهرباء والغاز من إيران غير ممكن، لأن العراق الذى استثمر أكثر من 120 مليار دولار فى نظام الكهرباء الخاص به منذ عام 2003 يعانى من نقص مزمن فى الطاقة، خاصة فى المناطق الجنوبية، ويعتمد فى امتدادات الكهرباء على إيران، وخاصة فى البصرة، وأجزاء أخرى فى العراق.
فى وقت سابق من هذا العام، أثار نقص الكهرباء مظاهرات عنيفة فى مدينة البصرة. وإلى جانب الشعارات التى تندد بالحكومة العراقية، كان هناك عدد قليل من الشعارات التى تدين إيران. لكن أى شخص يهتم باستقرار الحكومة العراقية لا يمكن أن يتوقع من العراق أن تقوم بوقف امتدادات الطاقة من إيران، لأن هذا سيزيد من أعداد المظاهرات فى البلاد. ولقد اقترحت المملكة العربية السعودية بتوفير امتدادات الطاقة للعراق كبديل للطاقة الإيرانية. ولكن حتى يتم بناء خط طاقة موثوق منه بين البلدين، سيستمر اعتماد عراق على الطاقة الإيرانية.
وبصرف النظر عن الكهرباء والغاز، يستورد العراق معظم السلع الاستهلاكية من إيران أو تركيا. يبلغ إجمالى التجارة الثنائية مع إيران حاليا نحو 12 مليار دولار سنويا، والهدف زيادتها إلى 20 مليار دولار.
***
تستخدم السعودية قوتها الناعمة بشكل كبير فى العراق. أعلنت هذا الأسبوع أن البلدين وقعتا اتفاقية تعاون عسكرى، رغم أن التفاصيل ليست واضحة بعد. فى العام الماضى، وعدت المملكة العربية السعودية العراق بالتبرع بمليار دولار للمساعدة فى بناء مجمع رياضى وفتح أربع قنصليات فى العراق وإعادة فتح معبر بين البلدين تم إغلاقه منذ عام 1990.
لكن الدبلوماسية السعودية والأمريكية ستواجه صعوبة كبيرة فى فصل العراق عن إيران، ليس فقط لأن العراق تعتمد اقتصاديا على طهران.. بل أيضا بسبب إيمانهم الشيعى المشترك، الذى يغذى بنية تحتية ثقافية مشتركة، إلى جانب مخاوف العراق من هيمنة المملكة العربية السعودية السنية عليهم ومعاداة نسبة كبيرة من العراقيين للولايات المتحدة.. كلها أمور ستلزم الحكومة العراقية حتى لو كانوا لا يدعمون إيران بالضرورة لتقييم خطواتها تجاه الولايات المتحدة والسعودية بحذر شديد.
ينبغى على العراق أن يفهم الرسالة وراء الهجمات على مخزون الصواريخ.. إنه إن لم يوقف التغلغل الإيرانى العسكرى فقد تصبح أراضيه مسرحا لحرب دولية..

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

http://bit.ly/2GJMKfe

التعليقات