من يقرع الجرس وَلِمَنْ ؟؟ الخَيَارْات المفقودة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يقرع الجرس وَلِمَنْ ؟؟ الخَيَارْات المفقودة

نشر فى : الثلاثاء 6 ديسمبر 2016 - 10:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 ديسمبر 2016 - 10:06 م

نشر موقع كل الأردن مقالًا للكاتب «لبيب قمحاوى» يقول فيه إن «السياسة فى ترك السياسة» قول مأثور من حقبة الاحتلال العثمانى كثيرا ما تـَشَدﱠقَ به الأجداد لتبرئة ذمتهم مما يجرى من أحداث. وفى تلك الأزمان كانت الحياة أبسط وكان كل شىء له معناه المعروف المُحَدﱠدْ بما فى ذلك السياسة. ولكن ما نحن فيه الآن هو شىء مختلف والسياسة أصبحت تتعلق بكل شىء. ومن هنا أصبح التعبير الحر جزءًا من السياسة وأصبح الفكر الحر جزءًا من السياسة وأصبح الاقتصاد والمال والفنون والآداب والتعليم جزءًا من السياسة. وأصبح الفساد والفاسدون وحمايتهم أو إدانتهم جزءًا من السياسة أيضا، وأصبح بالتالى من المستحيل تطبيق القول القديم المأثور «السياسة فى ترك السياسة» لأن ذلك يعنى عمليا الانسحاب الكامل من الحياة العامة ومن كل ما من شأنه أن يزعج الحاكم أو أجهزته الأمنية. والحقيقة لم يعد شعار «السياسة فى ترك السياسة» خيارا بل أصبح أمرا مفروضا من قبل الحاكم وأجهزته الأمنية. وقد ترافق ذلك كـُلَّهُ مع وقوع الدولة العربية القطرية فى قبضة أنظمة حكم استبدادية وفاسدة أيضا. وابتدأ التمهيد لحقبة السقوط التى نعيشها الآن والتى تميزت بحالة متفاقمة من الانهيار العام للدولة الوطنية ومنظومة القيم التى تحكمها. واستفحل الفساد إلى الحد الذى أصبح فيه التعدى على المال العام أمرا يدور فى العَلـَنْ ويبعث على المباهاة والفَخَار بحكم أنه ضرب من ضروب الشطارة وليس جريمة تخالف القانون. وهكـذا قَلَبَتْ الأنظمة المستبـدة المقاييس وجعلت من الحق باطلا ومن الباطل حقا. وضمن هذا الإطار والنمط من التفكير وفى ظل هذه الأوضاع البائسة يتساءل المرء كيف يستطيع الحاكم الفاسد المستبد أن يَتَوَقَّع أن يُعامل باحترام إذا لم يحترم شعبه والبلد التى يحكمها؟.


يضيف قمحاوى أن التدهور العام والفساد والاقتتال والحروب الأهلية قد وضعت العالم العربى فى مسار إعادة التشكيل. ويستعين هنا بالأردن كمثال، مؤكدًا أن الأردن مرشح لإعادة الصياغة إذا ما استمر التدهور فى الوضع الاقتصادى والمعيشى ناهيك عن الوضع السياسى والحريات، وإذا ما وصل المواطن الأردنى إلى القناعة بأن لا أمل فى الأفق لتحسين الوضع والخروج من نفق البطالة والفقر والفساد وسياسة الجباية المرتبطة بالانصياع لتعليمات خارجية لا تُعير أى انتباه لآلام المواطن الأردنى ومتطلباته وآماله.


تعتبر المناطق الأكثر فقرا والأقل تنمية فى الأردن، وهى فى جنوب الأردن بشكل أساسى، مناطق نموذجية مثل مثيلاتها فى باقى الأقطار العربية كإطار حاضن لفلسفة ورؤيا التنظيمات الأصولية المتشددة مثل داعش والقاعدة والنصرة التى تُوَفِّر المتنفس لأُولئك المظلومين والمقهورين والغاضبين مما وضع الأمن الداخلى للبلد على المحك. ومن السهل التحكم بهذه القاعدة البشرية العريضة والسيطرة عليها إما بدافع الإيمان الأعمى أو الخوف من عدم إطاعة «أولى الأمر» كما يتطلب الدين. فالانصياع والطاعة العمياء ــ كما يقول الكاتب، هما سلاح ذو حدين. فكما يريد الحاكم ذلك النمط من الطاعة، كذلك يريد أعداءه ومعارضيه. وعندما يتم إلغاء دور العقل يصبح العنف هو سيد الموقف كونه الأقرب إلى الطبيعة الإنسانية والأسهل للاستعمال خصوصا إذا مـا رافقه الجهل. فاستعمال العقل الذى يؤدى إلى ضبط النفس وكبح جماح العواطف هو الأصعب ولكنه الأكثر فعالية.


كما أن التلاعب بقوت المواطن لأهداف سياسية تتعلق بأولويات النظام قد تساهم فى خلق الأرضية الخصبة لانتشار التطرف خصوصا إذا كان ذلك التلاعب مرتبطا بالفساد وبدون أى مردود على البلد والشعب.


من المنطقى الافتراض بأن أولويات أى نظام تتمثل فى البقاء والاستمرارية. وهذا يعنى إما انتهاج سياسات تؤدى إلى محاباة المواطنين بهدف خلق مزيد من التأييد والدعم فى أوساط الجماهير، أو إلى مزيد من القمع والاستبداد وبالتالى التأييد المبنى على الخوف والرعب. والخيار الثانى هو ما يميز الأنظمة الاستبدادية والقمعية فى حين أن الخيار الأول يواكب الأنظمة الديمقراطية.


العالم العربى يقع فى تصنيف الدول ذات الخيار الثانى وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة. وهذا التفاوت فى درجات القمع والاستبداد هو ما يميز الدول العربية عن بعضها البعض ويعكس نفسه فى المدى الذى يمكن أن يصل إليه عنف النظام داخل المجتمع الذى يحكمه.


يختتم قمحاوى بأنه فى النهاية تقاس الأمور بنتائجها، وما نحن مقبلون عليه لا يبعث على الاطمئنان خصوصا إذا فـَقـَدَ الحاكم أى حساسية تجاه شعبه ووطنه واعتبر أن الجميع فى خدمته وخدمة نزواته. والشعب فى مثل هذه الحالة يسعى إلى رفع الظلم بكل الوسائل الممكنة. ولكن الخطر يكون أكبر ما يكون عندما يفقد الحاكم احترامه لدى الآخرين ويفقد الحكم هيبته ويحتقر الناس السلطة ورموزها ويصبحون فى حـِلٍ من الوضع القائم باعتباره لا يمثلهم ولا يمثل آمالهم وطموحاتهم ولا يوفر لهم الأمن المادى والنفسى والمستقبلى الذى يجعلهم فى العادة يرضون بنزوات الحاكم ولو على مضض.

 

كل الأردن ــ الأردن

لبيب قمحاوى

التعليقات