سؤال كل أكتوبر: هل انتصرنا فعلا؟ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 4:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سؤال كل أكتوبر: هل انتصرنا فعلا؟

نشر فى : السبت 8 أكتوبر 2016 - 8:05 م | آخر تحديث : السبت 8 أكتوبر 2016 - 8:05 م
حديث جديد قديم. يتجدد فى شهر أكتوبر من كل عام، ليس بسبب الكشف عن وثائق أو معلومات كانت غائبة، وإنما نتيجة لإعادة قراءة المعطيات والظروف. حديث جديد قديم ينتهى دائما بسؤال: هل انتصرنا بالفعل فى أكتوبر 73؟

المعلوم هو أننا كشعب ربطنا الأحزمة وعشنا سنوات من التقشف لتوفير احتياجات قواتنا المسلحة، ودفعنا بخيرة المتعلمين من شبابنا بين صفوفها فى الأعوام التالية على الهزيمة، ثم رسمنا خطة ذكية ومبهرة حققت عبورا تاريخيا للقناة، وشرذمت قوات الأعداء، ودمرت حصونهم، وأسقطت طائراتهم، وسحقت دباباتهم، وتوغلت فى الأراضى التى نهبوها فى عام سبعة وستين.

الثابت أيضا أن عدونا تمكن من اختراق قواتنا من خلال ثغرة الدفرسوار وتطويق الجيش الثالث الميدانى والزحف نحو السويس والاسماعيلية. ثم انتهى الأمر بوقف لإطلاق النار، تبعه مفاوضات انتهت بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك فى العام التالى.

ولكن المؤكد هو أن حرب أكتوبر مهدت لاتفاق سلام بعد عام من زيارة السادات للقدس، وانتهت بعودة الملاحة إلى قناة السويس، وباستعادة شبة جزيرة سيناء بكاملها للسيادة المصرية.

حسابات النصر والهزيمة لا يحسمها عدد من خسرتهم الجيوش من أفراد ولا ما دمر من عتاد ولا ما احتل من مساحات الأرض فحسب. ولا شك فى أن حرب أكتوبر عدلت موازين القوى، وأخرجت إسرائيل من الحرب خائفة، مرتعدة، بعد أن تحطمت أكذوبة خط بارليف الحصين، وأسطورة الجيش الذى لا يقهر. ولكن هل يكفى أن تهزم خصمك لتقول إنك انتصرت؟

يعتبر هذا واحدا من مجموعة من الأسئلة المشروعة التى يحق لنا أن نطرحها بعد أربعة عقود من هذه الملحمة، التى ضحى فيها الشعب بقوت يومه على مدى أعوام، وبآلاف الشهداء من خيرة شبابه لاستعادة أرضه.

مهدت الحرب لاتفاقية السلام ولعودة سيناء بكاملها إلى مصر، فماذا فعلنا بها؟ وماذا أنجزنا لأهلها؟ كيف استثمرنا ثروتها الطبيعية؟ وماذا فعلنا ببيئتها الفريدة؟ إلى أى حد قمنا بتنميتها؟ وهل يمكن لنا أن نعترف بأن مساحات واسعة من الأرض التى حاربنا لتحريرها من أيدى الإسرائيليين منذ أكثر من أربعين عاما أصبحت تحت سيطرة الإرهاب؟ وأن مئات العائلات هجرت، فيما يعيش الآلاف تحت وطأة تدابير أمنية مشددة يعانى الأهل منها ربما أكثر مما يعانى الإرهابيون؟ هل يمكن أن نسأل عن تيران وصنافير؟

يحق لنا أيضا أن نتساءل بعد كل هذه الأعوام عن الرخاء الذى وعد به الشعب بعد توقيع اتفاقية السلام. انتهت فكرة المجهود الحربى واستعدنا قناة السويس التى تدفقت مواردها على الخزانة العامة، وانتظرت مصر تحقيق وعود الزعماء المتتابعين حملها إلى بر الأمان لتصبح «قد الدنيا». فأين نحن الآن؟ وإلى أى درجة تحقق الرخاء؟

أما عن الشباب فحدث ولا حرج. لم تعد هناك ضرورة لأن يقضى حملة المؤهلات العليا أعواما وأعواما على جبهات القتال. ابحث عنهم اليوم بين جيوش «الديلفرى»، وفى الطوابير الممتدة أمام السفارات بحثا عن فرصة عمل أو هجرة، وبين جثث قارب رشيد وضحايا سماسرة الهجرة «غير الشرعية». اسأل عنهم خلف جدران السجون التى بنى أكثرها فى السنوات التالية على ثورة الخامس والعشرين من يناير والتى تتراوح تقديرات المحتجزين السياسيين فيها بين أربعين ألفا وستين ألفا.

باختصار: أين نحن الآن؟ وماذا فعلنا بانتصار أكتوبر 73؟ ولماذا كانت المعركة؟

معركتنا الحقيقية كانت دائما معركة علم وتخطيط. وأعداؤنا الحقيقيون هم الديكتاتورية والقمع والجهل والفساد. وأهدافنا المشروعة هى الديمقراطية والحرية والتعليم والصحة والكرامة. كل هذا سيتحقق عندما توجد إرادة النصر.. الحقيقى.
التعليقات