احترس ..القضاة يعودون إلى الخلف! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احترس ..القضاة يعودون إلى الخلف!

نشر فى : الأربعاء 10 مارس 2010 - 11:02 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 مارس 2010 - 11:02 ص

 مع كل التقدير للسادة المستشارين أعضاء مجلس الدولة، فإن قرارهم ــ شديد الرجعية ــ بشأن عدم الموافقة على تعيين المرأة قاضية، ليس محصنا ضد النقد.

عندما يصدرون هم أو غيرهم من رجال القضاء والنيابة أى قرارات أو أحكام فإننا ننحنى لها احتراما حتى لو لم نوافق عليها، لكن عندما يتخذون موقفا سياسيا أو اجتماعيا يحتمل الصواب والخطأ، فهم مثلهم مثل أى فئة أخرى فى المجتمع يمكن مناقشة قرارهم، خصوصا إذا كان هذا الموقف سوف تتبعه تداعيات كثيرة.

السادة أعضاء مجلس الدولة ومنذ تفجر الأزمة وغالبيتهم يهربون من مناقشة جوهر الموضوع، ويصبون جام غضبهم على الإعلاميين والصحفيين، ويتوعدونهم بالمطاردة فى ساحات المحاكم وإنزال أشد العقاب بهم.

ومن سوء الحظ أن غالبية السادة الذين صوتوا فى الجمعية العمومية لمجلس الدولة برفض تعيين المرأة قاضية لم ينظروا تحت أقدامهم، ونسوا أن موقفهم ربما يكون فارقا بين مرحلتين، ويدخل التاريخ من أسوأ أبوابه.

غالبيتهم وهم يتخذون القرار ربما نسوا ما يمثلونه من قيمة اعتبارية فى المجتمع. كثير من الناس ينظرون إلى القضاة نظرة تقدير وإجلال، البسطاء يعتبرونهم الرمز، غالبية أولياء الأمور يتمنون أن يكون أبناؤهم وكلاء نيابة ثم قضاة، كى يحملوا لقب المستشار، يعتبرونهم سدنة العدل والعلم.

المواطن البسيط ينظر للضابط باعتباره ممثلا للسلطة بكل ما تمثله من شدة وحسم وأحيانا قهر وغالبا خوف، لكن نظرته للقاضى يغلب عليها الاحترام والتبجيل. إذن ماذا نتوقع من أفراد المجتمع العاديين عندما يرون القضاة يتخذون هذا الموقف شديد الرجعية من المرأة؟ أبسط ما يفعلونه هو أن يقلدوهم، ويعتبروا موقفهم نتاجا لمعرفة وعلم وأقرب إلى الحكم القضائى الذى بات غير قابل للطعن والاستئناف وينبغى القبول به، خصوصا إذا كان هذا المجتمع يتجه بخطى سريعة للخلف نحو مزيد من الرجعية فى نظرته للمرأة ودورها ومكانتها.

من حق أعضاء مجلس الدولة أن يتمسكوا ــ كما يشاءون ــ بقرار جمعيتهم العمومية، وعلينا أن نتفهم دفاعهم المستميت عن موقفهم ــ طالما احتكمنا جميعا للعملية الديمقراطية ــ، ليس من حقهم أن يمنعوا الآخرين من مناقشة الأمر، خصوصا إذا كان هذا الأمر جللا ويرتب أوضاعا شديدة الخطورة فى المستقبل. وبالمناسبة ليس كل قرار ديمقراطى هو قرار صحيح بالضرورة.

فأحد القضاة على سبيل المثال، كاد يدمر ناديا عريقا، بعد أن وصل لقمته عبر صناديق الانتخابات، ثم إن هتلر نفسه دمر ألمانيا وتسبب فى كارثة عالمية رغم أنه وصل إلى الحكم عبر صناديق الانتخاب الحر الديمقراطى.

ويا أيها القضاة المبجلون، راجعوا أنفسكم قبل أن يحكم عليكم التاريخ بقسوة، أو تضطروا إلى التراجع عن القرار بوسائل لايزال منها فى جعبة الحاوى الكثير.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي