وزير خارجية إسرائيل يُظهر القليل من ضبط النفس الدبلوماسى - مواقع عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزير خارجية إسرائيل يُظهر القليل من ضبط النفس الدبلوماسى

نشر فى : الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 7:20 م
نشر موقع AlــMonitor مقالا للكاتبة مازال معلم، تقول فيه إن وزير الخارجية الإسرائيلى، يائير لابيد، لا يتوقف عن الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل، مما ينم عن عدم استخدامه اللغة الدبلوماسية المناسبة. مضيفة أنه بالنظر إلى أسلوب لابيد الحالى، ينبغى التفكير فيما إذا كان جاهزا لشغل منصب رئيس الوزراء بالتناوب مع بينيت فى أقل من عامين... نعرض منه ما يلى.

فى مؤتمر صحفى للمراسلين الأجانب فى الأول من سبتمبر الجارى، فاجأ وزير الخارجية الإسرائيلى يائير لابيد الجميع بانتقاده الصريح لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان قائلا: «أعتقد أن العالم كله كان قلقًا، وفى المقام الأول الأمريكيون أنفسهم بشأن الطريقة التى تم بها الانسحاب. لم يحدث بالطريقة التى كان من المفترض أن يحدث بها. ربما كان القرار الصحيح لكن لم يتم تنفيذه بالطريقة الصحيحة». كان ذلك بعد يوم واحد فقط من مغادرة آخر جندى أمريكى لتلك الدولة.
يائير لابيد يشغل منصب رئيس الوزراء المناوب، وسيحل محل بينيت فى أقل من عامين، أى أن أى تعليقات يدلى بها تحظى باهتمام كبير. وهذا يثير السؤال: ما هى القيمة السياسية التى تنبع من وراء الانتقاد لأقرب صديق وحليف لإسرائيل؟
على أى حال، لم يكن هذا هو انتقاد لابيد الوحيد للولايات المتحدة. فهو تحدث أيضا عن نية إدارة بايدن إعادة فتح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية، بعد إغلاقها من قبل إدارة ترامب قائلا: «نعتقد أنها فكرة سيئة وقد أخبرنا أمريكا أننا نعتقد أنها فكرة سيئة». وأضاف: «القنصلية موجودة منذ 130 عامًا وإعادة فتحها بعد إغلاقها يبعث رسالة خاطئة، ومثل هذه الخطوة يمكن أن تزعزع استقرار الحكومة الهشة بالفعل».
لكن فى حين أن الولايات المتحدة لم ترد علنًا على هذه التصريحات، قال دبلوماسى إسرائيلى رفيع رفض الكشف عن هويته: «الأمريكيون بالتأكيد لم يعجبهم هذا الانتقاد. أنا شخصيا لا أفهم الفائدة من ورائه، خاصة أنه جاء ضد حكومة صديقة. لا أحد يهتم الآن، لكن الأمريكيين يتذكرون كل شيء».
ومع ذلك، وفى السادس من سبتمبر الجارى، تحدث لابيد عبر الهاتف مع وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكين، فيما بدا أنه محاولة للتراجع عن الانتقادات التى أعرب عنها فى وقت سابق بشأن الانسحاب من أفغانستان. وقال بيان صادر عن مكتب لابيد: «أعرب الوزير عن تقديره العميق للجهود الأمريكية فى أفغانستان، خاصة فيما يتعلق بعملية الإجلاء غير العادية».
***
منذ التحاقه بمنصب وزير الخارجية قبل أقل من ثلاثة أشهر، أثبت لابيد أنه وزير نشط بشكل خاص. يريد أن يبتكر أجندته الخاصة التى تجمع بين رؤيته الليبرالية التقدمية والقومية الإسرائيلية والوطنية. المشكلة هى أنه لا يستخدم دائمًا اللغة الدبلوماسية المناسبة، وهذا قد يشير إلى نقص الخبرة.
أوضح مثال على ذلك هو الأزمة الخطيرة فى العلاقات بين إسرائيل وبولندا. ففى عهد نتنياهو، كانت بولندا تعتبر من أقرب أصدقاء إسرائيل وحليف مهم فى المنظمات والمؤسسات الدولية.
كانت خلفية الأزمة الحالية هى موافقة البرلمان البولندى على قانون من شأنه أن يجعل من الصعب على الناجين من الهولوكوست رفع دعوى للحصول على تعويض عن الممتلكات التى كانوا يمتلكونها قبل الحرب العالمية الثانية وصادرها النظام النازى. وفى 14 أغسطس الماضى، أقر الرئيس البولندى أندريه دودا هذا القانون الجديد بالرغم من احتجاجات إسرائيل والولايات المتحدة.
جاء رد فعل لابيد بشكل حاد، وطالب القائم بالأعمال فى السفارة الإسرائيلية فى بولندا بالعودة إلى القدس على الفور للتشاور. كما صدرت تعليمات للسفير الإسرائيلى الجديد، يعقوب ليفنى، الذى كان من المقرر أن يغادر إلى بولندا، بالبقاء فى إسرائيل فى الوقت الحالى. كانت تعليقات لابيد صريحة بشكل غير عادى قائلا: «بولندا، وليست للمرة الأولى، أصدرت قانونًا معاديًا للسامية وغير أخلاقى».
وتابع لابيد أن وزارة الخارجية فى القدس ستوصى السفير البولندى بإطالة إجازته ــ التى يقضيها فى بولندا ــ وعدم العودة إلى إسرائيل فى هذه المرحلة مصرحا: «اليوم، تحولت بولندا إلى دولة معادية للديمقراطية وغير ليبرالية لا تحترم أعظم مأساة فى تاريخ البشرية. يجب ألا نظل صامتين. إن إسرائيل والشعب اليهودى لن يصمتوا بالتأكيد».
لكن الفارق بين المثالين (انتقاد لابيد للولايات المتحدة، وانتقاده لبولندا)، هو أن بولندا رفضت الانسحاب أو الصمت تجاه تصريحات يائير لابيد. ورد رئيس الوزراء البولندى ماتيوز مورافيكى بهجوم من جانبه، متهمًا وزير الخارجية الإسرائيلى بالتصرف بشكل غير مسئول لمصالح حزبية صرفة. وقال مورافيكى: «إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية فى مهاجمة بولندا بهذه الطريقة، فسيكون لذلك تأثير سلبى للغاية على علاقاتنا، سواء على المستوى الثنائى أو الدولى».
لا أحد فى إسرائيل تقريبًا يعترض على حقيقة أن احتجاج لابيد كان مبررًا أخلاقيا ووطنيا. العديد من الشعب الإسرائيلى تعاملوا معها وتفهموها. السؤال هو ما إذا كان من الذكاء دبلوماسيا التصرف بهذه الطريقة. وبصفته نائب السفير الإسرائيلى السابق فى بولندا، اعتقد عامى ماهيل أن لابيد ارتكب خطأ، وأكد أن «دور الدبلوماسية هو الانخراط فى الحوار وبناء الجسور وحل المشاكل».
حتى الآن، لا تزال الأزمة بين إسرائيل وبولندا تتأرجح دون حل. وأشارت بولندا بالفعل إلى أنه ليس لديها خطط للتراجع عن موقفها.
***
هناك أيضا تورط لابيد الغريب فى نزاع بين المغرب والجزائر. ففى 24 أغسطس الماضى، أعلنت الجزائر أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ردا على «النشاط العدائى» للأخيرة. وفى المؤتمر الصحفى الذى أُعلن فيه القرار، أشار وزير الخارجية الجزائرى رمطان لعمامرة، من بين أمور أخرى، إلى زيارة لابيد للمغرب كأحد أسباب ذلك. وبحسبه، أدلى وزير الخارجية الإسرائيلى بتصريحات مناهضة للجزائر خلال زيارته لدولة المغرب.
كان وزير الخارجية الجزائرى يشير إلى تصريحات لابيد خلال تدشين المكاتب الدبلوماسية الإسرائيلية الجديدة فى الرباط، فى إطار زيارته التاريخية للمغرب. وقال لابيد فى ذلك الوقت إنه أعرب فى محادثاته مع وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة عن مخاوفه من دور الجزائر فى المنطقة خاصة مع اقترابها من إيران. وزعم العمامرة أن «المغرب حول أراضيه إلى منبر يسمح للقوى الأجنبية بالتحدث بعداء عن الجزائر». مضيفا: «منذ عام 1948، لم يقم أى مسئول إسرائيلى بإعلان معاد لدولة عربية من دولة عربية أخرى».
فى الحقيقة، كانت العلاقات بين المغرب والجزائر متوترة منذ عقود بسبب الخلاف الإقليمى فى الصحراء الغربية ولا علاقة لإسرائيل بذلك. لكن الجزائر تعتبر أيضًا دولة موالية لإيران، لذا فإن تصريحات لابيد تتماشى مع مصالح إسرائيل. لكن يبقى السؤال هو ما إذا كان هذا هو المنتدى المناسب لإثارة هذه القضية!.
***
خلاصة القول، إذا نظرنا إلى الوراء فى الأشهر القليلة الماضية التى أمضاها لابيد فى وزارة الخارجية، سنجد، من ناحية، أنه يأخذ وظيفته على محمل الجد؛ يجتمع بشكل متكرر مع نظرائه فى جميع أنحاء العالم، ويعزز علاقة جيدة مع أنتونى بلينكن. لكن من ناحية أخرى، يُظهر لابيد أحيانًا القليل من ضبط النفس الدبلوماسى، عندما يتعلق الأمر بانتقاد السياسة الخارجية الأمريكية حتى فى أوقات الأزمات.
أخيرا، بينما يستعد لابيد لدخول مكتب رئيس الوزراء، أثبت أنه وزير خارجية ذو عقلية مستقلة، وواثق من قدراته ومهتم بتعزيز سمعته كرجل دولة. وبالنظر إلى أسلوبه حتى الآن، يجدر التفكير فيما إذا كان جاهزًا حقًا لتولى منصب رئيس الوزراء بالتناوب مع بينيت فى أقل من عامين أم لا.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات