بالأمس كتبت فى هذا المكان عن أن التحدى الأكبر الذى يواجه وزير الأوقاف الجديد الدكتور أسامة الأزهرى هو كيفية النهوض بالدعاة والأئمة وخطباء المساجد حتى يتمكنوا من تطوير الخطاب الدينى عمليا.
هذا الموضوع هو جوهر السؤال الذى وجهته لوزير الأوقاف عن كيف سيتعامل مع الدعاة والأئمة والخطباء فى ظل جميع التحديات التى نعرفها جميعا، خصوصا الأوضاع الاقتصادية وقوى التطرف والإرهاب التى لا تتوقف عن استهداف غالبية المصريين ومنهم الدعاة.
سألت الوزير أيضا عن كيفية إعداد الدعاة للتعامل مع عصر وتحديات السوشيال ميديا.
بالأمس شرحت وجهة نظرى من خلال استماعى لمئات من خطباء الجمعة وعشرات من شيوخ الفضائيات والسوشيال ميديا.
واليوم أعرض رؤية وزير الأوقاف ورده على هذا السؤال..
د. الأزهرى يرى أنه لا يوجد خطاب دينى بعيد عن السوشيال ميديا، ولن ننجح إلا إذا تم اختراق حواجز وسائل التواصل الاجتماعى، لأنها صارت الميدان الحقيقى لكل ما نتكلم عنه اليوم.
ورغم فوائدها الكثيرة فإن التهديد الحقيقى لوعى الإنسان المصرى موجود فى هذه الوسائل.
على سبيل المثال فإن التنظيمات المتربصة والمتطرفة غير موجودة فى الواقع، ولكنها موجودة على هذه الوسائل. الأزهرى يقول إنه اجتمع مع وزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت لإطلاق منصة تتضمن المحاور الأساسية لعمل وزارة الأوقاف، على أن يشمل ذلك خطابا إلكترونيا شديد الجاذبية والذكاء، حتى لو كان ذلك عبر الألعاب الموجهة للأطفال، خصوصا أن إحدى وسائل داعش والتنظيمات المتطرفة كانت بالتسلل إلى الشباب عبر الألعاب المختلفة، وهذه المنصة سيتم إطلاقها خلال شهور، ولن يكون الإطلاق بغرض التواجد فقط ولكن بالتأثير والوصول للناس.
فى تقدير وزير الأوقاف فإن معيار التجديد الدينى هو قدرة الخطاب على ملاحقة أسئلة العصر، وتقديم الإجابات الصحيحة والصادقة على كل ما يجول فى خواطر الناس خصوصا الشباب، وبالتالى فلو قدمنا للناس إجابات مستنيرة ومقنعة واشتبكنا مع أسئلة العصر فسوف ننجح.
من الأفكار التى تحدث عنها الوزير أيضا أنه سيتم إطلاق حملة «خلق عظيم» بالتعاون مع وزير الثقافة أحمد هنو، وتتضمن ندوات مستمرة فى المساجد ومراكز الشباب وقصور الثقافة وتستهدف الشباب بالأساس.
وسيكون هناك تواصل مستمر مع المصريين بالخارج، خصوصا أن الوزير زار العديد من الدول ولديه علاقات متعددة يمكن أن تفيد فى هذا الموضوع.
الفكرة الأساسية التى طرحها وزير الأوقاف فى الحوار فيما يتعلق بالدعاة والأئمة أنه منذ تولى منصبه فإنه يجتمع كل يوم سبت بمجموعة من الدعاة والأئمة والخطباء عبارة عن شخص من كل محافظة، ويجلس معهم من الصباح الباكر، حتى صلاة العشاء، يتناقشون فى كل الموضوعات ويستمع إليهم ويحاورهم، وفى السبت التالى يلتقى بمجموعة أخرى وهكذا، وخلال اللقاء يعطيهم الوزير كتبا محددة لقراءتها والنقاش فيها، كما أنه من خلال هذا اللقاء يستطيع أن يكتشف مواهب خطابية وأدبية كثيرة فى هؤلاء الأئمة وبالتالى تنميتها واستغلالها فى العمل الدعوى.
حينما انتهى اللقاء قلت للوزير: ما رأيكم أن يكون لقاء السبت خاصا بمحافظة واحدة كل مرة حتى يمكن أن يكون التركيز أكبر بدلا من شخص من كل محافظة، اقتراحى هدفه أن ينصب اللقاء على هذه المحافظة فقط والتحديات التى تواجه الأئمة فيها، وبالتالى يسهل حل المشاكل ورؤية الثغرات ومعالجتها والاستفادة من الإمكانيات الكامنة لدى كل شخص.
ظنى الشخصى بعد أن استمعت لكلام الوزير أن تأهيل وتدريب الدعاة والخطباء، خصوصا الشباب منهم سيظل التحدى الأكبر أمام الوزير الجديد، وللأسف فإن ذلك لن يتم بين يوم وليلة، بل سوف يحتاج إلى وقت حتى يؤتى أُكله.
طبعا من المهم أن يتم التأكد أمنيا من عدم حدوث اختراق من الجماعات المتطرفة للدعاة والخطباء، لكن من المهم أيضا أن نختار أفضل الدعاة والخطباء والأئمة، وأن يكونوا مطلعين على صحيح الدين أولا، وبجوار ذلك أن يكون الداعية مطلعا على أحدث علوم العصر قدر الإمكان وملما بما يحدث فى وسائل التواصل الاجتماعى حتى يجيب فعلا عن كل ما يجول فى عقول الشباب وبقية الناس كما يقول الدكتور أسامة الأزهرى.
كل التمنيات الطيبة بالتوفيق للدكتور أسامة الأزهرى فى مهمته الصعبة جدا.