الكلاب والقطط هى الحل! - فهمي هويدي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكلاب والقطط هى الحل!

نشر فى : الأحد 14 فبراير 2010 - 9:45 ص | آخر تحديث : الأحد 14 فبراير 2010 - 9:45 ص

 أصدر مجلس الشيوخ الفرنسى قانونا يقضى بدفع 49 يورو يوميا «نحو 400 جنيه مصرى» لكل من يرعى عجوزا فى أيامه الأخيرة، على ألا تزيد مدة الإجازة التى يقضيها لقيامه بهذه المهمة على ثلاثة أسابيع.

نسب القانون إلى اسم مقدمه جان ليونيتى عضو الشيوخ الذى رأس لجنة لبحث حقوق المرضى وهم فى نهاية الحياة، ولذلك سمى «قانون ليونيتى»، وكانت الفكرة الأساسية فيه أنه بعد انفراط عقد الأسرة، فإن أغلب الذين يتقدم بهم العمر أصبحوا يعانون من وحدة قاتلة، بعد انفضاض الأولاد والبنات والأهل والأصدقاء من حولهم، وهو ما يحيل حياتهم جحيما فى آخر سنوات عمرهم، ولذلك ينبغى أن تخصص حوافز لرعايتهم فى هذه المرحلة تخفف من شعورهم بالمذلة والهوان.

المشكلة ليست مقصورة على فرنسا، لأن انفراط عقد الأسرة ــ إضافة إلى تغير مفهومها ــ أصبح من السمات البارزة للمجتمعات الغربية، وهو ما يدفع حكوماتها إلى اتخاذ إجراءات متعددة لرعاية كبار السن وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم، من ذلك أن السلطات فى إقليم سالزيورج النمساوى ناشدت المواطنين أن يتواصلوا ويتراحموا فيما بينهم بحيث يوجهون بعض الاهتمام إلى جيرانهم، وليس أنفسهم فحسب.

وقد لجأت إلى تلك المناشدة بعد أن تكررت حالات وفاة أشخاص لا يكتشف أمرهم إلا بعد فترة من الزمن، بسبب الوحدة والعزلة التى يعيشون فى ظلها، فلا أهل يسألون عنهم ولا جيران يتواصلون معهم أو يبادلونهم الود.

فى أستراليا حاول أحدهم حل مشكلة الوحدة التى يعانى منها الكثيرون بوسيلة أخرى، إذ خصص موقعا لبيع الأصدقاء على «فيس بوك»، وأطلق عليه اسم يوسوشيال دوت نت. وعرض على من يريد أن يبيع له رزمة تضم ألف صديق يتواصل معهم مقابل 177 دولارا، وإذا أراد المشترى أن يوسع من نطاق معارفه ويتواصل مع خمسة آلاف صديق، فعليه أن يدفع 645 دولارا.

هذه كلها حلول محدودة الآثر لمشكلة الوحدة التى يعانى منها الكثيرون فى المجتمعات الغربية، أما الحل الأكثر شيوعا فيتمثل فى اقتناء الحيوانات الأليفة، باعتبارها الكائنات الوحيدة المضمون بقاؤها فى البيت طوال الوقت إلى جوار من يرعاها. ومن الأرقام التى تذكر فى هذا الصدد أن عدد الحيوانات المنزلية فى بلد مثل بلجيكا يزيد على عدد السكان، إذ وصل عددها إلى 11 مليون حيوان فى حين أن عدد السكان لا يتجاوز عشرة ملايين شخص. وتتكلف الوجبات التى تقدم لتلك الحيوانات ما يقرب من 40 مليون دولار فى العام.

وقد تفوق الأمريكيون على البلجيكيين، حيث تقدر قيمة ما ينفقونه سنويا على حيواناتهم المنزلية بنحو 25 بليون دولار، منها عشرة ملايين دولار تقريبا لتغطية نفقات العلاج والطعام.

فى هذه الأجواء التى تعتبر الحيوان الأليف هو الرفيق الوحيد فى نهاية المطاف، لم يكن غريبا أن تطلب عجوز كرواتية أن يدفن ببغاؤها الراحل إلى جوارها، لأنه ظل الأنيس والجليس الوحيد لها لأكثر من 12 سنة، الخبر نشر قبل أيام، وخلاصته أن شركة كرواتية متخصصة فى دفن الموتى أعلنت أنها التزمت بتنفيذ عقد أبرمته معها ثرية مسنة «81 سنة» كان ببغاؤها قد فارق الحياة قبل أيام من وفاتها، فطلبت تحنيطه مقابل مبلغ كبير من المال، وأمرت محاميها بأن يضمن وصيتها بندا ينص على دفن الببغاء الوفى إلى جوارها. والتزمت الشركة بتنفيذ البند حين ماتت السيدة بعد أسابيع معدودة، ويبدو أن هذه الفكرة ليست مبتدعة تماما لأن صحيفة «ستاندارد» البلجيكية نشرت أن السلطات الحكومية فى مقاطعة لييج طلبت تخصيص أماكن لدفن البشر فى مقابر مشتركة مع حيواناتهم استجابة لرغبات كثيرين ممن أرادوا دفن كلابهم وقططهم إلى جوارهم تقديرا لوفائهم، لقد حلوا الكثير من مشكلات التقدم لكن مشكلة الإنسان ازدادت تعقيدا.

فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.