قفزة فى الهواء - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قفزة فى الهواء

نشر فى : الثلاثاء 15 نوفمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 نوفمبر 2011 - 9:00 ص

لأسباب عديدة، لم يستطع المجلس العسكرى تنفيذ وعوده عقب ثورة 25 يناير، بتسليم السلطة إلى المدنيين خلال 5 أو 6 أشهر على أقصى تقدير، كما أعلنت قياداته فى الأيام الأولى للثورة، ومع ذلك فإن قيادات المجلس لم توضح للرأى العام حتى الآن أسباب عدم تنفيذ هذه الوعود، ولماذا تركوا الأوضاع تتفاقم لدرجة أن قطاعات كبيرة من القوى السياسية تستعد لتنظيم مليونية يوم الجمعة المقبل للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين قبل شهر أبريل المقبل، وهى تهدد بالمزيد من الخطوات التصعيدية.

 

غير أن المجلس العسكرى لا يتحمل وحده أسباب عدم نقل السلطة للمدنيين، فالكثير من القوى الحزبية والسياسية خاصة التيارات التى ترفع شعارات دينية، على رأسها الإخوان المسلمون، شاركت بنصيب وافر فى تفاقم الأوضاع البائسة التى نعيشها الآن، باختيارها الكارثى إجراء الانتخابات أولا قبل وضع الدستور، وتوظيف الدين فى هذه المعركة السياسية لدغدغة مشاعر الناخبين، حيث تصورت أجنحة إخوانية عديدة انها بإجراء الانتخابات أولا، ستتمكن من السيطرة على مجلس الشعب، واحتكار النسبة الأكبر من أعضاء لجنة إعداد الدستور، بما يسمح لها باختطاف ثورة يناير لصالح أجندتها الخاصة، وإقصاء كل التيارات الليبرالية واليسارية عن المشاركة فى وضع الدستور، ومنعها من إقامة نظام سياسى يستوعب كل الاتجاهات فى الدولة الجديدة.

 

وقد أكدت كوارث الشهور الماضية، ضرورة أن يعيد الإخوان ومن لف لفهم، النظر فى شعاراتهم ومناوراتهم السياسية، وأن يدركوا أن نجاحهم فى ربح جولة الانتخابات أولا عطل تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وأصاب مصر كلها بخسائر فادحة فى معركة الديمقراطية، وأن عليهم تأجيل مشروعهم التاريخى لبناء دولة الإخوان فى مصر لعدة سنوات، وأن يشاركوا الآن فى بناء دولة ديمقراطية توحد ولا تفرق، نرسى بها ثقافة الاختلاف وأدب الحوار اللذين أهدرت قيمهما ثورة يوليو.

 

والمؤكد أن مليونية الجمعة المقبلة سوف تكون قفزة فى الهواء، ما لم يتفق المشاركون فيها على آلية تسليم السلطة للمدنيين، وبناء دولة ديمقراطية ــ لا دولة للإخوان ــ تستوعب كل التيارات السياسية والفكرية، والمطالبة بحكومة انتقالية تمتلك كل الصلاحيات، وتشرف على إجراء الانتخابات المقبلة وتهيئة المناخ لإعداد الدستور الجديد.

 

بدون هذه الحكومة، سنستمر نلف وندور فى نفس الدائرة المفرغة، نعانى من الفوضى وغياب الأمن، وانتشار العنف، وتفاقم الأزمات الاقتصادية، واستمرار المط والتطويل فى مسلسل محاكمة مبارك.. حتى نفاجأ ذات صباح باندلاع موجة عنف دامية، لن يعرف أحد أولها من آخرها!

 

 

mesmat@shorouknews.com

 

محمد عصمت كاتب صحفي