يسرى فودة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يسرى فودة

نشر فى : الثلاثاء 18 مارس 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 18 مارس 2014 - 8:00 ص

هو لون فريد من المذيعين، مفردة مستقلة، قد تتناقض مع ما يتسم به قطاع كبير من زملائه، فالبعض منهم يتجه نحو الاستحواذ على الشاشة، وسيلته، تقمص دور المفكر، العالم ببواطن الأمور، الحكيم، وثمة من يتعمد القيام بدور الناشط السياسى، الملتهب بالحماسة، فيهاجم، بلا هوادة، السيئين، أعداء الوطن. فى الحالتين، يأتى أداء المذيع، غالبا، على قدر كبير من المغالاة والتوتر، كأنه سيدخل حالا، معركة حياة أو موت. الكلمات لابد أن تكون طنانة، قاطعة.

تعبيرات الوجه تتغير وفق الانفعالات الحادة، لا تخلو من غضب وتحذير.. عندئذ، يكاد المذيع يتحول إلى ما يطلق عليه «وان مان شو»، أى رجل العرض الوحيد. أحيانا، يقتصر البرنامج عليه فقط، فيشبع المشاهدين وعظا وإرشادا وتوجيها، وتأنيبا، وتوبيخا إذا جاءت الفرصة.. وأحيانا، يتحول الضيف أو الضيوف، إلى كومبارس ناطق، الواحد منهم يقول جملة أو جملتين، ليسكته المذيع الذى يتحول إلى خبير استراتيجى وقاض. يحلل، يفسر، ثم يطلق الأحكام.

يسرى فودة، الراسخ، اكتشف أسلوبه وبلوره، برنامج بعد آخر، حتى وصل إلى «آخر كلام». أسلوبه، يتوافق مع شخصيته، فالواضح أنه، أصلا، من النوع الهادئ، المحتكم للعقل. عاطفته، قد تكون قوية، لكن، محسوبة بدقة، ترتسم على وجهه بصدق واقتصاد، يسير عليها ولا يجعلها تهيمن عليه.. فودة، يتعمد «تبريد الشاشة»، وذلك لإبراز سخونة الموضوع، فهو يرمى إلى تدعيم مشاركة المشاهد فى القضية التى يطرحها، وأن يفكر فيها، وينفعل بها. بعبارة أخرى، يتحاشى مذيعنا أن تغدو انفعالاته بديلا عن انفعالات المشاهد.. إنها الطريقة الأنسب مع القضايا التى يطرحها، التى ترصد ظواهر مهمة فى المجتمع. يحدد، بالصورة، والتقارير، مع الضيوف، معالمها. يعلق عليها بكلمات قليلة، واضحة المعانى، ينطقها بلغة عربية بسيطة، مكثفة، مختزلة، أقرب فى جزالتها من لغة الشعر.. وبالضرورة، يصبح الموضوع الذى يتعرض له، بأبعاده ودلالاته، هو بطل الحلقة.

فى واحدة من برامجه الأخيرة، قدم فودة حلقة تنويرية بديعة، عن المرأة المصرية، يستضيف فيها بعض بناتنا «الحكاءات»، الموهوبات، يسردن، بأداء خلاب، حكايات عن زمانهن، وبلادهن، بشجاعة، ومن دون تردد، يواجهن أغلال الصمت والرياء والقمع، وينزعن، بجرأة، أقنعة المجتمع المزيفة، ويواجهن، بعزيمة، انحطاط التحرش، وآفة الدعاوى الظلامية، المتسترة تحت اللحى، المطالبة بختان البنات، وهيمنة الرجال عليهن، وتزويجهن فى سن مبكرة.

البنات: عزة أبوالأنوار، نغم صالح، مرام محمد، ومعهن مدربهن محمد عبدالفتاح الشهير بـ«كالابالا»، جعلوا الحلقة تفيض بالضياء والبهجة.. لكن الإعداد، وطريقة يسرى فودة، ضاعف من قيمتها عدة مرات، وحولها، من مجرد حلقة متميزة، إلى عمل فنى مكتمل، ووثيقة تاريخية، اجتماعية، وأخلاقية. الحكايات، ممتعة فى حد ذاتها. الأهم، تلك الإشارة إلى أن مصر، فى ذيل قائمة الدول المهتمة بحقوق المرأة، برغم أن المرأة المصرية، حقيقة، لا تستحق الغبن الواقع عليها، ذلك أنها سعت إلى تحقيق ذاتها والارتقاء بمصر كلها، وفى المقدمة التى يقولها فودة، بطريقته الحميمة، المعتمدة على حقائق، يشير إلى دأب المرأة المصرية، فى تاريخنا الحديث، حيث حققت عزيزة أمير، سبق أن تكون أول مخرجة فى العالم، وصولا إلى هالة شكرالله، أول رئيسة حزب سياسى فى مصر.. هكذا، كما لو أن الحلقة، وهى تحتج على الوضع المظلم، الشائك، للبنت المصرية، لا يفوتها أن تفتح نوافذ الأمل، اعتمادا على وقائع التاريخ، ومعطيات الواقع، كما يثبتها، يسرى فودة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات