تعقيدات الحالة السورية - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعقيدات الحالة السورية

نشر فى : السبت 19 نوفمبر 2011 - 8:05 ص | آخر تحديث : السبت 19 نوفمبر 2011 - 8:05 ص

بغض النظر عما ارتكبته وترتكبه حكومة بشار الأسد من جرائم فى حق الشعب السورى، فقد جاء قرار الجامعة العربية بتعليق عضويتها بمثابة عقوبة مخففة.. سوف تقاومها سوريا بكل الوسائل الممكنة وتتحمل عواقبها على المدى الطويل. وما لم تتخذ هذه العقوبات غطاء دوليا، فسوف تفشل محاولات تدويل الأزمة السورية وربطها بالأزمة الإيرانية كما يريد الغرب وأمريكا.

 

لهذه الأسباب نرى كيف تصاعد المليشيات السورية وما يسمى «بالشبيحة» اعتداءاتها على المتظاهرين والدبلوماسيين، وعلى المقار والسفارات والقنصليات.. ضاربة عرض الحائط بالأعراف والقوانين الدولية، وتزداد يوميا أعداد الضحايا بدرجة مفزعة.

 

والمشكلة التى تواجه الدول العربية التى قررت تعليق علاقاتها مع سوريا، هى كيف سيكون بوسع الدول العربية حماية المدنيين السوريين؟ وما هى الآليات التى ستستخدم فى هذا المجال، مع مراعاة الأوضاع الإنسانية ودون أن يؤدى ذلك إلى تدويل الأزمة أو تدخل دولى كما حدث فى ليبيا؟

 

ومن هنا يكون من الحكمة الإبقاء على العلاقات بين مصر وسوريا. وهو ما سارت عليه كل من الجزائر والعراق والسودان ولبنان واليمن التى قررت عدم تعليق علاقاتها مع سوريا. وهو أيضا ما التزمت به روسيا والصين.

 

وعلى حين لم تتردد دول الخليج: السعودية والكويت وقطر والإمارات فى تطبيق قرار الجامعة وفضلت إعطاء سوريا مهلة ثلاثة أيام لكى تستجيب لقرارات الجامعة وتنفذ تعهداتها التى وافقت عليها لحل الأزمة، فإن موقف مصر الذى تميز بالحفاظ على شعرة معاوية فى العلاقات بين البلدين، سعى إلى عدم حشر سوريا فى عزلة غير مأمونة العواقب. ربما تسببت فى مزيد من العنف السورى، وفى انتهاج ردود فعل حادة لن يعانى منها غير الشعب السورى نفسه. ولن تؤدى إلى حل المشكلة بل تعقيدها، وقد تؤدى إلى تفكيك الدولة وانهيارها!

 

فى مقابل ذلك، تبدو السعودية على رأس الدول التى لا تكتفى بتعليق عضوية سوريا فى الجامعة، ولكنها تصر على ضرورة تخلى بشار الأسد عن السلطة. وتبدو السعودية فى ذلك متأثرة بموقفها من إيران. وهو أمر قد لا يكون بالبساطة التى يتصورها كثيرون، نظرا لما يترتب على إرغام الأسد على التخلى عن السلطة من نشوب صراع داخلى على السلطة بين طوائف الشعب السورى. ومن هنا فمازال أسلوب ممارسة الضغط وتصعيده من جانب تركيا وفرنسا وأمريكا هو الأسلوب الممكن.. فى ظل غياب آليات عربية بحتة لإجبار سوريا على تنفيذ تعهداتها بحماية المدنيين.

 

فى سياق هذه الظروف الملتبسة، تتكاثر الدلائل على أن ثمة محاولات خبيثة للإيقاع بين سوريا وأمانة الجامعة العربية، عن طريق تهديد أمينها العام بأن حياته معرضة للخطر فى ظل الجهود التى يبذلها لوقف القمع الدموى للمحتجين الذين يطالبون بوضع نهاية لحكم ظالم استمر 40 عاما، وتتردد أحاديث فى أروقة النظام السورى حول ضرورة تنفيذ عمليات نوعية فى الدول العربية التى ساندت قرار تعليق عضوية سوريا.. لتتحول سوريا بذلك إلى دولة مارقة وخارجة على القانون والأعراف الدولية.

 

حين تصل الأمور إلى هذه الدرجة، فإن رأس الدولة يكون قد بلغ مرحلة من «العدمية» تعيد إلى الأذهان تاريخ الاغتيالات التى تعرضت لها سوريا فى مرحلة سابقة من تاريخها. وهذا ما لا يستبعده كثيرون على شخصية مثل شخصية بشار الأسد. ويكاد يكون هذا هو نفس الحال مع على عبدالله صالح رئيس اليمن. فالعناد الذى يقود صاحبه إلى رفض كل الوسائل التى تساعده على الخروج من الأزمة، يقود صاحبه بغير شك إلى الجنون!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات