مفاجأة الرئيس - سامح فوزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 9:22 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

مفاجأة الرئيس

نشر فى : الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 - 7:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 - 7:45 م

هناك حالات عديدة فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى فيها مؤسسات الدولة، قبل أن يفاجئ المواطنين أنفسهم. فى 26 أكتوبر 2021 قرر الرئيس عدم مد حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ سنوات، لأن الدولة لم تعد بحاجة إلى فرض حالة الطوارئ بعد النجاحات الكبرى التى أحرزتها فى القضاء على الإرهاب. لم يكن هذا الأمر مطروحًا قبل قرار الرئيس، بل إن أعضاء مجلس النواب الذين أشادوا بتلك الخطوة المهمة، هم أنفسهم الذين كانوا فى طليعة المطالبين بتمديد حالة الطوارئ. وقبل ذلك، وجه الرئيس فى 6 نوفمبر 2018 بإعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية فى ضوء الانتقادات التى طالت القانون الذى صدر فى مايو 2017، ذلك التوجيه الذى أسفر عن صدور القانون الحالى رقم 149 لسنة 2019، والذى يُعد فى نظر كثيرين الأفضل بين القوانين المتعاقبة التى صدرت لتنظيم العمل الأهلى. مرة أخرى، فإن الذين دافعوا عن القانون السابق محل النقد، هم أنفسهم الذين رحبوا بالتوجيه الرئاسى بإعادة النظر فى بنوده. وقد تكرر هذا الأمر بصورة أو بأخرى فى قانون الإجراءات الجنائية منذ أسابيع.

ومنذ يومين فاجأ الرئيس السيسى مؤسسات الدولة، قبل المواطنين أنفسهم، بمفاجأة من العيار الثقيل، لم تحدث من قبل على هذا النحو، بشأن التجاوزات التى شهدتها المرحلة الأولى من الانتخابات، بما قد يتضمن إعادة الانتخابات برمتها، أو إعادتها فى بعض الدوائر التى ترى الهيئة الوطنية للانتخابات صحة الطعون المقدمة فيها. وقد أشاد -كالمعتاد- أطراف العملية السياسية، والأحزاب، ودوائر التأثير والنفوذ بتلك الخطوة المهمة، رغم أنه سبق لهم الإشادة بالعملية الانتخابية قبل بضعة أيام، ونفوا حدوث أية تجاوزات بها.

قد يعوزنى الوقت للحديث عن أوجه التغيير التى حدثت فى المجتمع المصرى نتيجة توجهات رئاسية، صريحة أو ضمنية، سبقت المجتمع، ولم تعبر عنها مؤسسات الدولة فى حينها، لكنها قامت بتنفيذها.

هل نستغرب الآن أن يتوجه الناس دائما إلى الرئيس بحثا عن حل لمشكلاتهم أو لرفع مظالم عنهم؟ هل تعذر على مؤسسات الدولة، وهى تضم كفاءات مهمة، سواء فى البرلمان أو الحكومة، أن تدرك أن قوات الجيش والشرطة استطاعت هزيمة الإرهاب، وبالتالى لم تعد هناك ضرورة لتمديد حالة الطوارئ، ولاسيما فى بلد يبحث ويشجع الاستثمارات الأجنبية؟ هل لم تصل انتقادات منظمات المجتمع المدنى بشأن قانون الجمعيات إلى دوائر الحكومة والبرلمان حتى تتجه تلقائيا إلى إعادة النظر فى القانون، لكنها وصلت إلى رئاسة الجمهورية، فصدر التوجيه بذلك؟ هل التجاوزات التى شابت العملية الانتخابية فى مرحلتها الأولى لم تكن واضحة للمعنيين بالأمر، رغم أن المواطنين أنفسهم صاروا متابعين للانتخابات من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، بينما وصلت إلى الرئاسة، وصدر التوجيه المشار إليه بإعادة الانتخابات فى الدوائر المطعون فيها، حتى لو استدعى الأمر إعادة الانتخابات برمتها؟

سوف يظل رئيس الجمهورية هو حجر الزاوية فى النظام السياسى المصرى، وهى ثقافة سياسية قديمة حديثة، لم تتغير، والمسألة ليست صلاحيات دستورية، بقدر ما هو ثقل سياسى تاريخى، يجعل مؤسسات الدولة تسير فى ظل توجهات الرئاسة، حتى وإن كان لها وضعها المتميز أو المستقل. تلك هى الثقافة السياسية المصرية منذ القديم، ولكن حتى يتطور المجتمع سياسيا وثقافيا واقتصاديا، ينبغى أن تكون هناك مؤسسات قوية تضطلع بمهامها الدستورية، ولعل هذا ما فهمته من توجيهات الرئيس السيسى بشأن الانتخابات البرلمانية الحالية، فقد طالب بالتعبير عن إرادة الناخبين الحقيقية فى أجواء من النزاهة، حتى يأتى مجلس نواب خاليًا من الطعون، وهو شرط مبدئى بديهى حتى يقوم بدوره، ويمارس صلاحيته، استنادا إلى إرادة شعبية، وثقة فى عيون الناس.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات