تنويم مغناطيسى جماعى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تنويم مغناطيسى جماعى

نشر فى : الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 8:05 ص

لم يخرج الرأى العام بشىء مفيد من لقاء الساعات العشر الذى جمع بين المجلس العسكرى والقيادات الحزبية لـ47 من الأحزاب والقوى السياسية. وكان الظن أن يحسم هذا الاجتماع الموقف من قضية الانتخابات القادمة ويخرج برؤية موحدة أو بأرضية مشتركة حول خريطة الطريق والجدول الزمنى للانتخابات وإعداد دستور جديد للبلاد وانتخاب رئيس للجمهورية!

 

ولم يكن متوقعا فى كل الأحوال أن يتفق 47 قياديا حزبيا، بعضهم يمثلون أحزابا من الفلول لا يعرف أحد عنهم شيئا، والبعض الآخر قيادات لأحزاب لم تتشكل بعد ومازالت على الورق، على رؤية واضحة محددة للفترة القادمة. وقد أوشك صبر الناس أن ينفد. وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أنها تقدمت باقتراحات لدعوة الناخبين للترشيح يوم 26 سبتمبر، أى بعد أيام قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة!

 

وحين تصف وسائل الإعلام نتائج الاجتماع بأنها يشوبها الغموض، فلابد أن نفهم أن القيادات السياسية التى أنيط بها الاتفاق على خطوات محددة، لم ينجح فى الاتفاق على الحد الأدنى من أى شىء.. فالبعض يصر على إجراء الانتخابات فى موعدها دون تأخير، بل إن جماعة منهم استخدمت نبرة التهديد لو تأخر موعدها يوما واحدا، والبعض الآخر يرى أن الوضع الراهن لا يسمح بإجراء الانتخابات فورا.. وأن الحاجة ملحة لإطالة المدى الزمنى المحدد لإجراء الانتخابات حتى يتم الاستعداد لها من جانب جميع القوى. كما أن الخلاف مازال محتدما حول الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة، أو الانتخابات بالطريقة الفردية. وببساطة شديدة فإن ما جرى ويجرى من مناقشات لم تزد الشعب المصرى إلا عماء وتضليلا. وحين تجرى الانتخابات ــ لو أجريت ــ فسوف يبحث الناخب العادى عن مرشحه القديم الذى اعتاد عليه. ولم تحقق الثورة ما استهدفته من تغييرات جذرية فى النظام وفى السلطات التشريعية والبرلمانية. وقد يحتاج الناخب إلى دروس خصوصية لفهم قواعد العملية الانتخابية وطريقة التصويت للمرشح فى القائمة النسبية أو فى القائمة الفردية!

 

لم يبق على فتح باب الترشيح غير أيام معدودات، على أن تجرى انتخابات مجلس الشعب يوم 22 نوفمبر وانتخابات الشورى بعدها بشهرين أى فى 22 يناير. وفى غضون ستة أشهر يجرى وضع الدستور الدائم ثم انتخابات الرياسة مع منتصف العام القادم. ومعنى ذلك أن المجلس سيبقى فى السلطة حتى ذلك الحين. وهو ما يثير شكوك الكثيرين المرشحين المحتملين للرئاسة.

 

نحن إذن بصدد الدخول فى مرحلة سباق ساخن مروعة، لا نعرف شروطها وقواعدها على وجه التحديد حتى الآن.. وهو ما يمكن أن يتسبب فى وقوع مصادمات غير محسوبة بين المرشحين.

 

وإذا صح ما نشرته بعض الصحف (الأهرام) عن الثرى الذى استأجر 150 شخصا من البلطجية للهجوم على السفارة الإسرائيلية يوم الجمعة الماضى، وأنه أنفق مبالغ مالية تراوحت بين 5 و11 ألف جنيه لكل شخص لمهاجمة السفارة وإثارة الفوضى.. ووضع عددا من سيارات الأتوبيس تحت تصرف البلطجية لنقلهم من ميدان الرماية أو من مزرعة خاصة على الطريق الصحراوى إلى ميدان جامعة القاهرة.. فلابد أن تكون مصر بمؤسساتها ومسئوليها قد تعرضت لتنويم مغناطيسى جماعى.. وأخشى ما نخشاه ألا تكون قد استيقظت منه حتى الآن!! وأن تتكرر هذه القصة على نطاق واسع!

 

فالثابت أن عناصر الفوضى الهائمة فى المجتمع قد تغلغت واستفحلت بدرجة غير مسبوقة ولا أحد يدرى ماذا يمكن للناس أن تفعله فى مرحلة الانتخابات.. وهى لا تحمل تصورات محددة للمستقبل، ولا تمثل لها قوانين الانتخابات الجديدة شيئا مفهوما. كما أن الأحزاب السياسية ــ قديمها وجديدها ــ لم تهتم حتى الآن بتقديم برامجها وكوادرها وأفكارها عن إصلاح التعليم والضرائب والأجور وغيرها. وللأسف فإن عناصر الشباب التى قامت بالثورة تفرقت، فلم يعد لها وجود إلا فى مليونيات ميدان التحرير وتحركاته الاحتجاجية ضد قوانين الطوارئ أو إغلاق الجزيرة مباشر!

 

وقد تجاهل المجلس العسكرى دعوة ممثليهم للاجتماع الأخير. وإن كانوا هم أحق بحضوره من أكثر من نصف القيادات الحزبية التى شاركت!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات