أعذَرَ من أنذر - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أعذَرَ من أنذر

نشر فى : الأحد 20 ديسمبر 2009 - 3:54 م | آخر تحديث : الأحد 20 ديسمبر 2009 - 3:54 م

 وكل إللى فات كان ينفع؟ الحقيقة سؤال من هذا النوع لابد أن نطرحه على أنفسنا بعد أن اجتاحتنا فجأة حملات إلكترونية وإعلانية يدفع فيها البعض أموالا من جيوبهم ليعطونا دروسا فى الوطنية، بشرط أن تكون على مقاسهم فإذا أرادوها (xl) فلتكن كذلك، وإذا رأوا أن تكون (S) فلا بأس.

فإذا كان مواطن مصرى تكبد أموالا ثمنا لإعلان مدفوع الأجر بجريدة الدستور أمس الأول ليقول لنا بكلمات وطنية مؤثرة من عينة «لازم ندين ونرفض بيع محمولنا لغيرنا»، «إذا أخذتم (يقصد الأجانب) حصة حاكمة غصب عنا سنبدأ فى حملة قومية شعبية لتحويل اشتراكاتنا إلى شركة محمول أخرى». وعلى طريقة لقد أعذر من أنذر يهدد هذا المواطن الأجانب باسم 20 مليون مشترك فى شركة موبينيل بأن هذا الوضع «ماينفعش».

إذا كان الأمر وصل إلى أن المواطنين العاديين قد قرروا أن ينفقوا من جيوبهم الخاصة على حملات وطنية لا تبغى الدفاع عن رجل أعمال مصرى، كما ادعى المواطن فى إعلانه المدفوع الأجر مقدما بل سعيا، كما يقول، إلى حماية حقوق وأملاك المصريين فلابد أن نعير الأمر كثيرا من الاهتمام.

فإذا كان هذا المواطن مهتما بحقوق المصريين (فقط) دون الاهتمام برجل الأعمال للدرجة التى تدفعه للصرف على حماية هذه الحقوق، فلابد أن نعترف له أن المصريين أفتقدوه كثيرا عندما كان الأجانب يحصلون على حصة حاكمة فى الجهاز المصرفى، الذى هو عصب أى نشاط اقتصادى فى كل دول العالم، ولم تشغله هذه القضية على الإطلاق.

فقد سيطر الأجانب خلال السنوات الماضية ليس على شركة للتليفون ولكن على أكثر من 30% من السوق المصرفية فى مصر، بعد أن تم بيع بنك الإسكندرية لبنك سان باولو الإيطالى فى عام 2006. وكانت هذه النسبة مرشحة للزيادة إذا ما سارت صفقة بيع بنك القاهرة إلى آخرها كما أرادتها الحكومة وتم بيع البنك فى عام 2007 لكانت هذه النسبة قد وصلت إلى ما يقارب 40%.

ولكن ربما جاءت ظروف السوق العالمية فى صالح مثل هذا المواطن الذى لا يحب أن يحصل الأجانب على حصص حاكمة فى المؤسسات المصرية، لذلك لم تصل أسعار عروض شراء البنك إلى السعر المناسب فتم تأجيل الصفقة، وربما عادت إليها الحكومة عند أول «زنقة مالية» تصادفها.

وبنظرة بسيطة لحجم الودائع فى البنوك المصرية يمكن أن نعرف أن هذا المواطن المهتم بشركة المحمول، بالنيابة عن الملايين من المواطنين من حاملى التليفون، كان عليه أن يهتم ببيع الحصص الحاكمة فى البنوك أكثر بكثير بعد أن وصلت الودائع البنكية إلى ما يزيد على 800 مليار جنيه.

خاصة أن حصص الأجانب فى البنوك آخذه فى التزايد يوما بعد يوم ليس عن طريق بيع البنوك العامة، ولكن عن طريق بيع حصص البنوك العامة فى البنوك المشتركة للأجانب لينسحب المال العام تدريجيا ويحل محله الأجانب دون أن ينزعج أحد أو ينشر أحدهم إعلانا مدفوع الأجر يقول «ماينفعش».

ويبدو أن هذا المواطن الخائف من أن يستحوذ الأجانب على حصة حاكمة فى شركة التليفون كان معارا للخارج أو مسافرا بعيدا عن مصر عندما بيعت كل شركات الأسمنت إلى الأجانب، ولم يبق لدينا سوى شركة يتيمة واحدة مصرية. وأخيرا وليس آخرا بيعت الشركة الوحيدة التى كانت تنتج كربونات الصوديوم داخل مصر إلى شركة أجنبية. وبينهم بيعت الأسمدة والفنادق والمتاجر والأراضى والموانئ.

وهذا لايحمل بالطبع دفاعا منى عن سيطرة الأجانب على أى قطاع داخل الاقتصاد المصرى ولكن كل ما فى الأمر ألا نخلط بين الوطنية وصراعات رأس المال. فإذا أراد فريق أن يقف مع رجل الأعمال نجيب ساويرس أو غيره فليقف، هذا حقه تماما، ولكن دون أن نقنع الناس أن القضية تتعلق بالوطنية وحب مصر وترابها، والتمسك بحقوق المصريين فهذا استخفاف بعقول الناس «ماينفعش».

وهو كان ينفع السكوت على سيطرة الأجانب على البنوك والفنادق والأسمنت والأسمدة والمتاجر والأراضى؟ أما وقد اكتشفنا أن هناك مواطنين على استعداد لدفع أموال من جيوبهم للدفاع عن حقوق المصريين إلى هذا الحد، فيجب أن نوجه الدعوة لهؤلاء لكى يستعدوا من الآن بمدخرات تكفى للدفاع عن السكك الحديدية، ومترو الأنفاق، وميدان عبدالمنعم رياض، وبحيرة ناصر من باب الاحتياط.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات